رغم نجاح «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) باستعادة السيطرة على تمرد سجن الصناعة الذي نفذه عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي، تجد هذه القوات المدعومة من تحالف دولي تقوده واشنطن صعوبة في السيطرة على التدهور الأمني في مخيم الهول، حيث يقع شرقي محافظة الحسكة تقطنها آلاف أسر وعائلات هؤلاء المحتجزين في سجون «قسد» يضم قرابة 56 ألف شخص، ويبعد قرابة نحو 40 كيلومتراً شرقي سجن الصناعة بحي غويران بالحسكة، وتفصلها بضع كيلومترات عن الحدود العراقية. ونفذت خلايا نائمة موالية للتنظيم المتطرف 4 جرائم قتل خلال الشهر الماضي طالت نازحاً سورياً ومسعفاً يعمل في «منظمة الهلال الأحمر» الكردية الطبية، واثنين من اللاجئين العراقيين. وحذر مسؤول في الإدارة في شمال شرقي سوريا إلى أنّ تهديد العاملين والمتطوعين بالمنظمات الإنسانية الناشطة في المخيم يشكل سابقة خطيرة، وقال شيخموس أحمد رئيس مكتب شؤون اللاجئين والنازحين في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة خلل أمني وتهديد جدّي في المخيم، بسبب أنشطة خلايا (داعش) التي لا تزال موجودة وترتكب جرائم فضيعة»، مشيراً إلى تراجع دور المنظمات الدولية منها والمحلية جراء التهديد الذي يشكله خلايا التنظيم ليضيف: «تلك المنظمات ستواصل تقديم الخدمات الإنسانية لكن ليس بالشكل المطلوب، فالخطر يهدد سلامة العاملين وهذا الوضع خطير للغاية». وتعرضت نقطة «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» في مخيم الهول لمحاولة قتل الطبيب الإثيوبي منتصف الشهر الماضي، وعلى إثرها سحبت اللجنة وعدد من المنظمات الدولية الإنسانية طواقمها وكوادرها من داخل المخيم، خشية حصول هجمات دموية أخرى وقررت تعليق جهودها الإغاثية والإنسانية نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية، حيث تعمل هناك أكثر من 50 منظمة محلية ودولية ومئات الموظفين والعاملين في المجال الإنساني والإغاثي، فيما طالبت منظمة أطباء بلا حدود إحدى أبرز المنظمات الإنسانية في المخيم عبر بيان رسمي نشر على موقعها، أنّه: «لا بد من إيجاد حلول طويلة الأمد تحترم حقوق سكان المخيم وتكفل سلامتهم وسلامة العاملين في المجال الإنساني على حد سواء». وبحسب إحصاءات إدارة المخيم وقوى الأمن «الأسايش»، شهد المخيم خلال عام 2021 مقتل 128 شخصاً معظمهم كانوا لاجئين عراقيين ونازحين سوريين قُتلوا بأسلحة وأدوات حادة أو فصلت رؤوسهم عن أجسادهم أو خنقاً حتى الموت، بينهم 3 أطفال و19 امرأة، كما وقعت 41 محاولة قتل أدت إلى إصابة المستهدفين، كذلك وقعت 13 حالة حرق عمداً، واتهمت قوى الأمن خلايا موالية لتنظيم «داعش» بالوقوف وراء هذه الهجمات، غير أن مسؤولاً أمنياً بارزاً - تحفظ على ذكر اسمه أو صفته لأسباب أمنية - أوضح بأن تلك الخلايا بالمجمع عبارة عن قتلة مأجورين يتقاضون الأموال عن كل جريمة قتل أو محاولة قتل تنفيذها في مخيم الهول. يقول لقمان أحمي الناطق الرسمي للإدارة الذاتية تعقيباً على تدهور الوضع الأمني في مخيم الهول: «المخيم أخطر بكثير من السجون التي يُحتجز فيها عناصر (داعش) الإرهابي لوجود الفكر المتطرف المتفشي داخله، وصعوبة التحكُّم والسيطرة الأمنية نظراً لكبره والمنطقة الصحراوية الواسعة داخله وفي محيطه»، إضافة إلى عدد قاطنيه الكبير أكثر من 56 ألفاً ويتجاوز عدد سكان بلدة الهول نفسها، يشكّل السوريون والعراقيون النسبة الكبرى، كما يضم قسماً خاصاً بالنساء الأجنبيات «المهاجرات» وأطفالهن، يتحدرون من نحو 50 دولة غربية وعربية، إذ يبلغ عددهم نحو 10 آلاف سيدة وطفل بينهم 3177 امرأة، يخضع لحراسة أمنية مشددة، كما يمنع الخروج والدخول إلا بإذن خطّي من إدارة المخيم. وفي ظل استمرار عمليات القتل والاغتيالات التي غالباً ما تطال لاجئين عراقيين، ترفض السلطات العراقية استعادة رعاياها من المخيم. ورغم إخراج دفعتين خجولة بداية العام الحالي كانوا نحو 500 عائلة ونقل آخرين ممن تتهددهم مخاطر إلى مخيمات أخرى، تتخوف الإدارة الذاتية من تفاقم الوضع نحو الأسوأ، وسط زيادة حالات الفرار، وبحسب «مركز معلومات روج آفا»، بلغ عدد الذين تمكنوا من التسلل خلال عام 2020 نحو 200 شخص، فيما سجلت أكثر من 700 محاولة العام الماضي 2021. وقد تكون الأرقام أكبر بكثير من ذلك بسبب عجز السلطات المحلية عن حصر كل الحالات. وألقت قوى الأمن الداخلي بالمخيم القبض على شبكات تهريب البشر بينهم نساء «داعشيات» بتهم تشكيل «خلايا إرهابية وتهريب البشر»، ونفذت عمليات أمنية بشكل متكرر شملت معظم أقسام المخيم، وتشتبه أجهزة الأمن في أن النساء «الداعشيات» تلعبنّ دور الوسيط مع خلايا نائمة للتنظيم تكون خارج المخيم في عمليات التهريب وتقديم الأموال ويد العون لعوائل مسلحي التنظيم المتشدد.
مشاركة :