قبل أكثر من أربع سنوات ومع بداية أحداث الثورات في دول الدمار العربي أذكر كتبتُ في هذه الزاوية متسائلة أنّ المتتبع أو الراصد لنشاط تنظيم القاعدة منذ شهر يناير م لا يعثر على ذلك الحراك الكبير والمؤثر للتنظيم كما كان في اليمن والعراق على وجه التحديد؛ وقد تبين أن الإغراء الإعلامي الذي كان يحظى به التنظيم قد تبخّر جله، لم تعد الأخبار عن القاعدة هي الهدف الرئيسي للمشاهد فقد حلّت الثورات محل التنظيمات. وكان السؤال حينها هل القاعدة لا زالت تشكل تهديداً للعالم؟! وبالرجوع إلى التقرير السنوي الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية الأميركية في 18 أغسطس 2011 نقرأ فيه أن تنظيم القاعدة كان «التهديد الإرهابي الأكبر» للولايات المتحدة في العام الماضي 2010 خصوصاً بسبب شبكاته في باكستان واليمن والصومال! كما ذكر التقرير أنه وب» الرغم من أن قلب تنظيم القاعدة في باكستان قد ضعف، فإن قدرته على شن هجمات إقليمية وعبر الدول ما زالت قائمة؛ إن تنظيم القاعدة كان التهديد الإرهابي الأكبر ضد الولايات المتحدة في العام 2010 ولا يزال الخطر على جنوب آسيا من القاعدة مرتفعاً، ولا يزال التنظيم الارهابي يشكل تهديداً خصوصاً بسبب مساعدة المجموعات الحليفة في أفغانستان وباكستان مثل حركة طالبان باكستان وشبكة حقاني». من المفارقات الساخرة ورغم أننا لا نزال في عام م هذا يعني أنه لم يمضِ زمن طويل على التقرير كيف زال خطر التنظيم هكذا فجأة حتى لو كان المخرج يبلغ من الاحتراف في تبدّل الأدوار لدرجة أن داعش باتت هي مصدر التهديد الإرهابي للعالم! هجمات باريس الإرهابية ذكّرتني بكلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي استبق ذكرى 11 سبتمبر حينما حذّر من خطورة «الإرهاب الفردي» كالذي جرى في النرويج في عام م طارحاً نظرية «الذئب المتوحّد» والذي يمكنه أن يقضي على أرواحٍ عديدةٍ من البشر، وأن الخطر القادم ربما لن يكون فقط من خلال «التنظيم الجماعي» على خطورته؛ وإنما من «الذئب المتفرّد»، لكأنه يلمّح إلى أن هذا الأسلوب يمكن أن يلجأ إليه التنظيم من خلال الإيعاز للأفراد بالقيام بأي عمليةٍ حتى من دون الرجوع إلى زعيم وهو ما وقع ويقع الآن لكن بتوقيع داعش! خطر القاعدة أو داعش أو أي تنظيم وواجهة إرهابية لا يزال ماثلاً؛ غير أن الأخطر توظيف الأنظمة أو توظيف دولة لاسم التنظيم أو للإرهاب لتنفيذ أجندة ومخططات سياسية، من خلال شنّ عملية إرهابية يتبناها التنظيم وهو لم يقم بها بالضرورة!.
مشاركة :