اعتبرت وكالة الطاقة الدولية أن الوضع الحالي للسوق العالمية للغاز بمثابة تذكير صارخ للبلدان المستهلكة بأهمية تنفيذ وتحديث أمن مجموعات أدوات الإمداد، بما في ذلك سياسات حماية المستهلكين وتحسين استخدام البنية التحتية للغاز وخاصة التخزين. وقالت الوكالة في تقرير الاثنين إنه “بافتراض تسجيل درجات حرارة عادية، من المرجح أن يتباطأ نمو سوق الغاز مع ارتفاع الأسعار وضعف النمو العالمي بينما سيتراجع الضغط على العرض مع العودة التدريجية للقدرات بعد أن كانت متوقفة”. وبلغ نمو التجارة العالمية لهذه السلعة ستة في المئة بنهاية العام الماضي، مقابل واحد في المئة في العام الأسبق، لكنه تباطأ إلى 4 في المئة في يناير الماضي. ويتوقع خبراء الوكالة أن يبلغ متوسط الأسعار الفورية لسوقيْ أوروبا وآسيا 26 و27 دولاراً على التوالي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وكلاهما متوسط سنوي هو الأعلى على الإطلاق. بيل فارين - برايس: ما نلاحظه من تذبذب قد يشكل تحديا كبيرا من ناحية الأسعار ولئن كان من المرتقب أن تنخفض الأسعار خلال النصف الثاني من العام الجاري مع تحسن توافر المعروض، فإنها ستبقى أعلى بكثير من المتوسطات التاريخية لكلا السوقين. لكن خبراء الوكالة يرجحون أن يبقى متوسط السعر في الولايات المتحدة قريبا من معدلات العام الماضي، أي بحدود 4 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وحتى الآن لم يواكب العرض وتيرة الطلب؛ الأمر الذي أدى، إلى جانب الانقطاعات غير المتوقعة، إلى ضيق الأسواق والزيادات الحادة في الأسعار في أوروبا وبعض دول الشرق الأوسط. وفي ظل الضغوط المستمرة على السوق سيصل الطلب العالمي على الغاز إلى أكثر من نحو 4.1 تريليون متر مكعب بنهاية العام الجاري، أي بزيادة متواضعة عن العام الماضي تعادل 0.9 في المئة. ومن المرجح أن يبلغ الإنتاج العالمي من الغاز نحو 4.2 تريليون متر مكعب أي بزيادة تقدر بنحو 1.6 في المئة على أساس سنوي. وخلال العام الماضي واصلت أميركا الشمالية قيادة النمو بزيادة 51 في المئة بينما ظلّت عمليات التسليم من قطر وروسيا مستقرة إلى حد كبير عند مستويات مرتفعة. وبينما سجلت مصر زيادة بأكثر من أربعة أضعاف في صادرات الغاز الطبيعي المسال بفضل استئناف العمل في محطة دمياط، كان نمو صادرات الغاز من الشرق الأوسط قويا إذ بلغ 11 في المئة، بفضل دخول محطة الزور الجديدة في الكويت إلى الخدمة. وكبح تفشي الجائحة منذ مارس 2020 شهية صناعة الغاز العالمية حيث فضلت العديد من شركات الطاقة تأجيل بعض المشاريع إلى حين اتضاح الرؤية وحتى لا تتكبد خسائر قد تفقدها التوازن في السوق. وتقول الوكالة إن العرض لم يكن قادراً على مواكبة الانتعاش الاقتصادي بعد تخفيف قيود الإغلاق في العديد من مناطق العالم، وأدت الصعوبات الفنية لدى بعض المنتجين إلى حدوث توتر في السوق أدى إلى ارتفاع الأسعار. واتبعت أسعار الغاز الطبيعي التغيرات في درجات الحرارة طيلة الأسابيع الأخيرة؛ إذ أن احتياج الزبائن، سواء كانوا سكانا أو تجارا، إلى التدفئة عزز الطلب على الغاز ضمن الأسواق الرئيسية في نصف الكرة الشمالي. وفي الوقت نفسه يتفاقم تأثير الظروف الجوية بسبب حالة السوق شديدة الصرامة في أوروبا، مما يؤدي إلى مستويات قصوى من تقلب الأسعار. وأدت درجات الحرارة المعتدلة، جنبا إلى جنب مع ارتفاع تدفق الغاز الطبيعي المسال، إلى تعديل الأسعار الأوروبية في بداية هذا العام ولكن كل علامة جديدة على برودة الطقس أو تشديد العرض تؤدي إلى زيادة الأسعار بسرعة. وارتفعت أسعار الغاز خلال العام الماضي بنحو 280 في المئة في أوروبا، وبأكثر من الضعف في الولايات المتحدة جراء عدة عوامل منها انخفاض مستويات التخزين وأسعار الكربون وانخفاض الإمدادات الروسية. وفي العام الماضي رفعت مورغان ستانلي توقعاتها لأسعار الغاز على المدى الطويل إلى نحو 10 دولارات لكل مليون متر وحدة حرارية بريطانية. وكالة الطاقة الدولية: من المرجح تباطؤ زخم سوق الغاز مع ضعف النمو العالمي ويقول محللو ستانلي إن هناك حاجة إلى إنتاج 73 مليون طن على الأقل سنويا من المشاريع الجديدة لتلبية الطلب بنهاية العقد الحالي، وسيتطلب هذا 65 مليار دولار إضافية من المشاريع الجديدة، إضافة إلى 200 مليار دولار من المشاريع قيد الإنشاء. ويرى بيل فارين - برايس المدير في شركة الأبحاث إنفيروس أنه سيتعين على المستهلكين الأوروبيين الذين يواجهون بالفعل ارتفاعا قياسيا في أسعار الغاز دفع تكلفة أعلى، مشيرا إلى أن “الأمر قد يشكل تحديا كبيرا من ناحية السعر”. وأكد أن أي نقص في الغاز الأوروبي سيمتد وسيكون له تأثير على سوق الغاز الطبيعي المسال الآسيوي أيضا. ولا تقتصر الآثار على أوروبا، حيث تعاني الأسواق في جميع أنحاء العالم من العواقب المؤلمة لارتفاع أسعار الغاز. وتعد الاقتصادات الناشئة ضعيفة بشكل خاص، وتعاني بالفعل من انقطاع التيار الكهربائي وتدمير الطلب الصناعي ومشاكل محتملة تتعلق بالإمدادات الغذائية في غياب الأسمدة القائمة على الغاز بأسعار معقولة. وعلى عكس أسواق العالم الأُخرى يتوقع أن يتسارع نمو الطلب عام 2022 في آسيا إلى نحو 8 في المئة، على خلفية النمو القوي للناتج المحلي الإجمالي وتوسيع البنية التحتية وزيادة الإنتاج المحلي الأقل تكلفة من الغاز المستورد، بالإضافة إلى بيئة السياسات الداعمة. وقادت الصين نمو واردات الغاز المسال في آسيا خلال العام الماضي، حيث ارتفعت وارداتها بواقع 17 في المئة بمقارنة سنوية، متجاوزة اليابان لأول مرة كأكبر مستورد في العالم.
مشاركة :