أسعار الأعمال الفنية ليست حقيقية

  • 2/5/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حين يُقال إن لوحة “زهرة عباد الشمس” المعروضة في متحف “ناشيونال غاليري” بلندن لا تُقدر بثمن، فذلك كلام ليس صحيحا إلا لأن تلك اللوحة هي ملك المتحف المذكور ولا يُمكن أن تُعرض للبيع. ولو أفلس المتحف وقرر عرض تلك اللوحة بالذات للبيع فسيكون لها ثمن بالتأكيد، غير أنه سيكون مرتفعا لا لأن هناك معيارا لتحديد ثمن الأعمال الفنية بل لأن هناك لوحات أخرى من عمل فنسنت فان غوخ وهو رسامها كانت قد بيعت بأكثر من مئة مليون دولار. ذلك السعر صدم الكثيرين. لا لشيء إلا لأنهم اعتقدوا أنه سعر حقيقي. والمعروف أن السوق الفنية شيء وأسعار الأعمال الفنية التي تُعرض في المزادات شيء آخر. يستميت بعض الأثرياء للحصول على عمل فني نادر. لذلك فإنهم يرفعون سعره عن طريق المزايدة عليه. حتى لو عرفوا أن هناك نسخا أصلية منه. وهو ما حدث مع لوحة “لاعبو القمار” للفرنسي بول سيزان التي اشترتها قطر بأكثر من 300 مليون دولار بالرغم من علمها بأن الرسام قد رسم ثلاث نسخ أخرى من اللوحة من غير أن يجري تعديلات كبيرة عليها. ذلك سعر وهمي لا علاقة له بمعايير السوق الفنية ولا حتى بقيمة وأهمية الرسام بقدر ما يعبر عن تنافس المقتنين على الاستحواذ على تلك القطع الفنية. وإذا كان بول سيزان محظوظا في أن يتحقق حلمه في دخول أعماله إلى متحف اللوفر، فإن فنسنت الذي لم يبع سوى لوحة واحدة في حياته سيُصدم لو أنه عرف أن لوحاته دخلت إلى المتاحف وصارت لا تُقدر بثمن. لم يكن أخوه “تيو” الذي مات بعده بسنة يعتقد أن في إمكانه أن يبيع لوحة واحدة من لوحات أخيه في ظل سخرية الأوساط الفنية الباريسية من أعمال الفنان الذي لُقب بالصيني بسبب تأثره بالرسوم اليابانية التي استعملت تقنية الحفر الطباعي والتي عُرضت في باريس يومها. لقد رحل فنسنت عن دنيانا معدما. يُعاد اليوم النظر في نظرية انتحاره من غير أن تُجدي تلك الإعادة في شيء سوى أنها تزيد من سعر لوحاته التي لو عرضت واحدة منها للبيع في المزاد لبدأ سعرها بمئة مليون دولار. غير أن ذلك الثمن يظل تعبيرا عن الاحتفال والاحترام والتبجيل وهو ثمن ليس حقيقيا. ما فعلته المزادات العالمية حين عرضت أعمالا لفنانين عرب كما لو أنها تحفا خالدة يدخل في باب التزوير والضحك على المقتنين. ذلك لأن رساما لا يزال يعرض لوحاته بأقل من عشرة آلاف دولار في السوق الفنية سيُصدم حين يعرف أن عمله قد بيع بأكثر من مئة ألف دولار في المزاد وهو ما سيصيبه بالجنون. ذلك ما حصل.

مشاركة :