أدان شيخ الأزهر، الإمام الدكتور أحمد الطيب، أمس، الأعمال الإرهابية التي وقعت مؤخراً في لبنان وفرنسا ومالي. وقال في كلمة خلال اجتماع مجلس حكماء المسلمين، الذي عقد بمشيخة الأزهر الشريف، بحضور الدكتور علي راشد النعيمي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، إنه لا يجب ربط الإرهاب بأي من الأديان السماوية، فهو مرض فكري ونفسي، يبحث دائماً عن مبررات وجوده في متشابهات نصوص الأديان، كما أن بواعث الإرهاب ليست قصراً على الانحراف بالأديان، بل كثيراً ما خرج الإرهاب من عباءة مذاهب اجتماعية واقتصادية، بل وسياسية. وشدد شيخ الأزهر على ضرورة الفصل التام بين الإسلام ومبادئه وثقافته وحضارته، وبين قلة قليلة لا تمثل رقماً واحداً صحيحاً في النسبة إلى مجموع المسلمين المسالمين المنفتحين على الناس في كل ربوع الدنيا. وندد الطيب بما قام به بعض العناصر في الغرب من حرق المصحف وحرق بيوت الله، مؤكداً أن تلك الأفعال هي، الأخرى، إرهاب بكل المقاييس، بل هي وقود للفكر الإرهابي الذي نعاني منه. وطالب الإمام الأكبر، بالعمل على تجفيف ينابيع الفكر الإرهابي، من خلال منظومة متكاملة، تشمل التعليم والثقافة والشباب والإعلام وخطاب ديني معبر عن حقيقة الإسلام وشريعته، معلناً عن إطلاق 16 قافلة سلام حول العالم، لنشر ثقافة السلام وتصحيح المفاهيم المغلوطة. مصيبة الإرهاب وقال في بداية الكلمة أستهل اجتماعنا هذه المرة، بالتوقف عند مصيبة الإرهاب، التي ابتلي بها العالم كله الآن، ووصل إلى أماكن وبلدان بعيدة، ما كنا نظن أن يصل إليها.. لقد طال الإرهاب الأسود لبنان العروبة والتعايش، وطال في الأسبوع الماضي العاصمة الفرنسية باريس، مدينة العلم والثقافة، واغتال من أبنائها وبناتها ما يزيد على المئة من القتلى والضحايا، وأصاب مئات أخرى من خيرة شبابهم ومواطنيهم. وقال الطيب وما إن بدأنا نفيق من كارثة باريس، حتى جاءت كارثة جمهورية مالي، وقتل عدد من الرهائن المحتجزين في باماكو، والله وحده الذي يعلم إلى أين يتجه مستقبل البشرية القريب مع عصابات الموت ومقاولي الشر وسماسرة الدماء.. وكنا نظن أن ما حاق بنا نحن العرب والمسلمين في الشرق، من آثار الدمار الذي طال البشر والحجر هو نهاية المأساة، وأن تدمير دول عربية وإسلامية بأسرها على رؤوس أهليها، وتشريدهم وهيمانهم على وجوههم في القفار والبحار، هو كل ما تخبئه لنا الليالي والأيام.. لكنا فوجئنا به يتمدد غرباً وشمالاً وجنوباً، كما تمدد شرقاً من قبل. بواعث الظاهرة وتابع ولعله بات الآن من المحتم أن نعلم أن الإرهاب هو، أولاً وأخيراً، اعتقاد وفكر، بل لعلي لا أجاوز الحقيقة لو قلت: إنه عند معتنقيه فلسفة حياة، يهون من أجلها الموت والانتحار، وإنه ليس إفرازاً لدين سماوي، أياً كان هذا الدين، بل هو مرض فكري ونفسي، يبحث دائماً عن مبررات وجوده في متشابهات نصوص الأديان وتأويل المؤولين ونظرات المفسرين. وقال إن الإرهاب لا دين له ولا هوية له، ومن الظلم البين، بل من التحيز الفاضح، نسبة ما يحدث الآن من جرائم التفجير والتدمير التي استشرت هنا أو هناك، إلى الإسلام، لمجرد أن مرتكبيها يطلقون حناجرهم بصـيحة الله أكبر، وهم يقترفون فظائعهم التي تقشعر منها الأبدان. وطالب المفكرين والمثقفين والسياسيين ورجال الأديان أن لا يصرفهم هول هذه الصدمات، عن واجب الإنصاف والموضوعية، ووضع الأمور في موضعها الصحيح، في ما يتعلق بالفصل التام بين الإسلام ومبادئه وثقافته وحضارته، وبين قلة قليلة لا تمثل رقماً واحداً صحيحاً في النسبة إلى مجموع المسلمين المسالمين المنفتحين. اختلاط وأكد الطيب لم يحدث أن اختلط الأمر في أذهان المسلمين بين هذه الجرائم وبين الأديان التي ارتكبت باسمها هذه الجرائم.. وعلى الذين أقدموا على ارتكاب جريمة حرق المصحف، وحرق بيوت الله في الغرب، أن يعلموا أن هذه الأفعال هي، الأخرى، إرهاب بكل المقاييس، بل هي وقود للفكر الإرهابي، فلا تردوا على الإرهاب بإرهاب مماثل، وليس من المنتظر أبداً ممن يزعمون التحضر والتقدّم، إهانة مقدسات الآخرين على مرأى ومسمع من الناس. تكاتف طالب د. علي النعيمي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين جميع الساسة والمفكرين والمثقفين والعلماء والعقلاء مهما اختلفت جنسياتهم وانتماءاتهم بالتكاتف لمواجهة الإرهاب والتصدي له والعمل على استئصاله. وأدان في مؤتمر صحافي عقب الجلسة الافتتاحية لاجتماع مجلس حكماء المسلمين في مشيخة الأزهر كل أنواع الإرهاب بكل صوره وأشكاله، مؤكداً براءة الإسلام من هذه الأعمال الإرهابية.. مشيراً إلى أن أكثر ضحاياه من المسلمين. وأطلق نداءً يطالب كل الساسة والمثقفين ليكونوا ضد الإرهاب بجميع أنواعه.. محذراً من استهداف المقدسات الإسلامية.
مشاركة :