أشار أستاذ التاريخ السعودي بجامعة الإمام محمد بن سعود البروفيسور طلال بن خالد الطريفي، إلى أن تأسيس الدولة كان مع تولي الإمام محمد بن سعود الدرعية سنة 1139هـ (1727)، وقد حُدِّد يوم 22 فبراير يومًا للتأسيس لتوافقه مع يوم 30/6/1139هـ والذي يوافق ميلاديًا يوم 22/2/1727م. وحول حيرة البعض في مسألة تحديد هذا اليوم بدقة، والذي كان يُمثل منتصف العام الهجري من سنة 1139هـ، قال أستاذ التاريخ السعودي، إن السبب يعود إلى غياب التاريخ الدقيق الذي لم يعتنِ المؤرخون بتدوينه في بداية عهد الإمام محمد بن سعود، وهذا مما هو منطقي في الكتابات التاريخية الحولية، وعلى غرار ذلك عملت كثير من الدول في العالم لتحديد أيامها الوطنية، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية التي قاربت بعض التواريخ الوطنية لو لم تكن بدقة لعدم تدوين لها، ومنها يوم الرئيس. وبيّن أستاذ التاريخ السعودي، أن الإمام محمد بن سعود أسس الدولة السعودية يوم تولّيه إمارة الدرعية 1139هـ (1727)، كونه تولى الأمر بظروف استثنائية في المنطقة عامة والدرعية تحديدًا، التي كانت تعاني الضعف والانقسام حالها حال البلدات والإمارات القريبة، كما أنها واجهت في تلك الفترة وباءً عامًا تمثل بانتشار الطاعون في الجزيرة العربية. وأكد البروفيسور طلال بن خالد الطريفي، أنه مع كل التحديات التي توافقت مع تولي الإمام محمد الإمارة، إلا أنه تغلب على كل التحديات وواجهها، ونجح في ذلك، بعد أن وحَّد الدرعية تحت إمارته، ونشر الاستقرار والأمن ليس فقط في محيط الدرعية بل في إقليم العارض كافة حينها. وأوضح البروفيسور الطريفي، أن نهج الأمام المؤسس؛ نهج سياسي حكيم وحصيف بتعاملاته وعلاقاته بالإمارات المجاورة له والعشائر القريبة منه، كما كان يتحلى بنظرة عميقة وثاقبة للأوضاع من حوله، وعلى وعي كامل بما يدور حوله وفي محيطه؛ لذا بدأ التخطيط منذ اللحظة الأولى التي تولى فيها لتغيير النمطية الفوضوية التي كانت تعيشها المنطقة سياسيًا واجتماعيًا ودينيًا واقتصاديًا. وأكد الطريفي، أن الإمام محمد بن سعود أسس مسارات جديدة في تاريخ المنطقة؛ حيث زاد الجانب المعرفي والتعليمي باهتمامه ودعمه بنشر الثقافة، واجتماعيًا تعززت القيم الاجتماعية وتعزز التواصل بين الأفراد والجماعات نتيجة الحالة الأمنية التي سعى لتحقيقها الإمام، والتي انعكست في الوقت نفسه على الجانب الاقتصادي، الذي كان يعاني انعدام الأمن في حركة القوافل والتجارة. وتابع أستاذ التاريخ: بينما قام الإمام بفرض الأمن؛ ما زاد من النشاط الاقتصادي وارتفعت التبادلات التجارية، وفرض الوحدة السياسية للمنطقة المحيطة به في نجد ومنها إلى بقية الجزيرة العربية مما استُكمل بعد وفاة الإمام رحمه سنة 1179هـ (1765). وأشار إلى القفزات الاقتصادية المهمة في المنطقة بزيادة الحراك ونشاط القوافل وأمنها؛ إذ حرص الإمام على هذا الأمر تحديدًا؛ لأنه يفرض منطق الدولة الذي غاب طويلًا عن الجزيرة العربية قبله، وبناءً على ذلك يُعد بداية عهد الإمام محمد بن سعود تأسيسًا حقيقيًا ومنطقيًا لشموليته في النظرة لتأسيس الدولة. وأكد البرفسور الطريفي، أن 22 فبراير يُعد يومًا لبداية تأسيس الدولة السعودية ومرحلة تحول في تاريخ المملكة العربية السعودية الممتد لأكثر من ستة قرون، حينما أسس مانع المريدي الدرعية، وهو الجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. وأشار إلى أن التحول التاريخي الذي حدث في عهد الإمام محمد بن سعود كان في التحول من إمارة إلى دولة كبرى بكل تفاصيلها ومعطياتها، حسب المفهوم التاريخي العميق.
مشاركة :