أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن الاقتصاد السعودي حقق وما زال يحقق معدلات نمو سريعة على مدار السنوات الماضية، مشيرة إلى أن الاقتصاد السعودي بكامل قوته ويمضي قدما في برامجه الطموحة لزيادة معدلات النمو، رغم تراجع أسعار النفط الخام العالمية خلال العام الجاري. وأوضح تقرير "أوبك" أن السعودية ستواصل الاستثمار في قطاعي النفط والغاز بغض النظر عن انخفاض أسعار الخام حاليا، لافتاً إلى أن هذا هو فحوى الرسالة التي يرسلها دائما المهندس علي النعيمي وزير البترول والثروة المعدنية لكل المعنيين بقطاع الطاقة. وأضاف التقرير أن السعودية لديها برامج متميزة وواسعة لتطوير مواردها النفطية الهائلة، حيث تنظر إلى مستقبل هذه الصناعة ولا تركز على الصادرات فقط بل تأخذ في الاعتبار الاحتياجات المحلية المتزايدة للطاقة في البلاد، وفي نفس الوقت تولي السعودية أهمية كبرى لتطوير موارد الطاقة المتجددة خاصة الطاقة الشمسية. ونوه التقرير بثقة المهندس النعيمي في تعافي سوق النفط قريبا وتجاوز الأزمة الراهنة الناتجة عن زيادة المعروض وضعف الطلب ومن ثم انخفاض الأسعار، مشددا على أن الوقود الأحفوري سيظل المصدر الرئيسي للطاقة لعقود مقبلة. ونقل التقرير عن الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية تأكيده أنه على الرغم من الظروف الراهنة في السوق والتحديات التي تفرضها إلا أن السعودية ستمضي قدما في الإنفاق المخطط له في السنوات المقبلة الذي يهدف إلى تحقيق التنمية وزيادة المشاريع وبرامج المنفعة الاجتماعية. وأشار التقرير إلى تأكيدات العساف أن السياسة المالية في السعودية قوية ومرنة وقادرة على مواجهة التقلبات الدورية في أسعار النفط، حيث نجحت السعودية في تحقيق صافي أصول أجنبية بنحو 734 مليار دولار عندما كانت أسعار النفط مرتفعة في السنوات القليلة الماضية وستحافظ على هذه النجاحات وتطورها في ميزانية العام الحالي وما بعده. وبحسب التقرير فإن السياسة المالية الناجحة للسعودية ستمكن من مواصلة تنفيذ المشاريع التنموية الضخمة والإنفاق على برامج التنمية ولا سيما في قطاعات مثل الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، موضحا أن الأداء الاقتصادي للمملكة في السنوات الأخيرة كان مميزا جدا في جميع المجالات تقريبا. وقال تقرير "أوبك"، "إن الاقتصاد السعودي يحقق معدلات نمو جيدة، ومثال على ذلك أن الناتج المحلي الإجمالي للمملكة "جي دي بي" ارتفع من 526.8 مليار دولار في عام 2010 إلى أكثر من 752.4 مليار دولار في 2014 وذلك وفقا لأحدث بيانات رصدتها منظمة أوبك". وأضاف التقرير أن النفط الخام لعب وما زال يلعب الدور الرئيسي في زيادة الدخل القومي للمملكة ودعم توسيع اقتصادها، موضحا أن قطاع البترول في السعودية يمثل حاليا ما يقرب من 76.6 في المائة من إجمالي الصادرات الإجمالية للسعودية. وأكد التقرير أن النفط سيظل محور الاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن احتياطات النفط الخام المؤكدة في المملكة تبلغ 266.6 مليار برميل وفق إحصائيات 2014 وبذلك تحتل السعودية المرتبة الثانية عالميا في الاحتياطيات المؤكدة لتلي فنزويلا البلد العضو في منظمة أوبك التي تبلغ احتياطياتها المؤكدة من النفط الخام 300 مليار برميل. من جانب آخر، اختتمت في فيينا أعمال مؤتمر التمويل الدولي الذي نظمته مؤسسه اليورومني العالمية على مدى يومين وخصص جانبا كبيرا من مناقشاته لقضية تمويل مشاريع الطاقة والبنية الأساسية. وشارك في أعمال المؤتمر نخبة من رجال المصارف في أوروبا والعالم إلى جانب عدد من المستثمرين في مجال الطاقة. وقال لـ "الاقتصادية"، مايكل آمري مدير مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، "إن قطاع الطاقة يحتاج إلى تمويلات ضخمة في الفترة المقبلة وذلك بمساندة كبريات مؤسسات التمويل في العالم"، مشيرا إلى أهمية التوسع في تحديث نظم إنتاج الطاقة التقليدية وزيادة كفاءة الطاقة إلى جانب الإسراع في الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة باعتبارها محور التنمية في العالم خلال السنوات المقبلة، في إطار الالتزام بمعايير البيئة ومواجهة تحديات تغير المناخ. وطالب آمري بزيادة مشاريع "بي بي بي" الخاصة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص ووصفها بأنها أفضل نموذج استثماري في قطاعات الطاقة والبنية الأساسية في مختلف دول العالم. من جهته، قال بال برينسكي مدير بنك يونى كريدت، "إن القطاع المصرفي حول العالم يجب أن يركز على تمويل مشاريع الطاقة خاصة أن الآفاق المستقبلية للسوق تؤكد حدوث طفرة واسعة في السنوات المقبلة في مستويات الطلب العالمي". وأوضح برينسكي أن انخفاض أسعار الطاقة التقليدية يمثل أعباء كبيرة على الاستثمارات في هذا المجال، كما أن بعض المصارف تتخوف من تقديم تمويلات لهذا القطاع في ظل الخسائر الفادحة التي مني بها على مدى العام الماضي وعدم وجود مؤشرات على تعافي الأسعار في المدى القصير. وأشار مايكل دليا مدير البنك الأوروبي للتعمير والتنمية إلى أن المصارف مولت مشاريع لشركة "بي بي بي" في أوروبا خلال العام الماضي بنحو 1.7 مليار دولار وهذا الرقم مرشح للنمو الكبير في العام المقبل نظرا لتسارع التنمية وزيادة مشاريع المرافق والبنية الأساسية في عديد من الدول خاصة في شرق أوروبا وتحديدا في رومانيا وبلغاريا وصربيا وأذربيجان. وأوضح مايكل دليا أن البنك الأوروبي يركز على تطوير البرامج التمويلية لمشاريع الطاقة خاصة مع وجود عديد من المشاريع المهمة والمتنامية في مجالات الغاز الطبيعي وكفاءة الطاقة، مشيرا إلى أن التجربة التركية على سبيل المثال تستحق الدراسة والتوسع في دعمها نظرا لتنامي فرص الاستثمار وتسارع برنامج الخصخصة بما يسمح بالشراكة بين شركات القطاع الخاص والقطاع العام في مشاريع الطاقة بنظام "بي بي بي". على صعيد الأسعار، أغلقت أسعار خام برنت للعقود الآجلة مرتفعة 1 في المائة في ختام تعاملات الأسبوع مدعومة بمشتريات لتسوية المراكز قبل عطلة نهاية الأسبوع، بينما تراجع الخام الأمريكي لكنه تمكن من البقاء فوق مستوى الدعم 40 دولارا للبرميل الذي وجد صعوبة في الدفاع عنه بعد قفزة جديدة في مخزونات النفط في الولايات المتحدة. وبحسب "رويترز"، فقد شهد الخامان القياسيان تعاملات ضعيفة في أوائل الجلسة مع تضرر النفط وغيره من السلع الأولية من صعود الدولار. وقبل نحو ساعة من التسوية صعد الخامان قبل أن يهوي الخام الأمريكي نحو 4 في المائة إلى مستويات دون 39 دولارا للبرميل قبل أن يتمكن من التعافي ليغلق على انخفاض طفيف. وأنهت عقود "برنت" تسليم كانون الثاني (يناير) جلسة التداول مرتفعة 48 سنتا إلى 44.66 دولار للبرميل بعد أن كانت قفزت إلى 45.50 دولار أثناء صعودها في أواخر التعاملات. وأغلقت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط تسليم كانون الأول (ديسمبر) -التي انقضى تداولها مع نهاية جلسة أمس- منخفضة 15 سنتا إلى 40.39 دولار للبرميل بعد أن سجلت عند أدنى مستوى لها في الجلسة 38.99 دولار وهو أضعف مستوى منذ 27 آب (أغسطس). وأنهي "برنت" الأسبوع على مكاسب قدرها 2 في المائة في حين هبط الخام الأمريكي نحو 1 في المائة. وخفضت شركات الطاقة الأمريكية في الأسبوع المنصرم عدد منصات الحفر النفطية قيد التشغيل وهو الخفض الأسبوعي الحادي عشر في 12 أسبوعا. وقالت شركة بيكر هيوز للخدمات النفطية في تقريرها الذي يحظى بمتابعة وثيقة "إن شركات الحفر أوقفت تشغيل عشر منصات نفطية في الأسبوع المنتهي في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) لينخفض العدد الإجمالي لمنصات الحفر إلى 564". ويمثل ذلك نحو ثلث الحفارات النفطية التي كانت قيد التشغيل في نفس الأسبوع قبل عام البالغ عددها 1574، وبعد خفض إجمالي بلغ 103 على مدى الشهرين الماضيين أوقفت شركات الحفر تشغيل حفارين الأسبوع الماضي. وبلغ متوسط أسعار عقود الخام الأمريكي منذ بداية الأسبوع الحالي 41 دولارا للبرميل انخفاضا من 43 دولارا الأسبوع الماضي مع ارتفاع مخزونات الخام في الولايات المتحدة للأسبوع الثامن على التوالي لتقترب من مستويات قياسية. وتراجعت الأسعار عن مستوى 40 دولارا للبرميل أثناء التعاملات لليوم الثالث على التوالي لتسجل أدنى مستوى لها منذ آب (أغسطس) مع انحسار التفاؤل بتعافي الأسعار تحت وطأة التخمة المستمرة في الإمدادات. وأشار متعاملون في أسواق الطاقة إلى أن معدل التخفيضات الأسبوعية في الحفارات النفطية منذ بداية أيلول (سبتمبر) -نحو 9 في المتوسط- يقل كثيرا عن متوسط الخفض البالغ 18 حفارا منذ أن وصل عدد الحفارات إلى ذروة بلغت 1609 في تشرين الأول (أكتوبر) 2014 فيما يرجع بين عوامل أخرى إلى توقعات بارتفاع طفيف في الأسعار في المستقبل. وعدد منصات الحفر النفطية هو أحد بضعة مؤشرات يدرسها المتعاملون للتكهن بما إذا كان إنتاج النفط الأمريكي سيرتفع أو ينخفض في الأشهر المقبلة. وتراجع إنتاج النفط إلى 9.3 مليون برميل يوميا في آب (أغسطس) من 9.4 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) وفقا لبيانات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وعلى أساس أسبوعي ظل إنتاج الخام الأمريكي عند 9.2 مليون برميل يوميا للأسبوع الثالث على التوالي بعد أن استقر عند 9.1 مليون برميل يوميا لثمانية أسابيع متتالية منذ بداية أيلول (سبتمبر)، لكن ذلك المستوى ما زال منخفضا كثيرا عن الذروة البالغة 9.6 مليون برميل يوميا المسجلة في نيسان (أبريل).
مشاركة :