ذكرت طهران يوم السبت أن الخطوة التي اتخذتها واشنطن بإعادة الإعفاء من العقوبات "جيدة ولكنها غير كافية"، بينما وصلت محادثات فيينا، التي بدأت قبل نحو 10 أشهر لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، الآن إلى مرحلة حاسمة. فقد أعلنت واشنطن يوم الجمعة أنها سترفع العقوبات المفروضة على البرنامج النووي المدني الإيراني، والذي يسمح بمشاريع التعاون النووي الدولي. -- "ليس تنازلا" نقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية قوله إن خطوة يوم الجمعة "ليست تنازلا لإيران"، ولا "إشارة إلى أننا على وشك التوصل إلى تفاهم بشأن عودة متبادلة إلى التنفيذ الكامل" للاتفاق النووي، المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها إلى الكونغرس إن الإعفاء من العقوبات "يهدف إلى تسهيل المناقشات التي من شأنها أن تساعد على التوصل إلى اتفاق بشأن عودة متبادلة إلى التنفيذ الكامل لخطة العمل الشاملة المشتركة وإرساء الأساس لعودة إيران إلى أداء التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة"، مضيفة أنه يهدف أيضا إلى "تقييد الأنشطة النووية الإيرانية". وأضاف المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية أنه "في غياب هذا الإعفاء من العقوبات، لا يمكن إجراء مناقشات تقنية مفصلة مع أطراف ثالثة بشأن التخلص من المخزونات وغيرها من الأنشطة ذات القيمة في مجال عدم الانتشار". وعلى النسق نفسه، "لم نقدم تخفيفا للعقوبات المفروضة على إيران ولن نقوم بذلك حتى تعود/ما لم تعد، طهران إلى التزاماتها بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة"، هكذا قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس في تغريدة له. وأضاف برايس أن مثل هذه الخطوة تهدف إلى "السماح لشركائنا الدوليين بالتصدي للمخاطر المتزايدة بمجالي عدم الانتشار النووي والسلامة في إيران". جاءت هذه التصريحات في الوقت الذي أعرب فيه منتقدو الاتفاق النووي، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، عن معارضتهم للقرار الذي اتخذه خليفته جو بايدن. وكتب ريتشارد جولدبيرج، أحد كبار مستشاري مؤسسة الصقور للدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن العاصمة، على تويتر يقول "ينبغي معارضة هذه الإعفاءات بناء على الأسس الموضوعية، وليس فقط لكونها إشارة إلى اليأس والضعف الكاملين". -- "غير كافية" غير أن عسال راضي، الباحث البارز في المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، قال إنه في الوقت الذي بدأ فيه الأشخاص، الذين دفعوا بسياسة ترامب الفاشلة، في الصراخ بأن هذا "تنازل" لإيران، عليكم أن تتذكروا أن "العقوبات التي تسحق اقتصادها لا تزال قائمة". كما أن الولايات المتحدة "لم تفعل شيئا على الإطلاق لإنهاء عقوبات "الضغط الأقصى" التي تستهدف المواطنين الأبرياء"، حسبما ذكر سيد محمد ماراندي البروفيسور في جامعة طهران. وكتب على تويتر يقول "مع حفاظه على حقوق إيران، يجب على أي اتفاق رفع جميع العقوبات الهمجية بشكل شامل ويمكن التحقق منه، كما يجب تقديم ضمانات موثوقة". وقد قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان يوم السبت إن إيران أوضحت للجانب الأمريكي، عبر وسطاء، أنه عليه إظهار "حسن نيته في العمل" في المفاوضات النووية بفيينا. وذكر أمير عبد اللهيان في رده على الخطوة الأخيرة من جانب واشنطن أن "حسن النية في الممارسة العملية، من وجهة نظرنا، يعني حدوث شيء ملموس على الأرض، ويمكن اعتبار رفع بعض العقوبات بمثابة حسن النية التي يتحدث عنها الأمريكيون". وأضاف "ما يحدث على الورق جيد لكنه غير كاف". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده يوم السبت إن "الأخبار التي نسمعها اليوم تتعلق ببعد يتمثل في رفع العقوبات النووية، والجميع يعلم أن هذا لا يكفي"، مضيفا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى "رفع جميع العقوبات، بما في ذلك النووية منها". -- "الاتجاه الصحيح" ذكر ميخائيل أوليانوف، مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، أن قرار الإعفاء الأمريكي "خطوة في الاتجاه الصحيح". وكتب أوليانوف، وهو أيضا رئيس الوفد الروسي إلى المفاوضات النووية، على تويتر يوم السبت يقول إن "ذلك سيساعد في تسريع استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة والعودة المتبادلة من جانب الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال لاتفاق 2015. ويمكن أيضا اعتباره مؤشرا على أن محادثات فيينا قد دخلت المرحلة النهائية". كما أشار راضي إلى أن "هذه الإعفاءات تتيح للدول الأخرى العمل في برنامج إيران النووي المدني، وهي خطوة تساعد على عودتها إلى الامتثال". غير أن "تعليق العديد من العقوبات النووية، التي لن يكون لها تأثير اقتصادي، هو بداية لعبة جديدة من إلقاء اللوم، أكثر من كونه علامة على حسن النية الأمريكية"، حسبما كتب ((نور نيوز))، وهو موقع قريب من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني يوم السبت. ففي الوقت الذي "يرتبط فيه تقدم المفاوضات بصنع القرار السياسي الأمريكي، فإن هذا الاستعراض هو مجرد خطوة لتخفيف الضغط على واشنطن ومواصلة لعبة إلقاء اللوم"، هكذا حذر الموقع في تقريره. ووفقا لما اُتفق عليه من قبل مختلف الأطراف، فقد تسارعت وتيرة التقدم في المسائل الخلافية الأقل تعقيدا، لكن الخلاف حول الأمور الشائكة، مثل الضمانات وإجراءات التحقق، لا يزال قائما. وقال إنريكي مورا، منسق الاتحاد الأوروبي في المفاوضات، مؤخرا إن "هناك حاجة إلى اتخاذ قرارات سياسية الآن". ومن أجل دفع المفاوضات قدما، سلط علي فائز، الخبير الإيراني في مجموعة الأزمات الدولية، الضوء على "الحاجة إلى مزيد من المرونة من كلا الجانبين"، واقترح على الولايات المتحدة أن "تكون البادئة في هذا الصدد".
مشاركة :