من استمع إلى ما زعمه المتحدث باسم خارجية النظام الإيراني عن حادثة تفجير الأحساء تمثّل له: كاد المريب أن يقول خذوني! ففضلاً عن أبسط قواعد الديبلوماسية وعدم مشروعية تدخّل النظام الإيراني في شؤون دولة ومحاولات ممارسة دور الوصاية على بعض مواطنيها في شأن سيادي لا لمجرّد كون النظام الإيراني يفتقر إلى تلك القواعد وإنما لأنه يقتات عليها لوجوده وسحب البساط من الشيطان الأكبر وتمثّل دوره حقيقةً في المنطقة والعالم بأسره. يذكر الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية في لقاءٍ معه ضمن فيلمٍ وثائقي أن الملك فهد -رحمه الله تعالى- كان يريد من إيران فقط كف الأذى. ليس للعرب طموح أن تكون إيران ضمن مصالحهم لأن إيران تنطلق من جذور تاريخية وتريد أن تكون امبراطوريةً تأمر ولا تؤمر، وتكون هي المدبر الرئيسي لكل صغيرة وكبيرة في العالم العربي. وإيران ليست سبّاقة للتعامل مع العرب بلباقة، بل تدعم الحركات الإرهابية، من العراق إلى لبنان عبر حزب الله إلى منطقة الخليج، هي لا تدعم الحقوق، بل تدعم أي أمر يعزز الاضطراب الداخلي لهذه الدولة أو تلك. وإذا عدنا إلى تاريخ التنظيمات والجماعات الإرهابية وحركات الإسلام السياسي المسلح منها وغير المسلح التي تشترك في الطموح السياسي سنجد أن إيران كانت ولا تزال هي الداعمة الرئيسية لهم والداعمة الأولى لهم والمنافحة عنهم والبيئة الحاضنة لهم ولقياداتهم من تنظيم القاعدة وحزب الله حتى داعش ومن والاهم. مع فشل النظام الإيراني فيما سُمِّيَ خديعة بالربيع العربي في تحقيق حلمه الثوري بالمنطقة وهزائمه المتوالية التي تكبّدها في سبيل حماية النظام السوري وإصابته بمقتل على إثر عاصفة الحزم وقطع الطريق عليه باليمن وحينما مارست المملكة حقا من حقوقها السيادية بتنفيذ القصاص في إرهابياً لم يكن أمام النظام الإيراني سوى تحريك أدواته وأقصى ما يمكنه ممارسة الاعتداء السافر على سفارة المملكة بطهران وحينما حسمت المملكة موقفها وقرّرت قطع المملكة لعلاقاتها مع إيران لم يكن بوسع النظام الإيراني سوى العودة لذات حيله وألاعيبه ومحاولات إشعال نيران الطائفية من جديد. كانت الضربات الأمنية تجاه الأعمال الإرهابية في المنطقة الشرقية فرصةً لمحاولة إشعال فتيل نيران الطائفية والتشنيع المذهبي. وكأن الجهات الأمنية لفئةٍ من الناس دون غيرها. الطائفية بعيدة كل البعد عن العمل الأمني ذلك أن الحفاظ على مكتسبات الوطن ومقدراته فوق الجميع. وهذه الصيغة من التضليل بحيث يوضع كل حدثٍ ضمن سياقات مذهبية وطائفية قد عفى عليه الزمن وحريّ بكل عاقل وفضلاً عن مواطن أن نتأمل بالفعل بمحيطنا المضطرب لنتكاتف كمواطنين بكل فئاتنا لحماية الوطن من كل أَذى.
مشاركة :