الحكومة التونسية أمام تحدي الاتفاق مع الجهات المانحة لاحتواء الأزمات الاجتماعية

  • 2/2/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

وجدت الحكومة التونسية نفسها أمام تحدي التوصل إلى اتفاق مع الجهات الدولية المانحة لتمكينها من قروض لمواجهة الأزمات المالية والاجتماعية المتفاقمة، في ظل صعوبات تعبئة الموارد، في وقت يطالب فيه صندوق النقد الدولي بضرورة إجراء إصلاحات عاجلة تتعلق أساسا بالمؤسسات العمومية ومراجعة الدعم. ووصف أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي الأزمة المالية التي تعيشها تونس بالخانقة، مؤكدا وجود تخوفات من عدم قدرة الحكومة على تعبئة الموارد، بما فيها الموارد الداخلية. وعلّق المتحدث على إقراض البريد التونسي للدولة سبعة مليارات دينار لخلاص رواتب التونسيين، مبينا أنه إجراء معمول به، لكنه يخلق حاليا انعداما للثقة في صفوف التونسيين من أصحاب حسابات الادخار، قائلا إن “تأخر صرف الرواتب يدل على صعوبات الحكومة في تعبئة الموارد”. وتابع الشكندالي “الوضعية الحالية للمالية العمومية ستكون أسوأ بكثير جدا إذا لم تتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي”، مبينا أن الاتفاق يجب أن يُمضى قبل موفى شهر مارس القادم. حسين الديماسي: الإصلاحات ضرورية وهناك مخاوف من تفاقم الأزمات وأوضح الشكندالي أن كل المؤشرات تبين أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق مع الصندوق، وأن الدولة تخطت العتبات الحمراء من حيث الاقتراض من البنك المركزي التونسي، محذرا في هذا السياق من السيناريو اللبناني. ويرى خبراء المالية أن المراجعات كانت ضرورة ملحة منذ إجراءات الخامس والعشرين من يوليو، لتجاوز التراكمات الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها الحكومات المتعاقبة. وأفاد وزير المالية الأسبق حسين الديماسي بأن "الحوار مع صندوق النقد الدولي انقطع الآن، ومن المستبعد أن يعود لإقراض تونس. البلاد منذ مدة طويلة تلتجئ إلى الصندوق ولم تستجب للإصلاحات التي طالب بها". وأضاف لـ”العرب”، "كان من المفروض أن تتم الإصلاحات منذ قرارات الخامس والعشرين من يوليو، وكانت هنالك فرصة لإعادة النظر في كل الأخطاء التي ارتكبت في السنوات العشر الماضية وتجنب تفاقم الأزمات”. وتابع الديماسي "لا نزال نعتمد على القروض، والآن تم الترفيع في أسعار المحروقات، وكان من الضروري أن تتم هدنة بين مختلف الأطراف، وهناك مخاوف من تفاقم الأزمات الاجتماعية، وعلينا فتح ملفات الفساد المالي والخروج من هذه الحلقة المفرغة”. وأصدرت كل من وزارتي الصناعة والمناجم والطاقة والتجارة وتنمية الصادرات بلاغا مشتركا، تعلمان من خلاله أنه في إطار برنامج تعديل أسعار المواد البترولية المعتمد ضمن ميزانية الدولة لسنة 2022، سيتم ابتداء من بداية فبراير إجراء تعديل جزئي في أسعار البيع للعموم لبعض المواد البترولية. وقال إسكندر السلامي، المستشار الجبائي ورئيس الجمعية التونسية للحوكمة الجبائية، إن “الدفع نحو حلول مع صندوق النقد الدولي يمكّن من معرفة الأطراف التي تريد الاقتراض، وبعد 2011 لجأت كل الحكومات إلى الاقتراض وأوصلت البلاد إلى مديونة غير مسبوقة وأزمات مالية خانقة”. وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “هذه الأفكار لا تقدم حلولا، بل هي خطوات على حساب الاستثمار، والحكومات لا تكترث لتراجع الاقتصاد الذي شهد انكماشا، خصوصا بعد أزمة جائحة كورونا”. إسكندر السلامي: هناك ديون لدى الأشخاص الذين استولوا على المال العام وأردف السلامي “القضاء عليه أن يسرّع التحقيق في القضايا الجمركية والعقارية، والأحكام المتعلقة بالقضايا والديون الجبائية”، لافتا إلى أن “الدولة لديها موارد ديون لدى المؤسسات والأشخاص الذين استولوا على المال العام والخطايا الجمركية”. وأشار إلى أن “التفاوض مع الجهات المانحة مسار طويل، وصندوق النقد الدولي اليوم يذهب إلى فرض سياسة التقشف التي لها انعكاسات اجتماعية باهظة، ولا بد من النظر إلى مصلحة الحوكمة، وهناك إدارات تستنزف المال العام”. وسبق أن حذّرت مجموعة الأزمات الدولية، في تقرير لها، من أنّ تونس تواجه مخاطر الانزلاق إلى العنف، ومخاطر اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، ما قد يدفع البلاد إلى الإفلاس وإلى تداعيات اجتماعية خطيرة. وقال التقرير إنّ هذه المؤشرات تنبئ بخطر حدوث أزمة مالية ومصرفية خطيرة في المستقبل، ما قد يؤدي إلى انخفاض مستويات المعيشة للعديد من التونسيين. وتابع التقرير أنّ على المدى القصير والمتوسط قد تضطر تونس إما إلى إعادة هيكلة ديونها العامة، وإما إلى إعلان الإفلاس، وفي كلتا الحالتين ستكون التداعيات الاجتماعية والاقتصادية مؤلمة. وأوضح أنّ إعادة هيكلة الديون، على الرغم من أنها تبدو أقل صعوبة من الخيار الثاني، سيكون لها تأثير خطير على التونسيين، ويمكن أن تشمل الآثار والتداعيات انخفاض قيمة العملة وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، وتجميد رواتب القطاع العام والتقاعد المبكر القسري، وانخفاض الواردات بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى نقص مزمن في السلع الأساسية، إضافة إلى ارتفاع نسب البطالة والتضخم.

مشاركة :