الخلايا التائية المعدلة جينيا "صيادات" للخلايا السرطانية

  • 2/5/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أظهرت دراسة جديدة أنّ شخصين يعانيان من سرطان الدم اختفت لديهما الأعراض بعد مرور عشر سنوات على حقنهم بـ”مستقبل مستضد الخلايا التائية التصوري” (CAR-T cells)، وهي خلايا مناعية خضعت للتعديل في المختبر وتحولت إلى “صيادات” للخلايا السرطانية. وبيّنت النتائج أنّ هذه المقاربة قد تشكل علاجًا طويل الأمد لمرضى سرطان الدم. وقد يكون مستقبل المستضد الكيميري (Chimeric antigen receptor)، أو “العلاج بمستقبل مستضد الخلايا التائية التصوري” (CAR-T cell therapy)، “نظامًا علاجيًا” لسرطان الدم الليمفاوي المزمن، بحسب الباحثين الذين أعلنوا النتائج التي توصّلوا إليها في مؤتمر صحافي. ويشكل هذا النوع من السرطان قرابة ربع الحالات الجديدة المسجّلة من أنواع سرطان الدم. وقال الدكتور كارل جون، اختصاصي المناعة للأمراض السرطانية في جامعة بنسلفانيا الأميركية وأحد المشاركين في تأليف الدراسة، خلال المؤتمر “تتم متابعة المريضين الأولين اللذين خضعا لعلاج الخلايا المناعية التائية أي الخلايا التائية المعدلة بمستقبل مستضد خيمري”، وهو “أول علاج بالخلايا مصنّع من الجهاز المناعي الخاص بالمريض”. وتابع جون أنّه استناداً إلى نتائج الدراسة “يمكننا أن نستنتج أنّ خلايا CAR-T تعالج فعليًا مرضى اللوكيميا”. ويُعتبر مستقبل مستضد الخلايا التائية التصوري علاجًا مناعيًا مصمّمًا لعلاج سرطان الدم، عن طريق استخدام جهاز مناعة الجسم لمحاربة السرطان. وبموجبه تُرسل خلايا المريض المناعية إلى المختبر لتعديلها وراثيًا باستخدام الفايروس، ما يمكّن الخلايا من التعرّف على مصدر السرطان وقتله. وتُوضح الدراسة الجديدة التي نشرت الأربعاء في المجلة العلمية “Nature” أنّ المريضين مرّا بمرحلتين مختلفتين. الأولى تتمثل في خلايا “CD8+” أو “CD4-CD8 CAR-T”، وهي رمز لجين وراثي يدعى هيليوس، بعدها انتقلا إلى مرحلة طويلة الأمد مع فترة تعافي تسيطر عليها خلايا “CD4+ CRT”. خلايا المريض المناعية ترسل إلى المختبر لتعديلها وراثيًا، ما يمكنها من التعرّف على مصدر السرطان وقتله وكتب الباحثون أن “مستقبل مستضد الخلايا التائية التصوري” بقي خاضعًا للرصد على مدى أكثر من عشر سنوات بعد الحقن، مع تعافي مستدام لدى المريضين. وشرع الباحثون من جامعة بنسلفانيا ومعهد نوفارتيس للأبحاث الطبية الحيوية في كامبريدج، بولاية ماساتشوستس الأميركية، في دراسة الخلايا التائية طويلة الأمد لدى الشخصين المصابين بسرطان الدم في بداية مرحلة التعافي عام 2010، بعد حقنهما بالخلايا كجزء من المرحلة الأولى من التجارب السريرية. ولاحظ الباحثون أنّ المريضين بقيا في حالة تعافي بعد 10 سنوات من الحقن. وفي هذا الإطار علّق طبيب الأورام الدكتور ديفيد بورتر، مؤلف الدراسة، أن هذا النوع من العلاج المناعي قد تنجم عنه آثار جانبية خطيرة، رغم قوله “إنّ هذه العلاجات بمرور الوقت أصبحت أكثر أمانًا، وتُستخدم لعلاج المئات وحتى الآلاف من الأشخاص سنويًا”. وأشار إلى أنّ أحد هذه التداعيات هو متلازمة تحلّل الورم، “وهي ظاهرة تُقتل فيها أعداد كبيرة من الخلايا السرطانية في الوقت ذاته، فتلقي بمحتوياتها في الدم، ما يتسبب في مرض الأشخاص الذين يخضعون للتعافي”. ومن الآثار الجانبية الأخرى متلازمة إفراز السيتوكين التي تصيب الأشخاص بمتلازمة مماثلة للإنفلونزا الشديدة، فضلًا عن الحرارة المرتفعة جدًا والغثيان والقيء وآلام العضلات والمفاصل. وأوضح بورتر أنّ ذلك “قد يتطور ليؤدي إلى انخفاض كبير في ضغط الدم، وصعوبة في التنفس مع تسرب السوائل إلى الرئتين”. أما الأثر السلبي الثالث فهو التسمم العصبي، الذي يؤدي إلى صعوبة في التحدث أو التفكير بوضوح. وفي بعض الحالات يمكن أن يُصاب المرضى بغيبوبة أو تشنّجات، وفقًا لبورتر، لكن غالبية هذه الحالات تُعالج من تلقاء نفسها. Thumbnail وبالنسبة إلى البحث الجديد كلف جون الدكتور جوزيف ميلينهورست بإنشاء مختبر لدراسة الأشخاص الذين تلقوا “علاجَ مستقبل مستضد الخلايا التائية التصوري”. وقال ميلينهورست، من جامعة بنسلفانيا وأحد كتّاب الدراسة الجديدة، في المؤتمر الصحافي الذي عُقد الثلاثاء “لقد بنينا فهمًا أعمق ومسارًا لبيولوجيا الخلايا التي تمّ حقنها”. وتابع “تمكنا من عزل الخلايا وتحليلها باستخدام تقنيات جديدة أعطتنا فكرة واضحة عن بعض آليات الاستمرارية واستجابة الورم في الحالتين”. ودوغ أولسون هو أحد المريضين المشاركين في الدراسة خلال عشر سنوات. وشُخّصت إصابته بسرطان الدم الليمفاوي المزمن وهو في سن التاسعة والأربعين. وقال أولسون في المؤتمر الصحافي “رغم أنني شعرت بخوف شديد عند إبلاغي بأني مصاب بالسرطان، إلا أنني لم أحتج إلى علاج لأكثر من ست سنوات تقريبًا”. وأضاف أنّ “العلاج الكيميائي جعلني أتعافى لمدة خمس سنوات، قبل أن يسوء وضعي بسرعة كبيرة في ما بعد. وبحلول عام 2010، كان نحو 50 في المئة من نخاع العظم لدي يتألف من خلايا سرطان الدم الليمفاوي المزمن”. تقديرات نشرت في يونيو تشير إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص تلقوا العلاج بالخلايا المضادة من نوع CAR-T وأشار أولسون إلى أنه تلقى أول حقنة من خلايا “CAR-T” في سبتمبر 2010، وأصيب بمرض شديد بعد فترة وجيزة أدخل فيها إلى المستشفى لمدة ثلاثة أيام، وفي الأسبوع التالي أخبره طبيب الأورام بأنه لم يتم العثور على أي من الخلايا السرطانية في جسده. وعاد أولسون إلى حياته المهنية في التشخيص الطبي، وأصبح في صحة جيدة. وفي نهاية المطاف قرر أن يعلن عن قصة شفائه، وأن يعمل كمرشد للأشخاص الآخرين المصابين بالسرطان. وهو يحاول أن يبعث الأمل في نفوس الآخرين بالقول “إذا لم يكن هناك علاج لسرطانك اليوم، فهناك فرصة معقولة لأن يتوفر هذا العلاج قريبا، سيكون هناك علاج”. وعلّق جون “لم نعتقد أن هذا سيكون علاجًا عام 2010”. وتابع “من منظور علمي بإمكاننا القول اليوم إنّ هذه التجربة كانت علاجًا لدوغ، أي أنّنا أمام النتائج الأكثر تحديثًا، وأقدمها المتوافرة في المؤلفات العلمية منذ بداية العلاج”، لافتًا إلى أنه “خلال هذه المرحلة، وبعد مرور 10 سنوات، لم نعثر على أي خلايا سرطانية في الدم، لكن مازالت لدينا خلايا CAR-T التي تخضع للمراقبة الدورية للكشف عن ابيضاض متبقّ في الدم”. وفي السنوات التي تلت علاج أولسون وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على خمسة استطبابات تتم باستعمال خلايا CAR-T لعلاج سرطان الدم والأورام اللمفاوية والأورام النخاعية. وتشير تقديرات نشرت في يونيو إلى أن عشرات الآلاف من الأشخاص تلقوا العلاج بالخلايا المضادة من نوع CAR-T. ولا يزال العلاج بحاجة إلى التطوير بشكل كبير. وتقول الطبيبة نيرالي شاه، أخصائية أمراض الدم لدى الأطفال في المعهد الوطني الأميركي للسرطان في ولاية ماريلاند، إن “التأثير المحتمل للعلاج هائل”. وتضيف “نحن في انتظار معرفة ما مدى ترجمة النتائج التي توصل إليها هذان الشخصان المصابان بسرطان الدم الليمفاوي المزمن لدى آخرين مصابين بأمراض أخرى”. وتبذل الجهود حاليا لاستخدام نهج خلايا CAR-T لعلاج الأورام الصلبة، مثل أورام البروستاتا والورم الأرومي الدبقي المدمر للدماغ. وفي يناير الماضي أعلن باحثون عن نجاح استخدام الخلايا في تدمير ندب في القلب، وهو نهج يمكن استخدامه في يوم من الأيام لعلاج التليف القلبي من النوع الثاني.

مشاركة :