لقد أطلع الكثير منا على الأوراق النقاشية الملكية السامية لسيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه والتي تضمنت عدة مواضيع هامة ومنها التعليم وهذا يؤكد وبشكلٍ واضح وجلي حرص جلالته إلى تطوير منظومة التعليم لتكون قادرة على بناء أجيال ذات مقومات ريادية وخلاقة بإفكارها الإبداعية والابتكارية لتكون قادرة على حمل زمام المسؤولية بكفاءة في كل القطاعات نحو النهضة والتنمية المستدامة. ونحن في الألفية الثالثة إذ نشهد العديد من المستجدات والتحديات ذات المساس المباشر بحياتنا وتطلعاتنا المستقبلية و نجزم جميعاً بأن التعليم هو المفتاح الوحيد القادر على مساعدتنا لتجاوز تبعات هذه الظروف وتحدياتها نحو بناء مستقبل يسوده الازدهار والرخاء الاجتماعي والاقتصادي والنفسي لأفراد المجتمع ومؤسساته، وهذا المفتاح قد غير الكثير من المجتمعات وانتشالها من القاع إلى القمة وبنقلة نوعية وعلى جميع الصُعد والأمثلة كثيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية والتي أصبحت دولٍ يتغنى بها العالم لما حققته من إنجازات وتغيرات جذرية وذلك بفضل التعليم بكل مراحله والتي ركزت فعلياً على بناء أجيال تتمتع بالإبداع والابتكار للتوجه نحو الريادة والتميز والتنافسية وهذا بالفعل ما نراه من حولنا في كثير من دول العالم. إن وضوح الأوراق النقاشية الملكية السامية تتطلب منا جميعاً الخطوات الإجرائية والتنفيذية المدروسة لترجمة مضمون تلك الأوراق ومنها التعليم بمستوياته المختلفة، و نرى إنها مسؤولية مشتركة من الجميع في مؤسسات التعليم الحكومي والخاص في البحث عن سبل تطوير منظومة التعليم وبشكلٍ خاص منظومة التعليم الجامعي بحكم أنها البوابة الأساس في تخريج أجيال المستقبل المزودة بالمعرفة والمهارات الريادية والابداعية والمتناغمة مع تطلعات المجتمع وسوق العمل المحلي والعالمي. ونعلم جميعاً بإن جامعاتنا الأردنية الحكومية والخاصة منذ تأسيسها قد دأبت وبشكلٍ كبير باعتبارها مصانع للعقول بتزويد طلابها بالمعرفة والمهارات ليكون هؤلاء الخريجون بناءة المستقبل وهذا ليس إطراءً وإنما هي حقيقة حيث كنا وما زلنا نتربع على سلم الدول العربية في التعليم على الرغم من العديد من التحديات التي تواجه الجامعات في خوض معترك السباق الإقليمي والدولي في التعليم الجامعي. وجميعنا يتطلع إلى ترجمة مفاهيم الريادة والإبتكار التطبيقي في التعليم الجامعي قولاً وعملاً لضمان تخريج طلبة قادرة على إدارة دفة المسؤولية وفي شتى المواقع الوظيفية سعياً للتغيير والتطور ومواكبة المستجدات محلياً وعالمياً ضمن أطر فكرية متميزة وبعيداً عن أسباب وتداعيات الترهل والضعف الذي أفرزه التعليم التقليدي وغير المناسب مع متطلبات الحياة في وقتنا الحاضر وخاصةٍ في ظل الظروف الراهنة وتحدياتها. وعليه فإن تطوير منظومة التعليم الجامعي ضمن مفاهيم الريادة والإبتكار إذ تتطلب جملة من التوجهات والقرارات الإستراتيجية لإسقاطها على مخرجات الجامعات التعلمية والتعليمية ومنها نرى ضرورة الابتعاد عن البرامج الأكاديمية التقليدية والمتكررة في الجامعات، وتطوير الخطط الدراسية للبرامج الأكاديمية بكل بمكوناتها، وتطوير أساليب التدريس بغية لتطوير المنظومة الفكرية للطلبة، وتوفير بيئة جامعية خصبة للريادة والابتكار، وتفعيل دور مراكز ومحاضن الريادة والإبتكار وتوفير كافة مستلزماتها ، ودمج الطلبة في المشاريع الريادية لتشكل بمجملها الانطلاقة الحقيقية نحو التغيير والتطور الريادي في بناء الطالب الجامعي.
مشاركة :