منعت الشرطة التونسية الاثنين موظفي المجلس الأعلى للقضاء من دخول مقره، في إشارة على ما يبدو إلى دخول قرار حله حيز التنفيذ. وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس يوسف بوزاخر الاثنين إن قوات الشرطة أغلقت أبواب المجلس بأقفال حديدية، ومنعت الموظفين من دخوله. وأضاف بوزاخر "الرئيس مرّ إلى مرحلة افتكاك (مصادرة) المؤسسات. ما يحصل خطير جدا وغير قانوني". وسبق أن أكد بوزاخر أن وجود القوات الأمنية مساء الأحد بمحيط مقر المجلس، يهدف إلى حمايته، وذلك بطلب منه وليس لتطويقه كما يتم الترويج لذلك. وأوضح بوزاخر في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أن "المجلس الأعلى للقضاء وتحسّبا لتظاهرات الأحد، طلب تعزيزا أمنيا من وزارة الداخلية لحمايته، وهو ما تم بالفعل". وأضاف أنه على إثر انتهاء التظاهرات، "غادرت بعض القوات وبقيت بعض العناصر الأمنية، إضافة إلى أفراد الأمن الاعتيادي الموجودين لحماية المجلس لا غير". وتعليقا على هذا التطور، قال عميد المحامين التونسيين إبراهيم بودربالة الاثنين إن المجلس الأعلى للقضاء لم يتم إلغاؤه، وإنما أُعيد النظر في تركيبته، مؤكدا تعامله بإيجابية مع قرار سعيّد ومساندته لكل ما يستوجب التقييم والإصلاح. وأعلن الرئيس التونسي الأحد حلّ المجلس الأعلى للقضاء، معتبرا أنه يخدم أطرافا معينة بعيدا عن الصالح العام، كما ورد في تسجيل فيديو نشرته رئاسة الجمهورية. وقال قيس سعيّد خلال زيارة إلى مقر وزارة الداخلية "ليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي"، مشيرا إلى أن "هذا المجلس أصبحت تباع فيه المناصب، بل ويتم وضع الحركة القضائية (التعيينات فيه) بناء على الولاءات". وأضاف الرئيس سعيّد، الذي أعلن في الخامس والعشرين من يوليو الماضي تعليق أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة وتوليه السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعينه هو، "سنعمل على وضع مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء"، مؤكدا أن "أموالا وممتلكات تحصّل عليها عدد من القضاة المليارات المليارات (…) هؤلاء مكانهم المكان الذي يقف فيه المتهمون". وتأتي تصريحات الرئيس سعيّد بشأن المجلس بعد انتقاداته اللاذعة على مدى أشهر للقضاة، حين ردد كثيرا بأنه لن يسمح بأن تكون هناك دولة للقضاء، بل هناك قضاء الدولة. وانتقد كثيرا تأخر القضاء في إصدار الأحكام في قضايا الفساد والإرهاب، قائلا إن هناك فسادا وإنه مصرّ على إصلاح القضاء. والمجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية "ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية"، حسب الدستور، ومن بين صلاحياته اقتراح الإصلاحات الضرورية في مجال القضاء. ويتكون المجلس الذي استحدث عام 2016 من 45 عضوا بين قضاة ومتخصصين في القانون. وكان سعيّد قرر في خطوة أولى في التاسع عشر من يناير الماضي حذف المنح والامتيازات المالية لأعضاء المجلس. ووافق الرئيس سعيّد على مظاهرات لبعض معارضي قراراته، قائلا "أقول للتونسيين تظاهروا بكل حرية.. من حقكم ومن حقنا حل المجلس الأعلى للقضاء". وتأتي موافقة سعيّد على مظاهرات الأحد، رغم استمرار سريان قرار حكومي بمنع المظاهرات حتى منتصف الشهر الحالي بسبب انتشار فايروس كورونا. ولم يقم الرئيس التونسي بأي حملة اعتقالات. كما لم يحاول إسكات النقاش الدائر في البلاد منذ العام الماضي، بل وعد بالحفاظ على الحقوق والحريات التي اكتسبها التونسيون في انتفاضة 2011 والتي أثمرت نظاما ديمقراطيا. ويقول سعيّد إنه سيعيد صياغة الدستور ويطرحه لاستفتاء في الصيف، لكن الأحزاب السياسية الرئيسية ومنظمات المجتمع المدني تقول إن أي تغيير يجريه يجب أن يتم بناء على حوار. وتواجه تونس أزمة تلوح في الأفق في ماليتها العامة واقتصادا متدهورا يهدد بالإضرار بمستويات المعيشة خلال الشهور التالية، مما يشكل تحديا كبيرا لأي جهود لتنفيذ إصلاحات مهمة.
مشاركة :