يقال إن اللوحة تشكل الكادر الإلهامي لأي فنان تشكيلي، في حدود هذا الكادر يضع الفنان جل خبراته ورؤاه ويعبر عن توجهاته وكذلك مدرسته الفنية. ولكن في فن الغرافيتي، يبدو الوضع مختلفاً، حيث يتحرر فيه الفنان من حدود كادر اللوحة، لتصبح حدوده الشارع أو الجدار، وكلما اتسع الجدار زادت معه مساحة الإلهام ومعها هامش الحرية وكبرت الفكرة أكثر، ذلك ما يمكن أن تتلمسه في جدارية التنوع النيوزيلندية التي أبدعها ثلة من أشهر فناني الغرافيتي في نيوزيلندا. والذين حطوا رحالهم في حديقة الفرسان بمعرض إكسبو 2020 دبي، بعد أن قطعوا رحلة طويلة المدى، وقد توسدوا الفرشاة وعلب الرذاذ الصغيرة، ليجسدوا عبر جداريتهم حقيقة التنوع الثقافي والفني والمجتمعي في بلدهم، لتكون هذه الجدارية أجمل هدية من نيوزيلندا إلى العالم، بمناسبة يومها الوطني الذي تحتفل به في معرض إكسبو 2020 دبي. على طول 20 متراً، تمددت جدارية التنوع النيوزيلندية، التي تعكس ألوانها صورة الناس والمكان والطبيعة أيضاً، لتبدو تجسيداً لواقع نيوزيلندا وتنوعها الثقافي والفني المختلف، وتحت ظلالها اجتمع خمسة من فناني الشوارع، الذين تعودوا إطلاق العنان لمواهبهم، وترجمتها عبر مجموعة الخطوط والألوان التي تعكس أفكارهم، من بينهم الفنان غاري يونغ، وهو من أصول صينية ماليزية، كبر وترعرع في أحضان أرض نيوزيلندا، ونجح في ترك بصمة لافتة في ذاكرة عشاق الغرافيتي. غاري الذي يقيم حالياً في دبي، يمتاز بكونه فناناً ينتمي إلى المدرسة الواقعية وهو ما تجلى في الجزء الخاص به داخل الجدارية، وله أعمال تجريدية أخرى وهو ما مكنه من ابتكار مزيج من الأنماط المرئية الجديدة. غاري وفق تعبيره لـ «البيان» يعشق العمل الجماعي وفكرة التعاون مع الآخرين، ويقول: «لطالما راودتني هذه الفكرة، حيث أشعر بأنها تساعدني على تعزيز خبراتي الفنية، وهو ما تجسد عبر هذه الجدارية التي أنجزناها في معرض إكسبو 2020 دبي، والتي سعينا من خلالها إلى نقل صورة حقيقية عن واقع نيوزيلندا». على الطرف الآخر، يقف الفنان كايرو برادلي، الذي يعد واحداً من أشهر فناني الشوارع عالمياً. حيث خبرته تتجاوز حاجز العقدين، صرفها في فن الغرافيتي، وخلالها مثّل بلاده نيوزيلندا في العديد من المحافل الدولية ومن بينها استراليا، ويشاركهما الشغف الفنان ارنست برادلي وهو من أصل ساموا، بدأ شغفه بالفنون منذ سنوات طوال، ولكنه قرر التفرغ له تماماً قبل نحو عامين، وهو ما ساعده في التمكن من الفنون على اختلاف أشكالها، حيث يسير ارنست في ذلك على خطى والده الذي ذاب حباً في الفنون. من خلال الجدارية تشعر بمدى الشغف الذي يعتمر قلب ارنست، حيث تمثل أعماله بشكل خاص سنوات الاستكشاف ورغبته في امتلاك لغة بصرية تمثل ماضيه وحاضره. حيث يعتمد في خطواته الفنية على إرث الماوري الفني. وعلى الخط ذاته سارت الفنانة ايفا فيومانا التي تطل للمرة الأولى على الملأ، لتكشف عن موهبتها في فن الغرافيتي، وهو ما انسحب أيضاً على الفنان ابيلو جون كروتش الذي تولى إنجاز جزء جيد من الجدارية النيوزيلندية، والتي يرى أنها تعبر تماماً عن التنوع الاجتماعي والإنساني في نيوزيلندا. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :