كثفت الأوساط الاقتصادية الأردنية ضغوطها على الحكومة لتوسيع مشاركة القطاع الخاص من أجل تجاوز مشكلة البطالة المزمنة وتمكينه من مواجهة المشاكل والتحديات التي تقف أمام استمرارية واستدامة نشاطه. ويطالب الخبراء بالإسراع في بناء استراتيجية شاملة تقودها الشركات الخاصة للحد من معدل البطالة الذي ارتفعت نسبته خلال العام الماضي إلى 23.2 في المئة كما تشير إلى ذلك آخر الإحصائيات الرسمية. ويحتاج القطاع الخاص، كي يتمكن من استيعاب المزيد من فرص العمل، إلى تحقيق النمو المطلوب عبر تخفيض كلف ممارسة الأعمال وتطوير وتعزيز البيئة الاستثمارية. نائل الكباريتي: يجب تغيير النهج المتبع والتعامل مع هذه الأزمة باحترافية كما يتطلب تحقيق ذلك تخفيف الإجراءات البيروقراطية وفتح قنوات تسويقية أمام المنتجات المحلية، إضافة إلى التركيز على التدريب المهني وبما يتناسب من متطلبات سوق العمل. وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قد وجه الحكومة مؤخرا باعتماد رؤية شاملة وخارطة طريق محكمة للسنوات المقبلة، تضمن إطلاق الإمكانيات لتحقيق النمو المستدام الذي يكفل مضاعفة فرص العمل المتاحة وتوسيع الطبقة الوسطى ورفع مستوى معيشة الناس. ويرى رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي أن القطاع العام لم يعد قادراً اليوم على توفير فرص عمل كافية للخريجين ولذلك فإن القطاع الخاص له دور محوري في إنعاش سوق العمل. ونسبت وكالة الأنباء الأردنية إلى الكباريتي قوله إن “استيعاب القطاع الخاص لأعداد جديدة من فرص العمل يحتاج إلى نمو اقتصادي يكون له تأثير واضح وملموس، وآليات وطرق للتنمية”. وأوضح أن التنمية تتم من خلال محورين، أولهما التشريعات والأنظمة التي تعمل على رفع مستوى النمو وتوفر بيئة استثمارية مناسبة، وتشمل القرارات المتعلقة بالسلة الضريبية مثل تخفيض ضريبية الإقراض لتساعد في عملية ضخ السيولة. أما المحور الثاني فيتعلق، حسب رأيه، بتغيير النهج المتبع والتعامل مع الأزمة باحترافية وليس بطريقة مزاجية، وهو ما سيخفض معدلات البطالة المرتفعة. وتعطي المطالبة بمراجعة شاملة لهذا المجال دليلا على ضعف الجدوى الاقتصادية للخطط الحالية والذي من المرجح أن يدفع الحكومة إلى إعادة التقييم والبحث عن حلول أخرى ذات جدوى تحسّن مناخ الأعمال كما هو الحال مع العديد من الدول العربية. وتفطنت العديد من الحكومات، وخاصة الخليجية الغنية بالنفط، إلى مدى أهمية تسليم مفاتيح التنمية إلى القطاع الخاص خاصة بعد الأزمة التي ظهرت في أسواق الخام خلال منتصف 2014. كما أن مصر والمغرب شرعا في توسيع المبادرات من هذا النوع حتى تدعم مستويات ازدهار اقتصاديهما، بينما وجدت دول أخرى، من بينها تونس والسودان، نفسها في سباق مع الزمن من أجل اعتماد هذا الأسلوب لتقليص أعداد العاطلين عن العمل. موسى الساكت: التمويل الخارجي المخصص للتشغيل علاج مؤقت ولن يستمر ويعتقد رئيس لجنة العمل والتنمية الاجتماعية والسكان في البرلمان حسين الحراسيس أن توفير البرامج التشجيعية والتحفيزية، مثل ربط التشغيل بفاتورتي الطاقة والضمان الاجتماعي، سيكون أمرا أساسيا في توفير فرص عمل للشباب. وأكد على أهمية التركيز على تمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة بتقديم الإعفاءات المناسبة لمدة زمنية معينة مقابل التشغيل، وتفعيل دور هيئات وصناديق التشغيل المحلية. وشدد الحراسيس على ضرورة توجيه المنح المقدمة للأردن إلى دعم وتمكين هذه المشاريع وتوفير القروض الميسرة لها، كونها تعد بوابة لمحاربة البطالة. وخلال العقد الماضي كان القطاع الخاص مسؤولا عن استحداث الوظائف أكثر من القطاع العام، ولكن دوره بدأ يتقهقر بسبب تراكم الأزمات وغياب سياسة إصلاحية واضحة المعالم. ويؤكد الخبير الاقتصادي موسى الساكت أن تمكين القطاع الخاص يأتي بداية من تخفيض كلف ممارسة الأعمال المرتفعة من حيث الطاقة والتمويل والنقل لقطاعات الصناعة والزراعة والسياحة وأيضا الفنادق. واعتبر أن تكاليف ممارسة الأعمال وضعت أعباء كبيرة على القطاع الخاص قبل وبعد الجائحة رغم أن برامج الضمان الاجتماعي مثل “الاستدامة والتعافي” ساعدت عددا كبيرا من العمال والموظفين في المحافظة على وظائفهم. وقال الساكت إن “برامج التمويل الخارجية التي تهدف إلى التشغيل هي علاج مؤقت ولن تستمر، لذلك فإن استحداث الوظائف يأتي من خلال تخفيض كلف ممارسة الأعمال على مختلف القطاعات”.
مشاركة :