عبر مجلس حكماء المسلمين في اجتماعه الطارئ، أمس، في القاهرة برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب عن غضب العالم الإسلامي من ردود الأفعال الغربية المتعصبة ضد الإسلام، والوجود الإسلامي في أوروبا، على خلفية أحداث باريس الدموية التي راح ضحيتها 129 قتيلاً وعشرات من المصابين في جريمة نكراء دانها المسلمون في كل مكان. وقال الطيب في افتتاح اجتماعات المجلس إن الإرهاب لا دين له ولا هوية، وقد طال خلال الأيام الماضية الأبرياء في لبنان وباريس ومالي وغيرها من دول العالم، ولا ينبغي معاقبة المسلمين في الغرب على جريمة ارتكبها إرهابيون مجرمون، وعلى الذين أقدموا على ارتكاب جريمة حرق المصحف وحرق بيوت الله في الغرب أن يعلموا أن هذه الأفعال هي الأخرى إرهاب بكل المقاييس، بل هي وقود للفكر الإرهابي الذي نعاني منه، فلا تردوا على الإرهاب بإرهاب مماثل، وليس من المنتظر أبداً ممن يزعمون التحضر والتقدم إهانة مقدسات الآخرين على مرأى ومسمع من الناس. وأوضح الطيب أن الإرهاب الأسود الذي يضرب العالم الآن شرقه وغربه ليس إفرازاً لدين بعينه، بل هو مرض فكري ونفسي يبحث دائماً عن مبررات وجوده في متشابهات نصوص الأديان وتأويل المؤولين ونظرات المفسرين، ويثبت التاريخ والواقع المعاصر أيضاً أن بواعث الإرهاب ليست قصراً على الانحراف بالأديان نحو فهوم مغشوشة مدلسة، بل كثيراً ما خرج الإرهاب من عباءة مذاهب اجتماعية واقتصادية وسياسية، وراح ضحية الصراع والحروب من هذه المذاهب والفلسفات المادية التي لا تمت للدين بأي صلة الآلاف بل الملايين من الضحايا والأبرياء. وطالب شيخ الأزهر علماء الإسلام خاصة أعضاء مجلس حكماء المسلمين بتحمل مسؤولياتهم والسير في اتجاه إطفاء الحرائق وردم بؤر التوتر في عالمنا العربي والإسلامي، مؤكداً ضرورة التصدي للفكر الإرهابي بكل صوره وأشكاله، ودعوة النخب العربية والإسلامية، كل في مجال تخصصه، لتجفيف ينابيع هذا الفكر من خلال منظومة متكاملة تشمل التعليم والثقافة والشباب والإعلام وخطاب ديني معبر عن حقيقة الإسلام وشريعته. وأكد أمين عام المجلس علي النعيمي ضرورة محاربة ثقافة الكراهية والحقد، ونشر ثقافة الأخوة والمودة، مثمناً ما قدمه شباب علماء الأزهر الذين قادوا قوافل السلام التي بعث بها مجلس الحكماء إلى إحدى عشرة عاصمة من عواصم أوروبا وأمريكا وإفريقيا وآسيا خلال الشهور الماضية، معلناً عن إطلاق ست عشرة قافلة سلام حول العالم ينشرون ثقافة السلام ويصححون المفاهيم المغلوطة ويحملون شعاراً موحداً (كل شعوب العالم نظراء في الإنسانية ومن حق الجميع أن يعيش في أمن وأمان وسلم وسلام). في الأثناء، استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي؛ أعضاء مجلس حكماء المسلمين، وبحضور أعضاء المجلس، ومن بينهم كوكبة من علماء الأمة الإسلامية من إندونيسيا ونيجيريا ودولة الإمارات وتونس والولايات المتحدة، وتجدر الإشارة إلى أن مجلس حكماء المسلمين يُعد هيئة دولية مستقلة، تهدف إلى إقامة مجتمعات آمنة توقر العلم والعلماء، وترسِّخ قيم الحوار والتسامح واحترام الآخر.
مشاركة :