أخلاقيات الإعلام.. و «حُرَّاس الفضيلة»

  • 2/2/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو لي أننا بدأنا كإعلاميين عرب بفقدان البوصلة بين المفاهيم المختلفة، لدرجة أصبحنا معها نشعر بالتردد والحرج، بل وحتى الخشية من التعرض للتنمر من بعضنا البعض عند حديثنا عن شأن ما يتعلق بأخلاقيات الإعلام.. هذا الشأن الذي درسناه كمتطلب أساسي للتخصص في كليات الصحافة والإعلام في جامعاتنا وفي الجامعات الغربية على حدٍّ سواء، وحرصنا على ممارسته والزهو به مهنيا وعمليا. أنا هنا أتحدث تحديداً عن الفيلم المثير للجدل (أصدقاء ولا أعز)، أو بالأصح عن استماتة بعض الإعلاميين العرب في الدفاع عنه وتصويره بأنه عمل فريد وشجاع، ويعكس واقع لا بد أن نراه ونعترف به، ووصف من انتقده بأنه رجعي.. منافق.. مستشرف.. أو كما قال البعض: «متقمص لدور حراس الفضيلة»!. المؤيدون للفيلم استندوا على عدد من الأمور منها: أنه تناول واقعاً في مجتمعاتنا لم يعد بالإمكان إنكاره، فهل حقا يا تُرى أصبح في عالمنا العربي أبًّا يسمح لابنته -ذات السبعة عشر عاماً- أن تنام في بيت عشيقها بحجة أنها أصبحت كبيرة وعاقلة؟!. هل فعلا يوجد مجتمع عربي فيه زوج يقبل خيانة زوجته له مع صديقه، أو حتى تكوينها علاقات عاطفية «افتراضية» عبر شبكات التواصل الاجتماعي؟!. هل أصبح الشذوذ في المجتمعات العربية واقعًا ينبغي قبوله والتعاطف معه بهذه البساطة، كما تم تصويره في الفيلم؟!. جميع هذه الأسئلة يمكن نقاشها من جانب أخلاقي بشكل عام، لكني آثرت النظر إليها من جانب مهني إعلامي، في محاولة منِّي لفهم هذا المنطق الإعلامي الجديد، وإلى أين يريد الوصول.. وأول سؤال يخطر على بالي بهذا الصدد هو: لماذا تم اختيار هذا الفيلم تحديدا واستنساخه من الفيلم الإيطالي Perfetti Sconosciuti رغم وجود مئات بل آلاف الأفلام الغربية الأخرى الأفضل من كافة النواحي؟!. السبب الرئيسي الأول في رأيي تجاري، حيث حقق الفيلم نجاحًا ماديًا مغريًا، وأُعيد إنتاجه بلغاتٍ عديدة في أكثر من 20 بلد حول العالم، وهو من ناحية أخرى بالنسبة لنتفليكس يخدم هدفًا أساسيًا آخر لا يخفى على أحد، وهو نشر وتطبيع الشذوذ في جميع أنحاء العالم، وبشكلٍ خاص في المجتمعات العربية المعروفة بأنها مجتمعات محافظة. ردَّدتُ كثيراً -من قبل- بحزنٍ بأن الإعلام العربي يفتقد لعنصر الإبداع والابتكار، ويعتمد بدرجةٍ كبيرة على استنساخ البرامج والمسلسلات والأفكار الغربية.. لكن ذلك الحزن يعتبر قطرة من بحر الحزن الذي ينبغي علينا جميعاً أن نشعر به لرؤية بعض ذلك الإعلام يصبح «نتفلكسيًا» أكثر من نتفليكس نفسها.

مشاركة :