تتطلع البحرين لإحياء تراثها الغني في مجال صيد اللؤلؤ بمبادرات مختلفة، تسلط الضوء على هذا الإرث الفريد الذي ارتبط في السابق بالهوية الوطنية، وكان الركيزة الأساسية لاقتصاد البلاد حتى ثلاثينيات القرن الماضي. ويعتبر مشروع "طريق اللؤلؤ" من أهم هذه المبادرات، وهو مسار يحكي قصة ورحلة صيد اللؤلؤ في مدينة المحرق والتي كانت يوما ما العاصمة الاقتصادية للبحرين. ويمتد الموقع لمسافة تزيد على 3 كيلومترات داخل مدينة المحرق التاريخية، ويمر بمواقع تاريخية تم ترميمها أو إنشائها لإعطاء الزائرين لمحة عن البحرين القديمة التي ازدهرت بتجارة اللؤلؤ. ويشمل المشروع 3 مصائد لؤلؤ شاسعة تقع في المياه الإقليمية الشمالية التابعة لمملكة البحرين، وخطا ساحليا في أقصى جنوب جزيرة المحرق، و9 مجمعات عمرانية تاريخية تتضمن 17 معمارا إنسانيا فريدا، تتوزع جميعها ضمن النسيج الحضري العريق لمدينة المحرق. وفي العام 2012، تمّ إدراج مشروع (مسار اللؤلؤ: شاهد على اقتصاد الجزيرة) كثاني موقع مسجل على قائمة التراث الإنساني العالمي في مملكة البحرين. وقالت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن المشروع يهدف إلى إحياء تراث صيد اللؤلؤ في البحرين والحفاظ عليه وترميم المواقع التاريخية في المحرق. وأضافت الشيخة مي أن "الترويج للسياحة الثقافية يعتبر أحد الطموحات الرئيسية للمشروع في البحرين الغنية بالتراث الملموس وغير المادي على حد سواء". وأوضحت أنه تم حتى الآن الانتهاء من 16 ساحة عامة ومركزين للزوار وجسر المشاة وإعادة تأهيل "سوق القيصرية"، معربة عن أملها في تدشين المشروع بشكل كامل للزوار بنهاية عام 2022. ويعتبر السوق أقدم جزء من سوق المحرق التاريخي، والمسجل على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو). وقام السوق بدور أساسي في تشكيل اقتصاد اللؤلؤ في البحرين، حيث كان يشهد صفقات شراء وبيع اللؤلؤ واستلام وتخزين الأخشاب التي استخدمت في بناء أساطيل سفن صيد اللؤلؤ. وتعد "موسيقى الفجري التي أضيفت مؤخرا إلى قائمة اليونسكو للتراث غير المادي، جزءا من التراث غير المادي لطريق اللؤلؤ . والفجري هو شكل فريد من أشكال الغناء يمارس في البحرين ودول الخليج على متن سفن صيد اللؤلؤ، ويعبر عن العلاقة العميقة بين البحرينيين والبحر. ويمكن للزوار تجربة هذا الشكل الخاص من الأداء الموسيقي على طريق اللؤلؤ في مركز متخصص، وهو "دار المحرق". وقالت الشيخة مي "يتم الترويج لهذا المزيج الخاص من التجارب الثقافية الملموسة وغير الملموسة في جميع أنحاء المسار، ونعتقد أن الطريق يجعل من المحرق وجهة فريدة من نوعها ستساهم في دعم قطاع السياحة الثقافية المتنامية في البحرين". وبجانب طريق اللؤلؤ، يعتبر إنشاء معهد البحرين للؤلؤ والأحجار الكريمة "دانات" عام 2017، أحد المبادرات لإحياء تراث صيد اللؤلؤ. وجرى تأسيس "دانات" في إطار مشروع الخطة الوطنية لإحياء صناعة اللؤلؤ التي دشنت في العام نفسه لتعزيز سمعة المملكة بصفتها مركزا رائدا للخبرة في مجال الأحجار الكريمة، ونافذة على الأسواق العالمية لخدمة العملاء المحليين والعالميين. وكشفت الرئيسة التنفيذية للمعهد نورة جمشير في تصريح في نوفمبر الماضي أن "دانات" فحصت أكثر من 10 ملايين لؤلؤة في السنوات الأربع الماضية منذ إنشاء المركز ، وهو إنجاز يعزز مكانته كأبرز معمل في العالم لاختبار اللؤلؤ. وقالت إنه "مع إنشاء دانات، تمكنا من تعزيز سمعة المملكة كمركز لتجارة اللؤلؤ ووضع أنفسنا كدولة رائدة في منح شهادات فحص اللؤلؤ". وفي السنوات الأخيرة، نظمت المملكة أيضا مسابقات "الغوص على اللؤلؤ" لتشجيع الغواصين على المشاركة وإحياء هذا التراث التي اشتهرت به البحرين عبر عقود عديدة.
مشاركة :