مفاوضات النووي الإيراني تدخل مرحلة الحسم فيينا - استؤنفت الثلاثاء في العاصمة النمساوية فيينا المحادثات حول الملف النووي الإيراني، وهدفها المعلن من جانب جميع الأطراف هو التوصل إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن، فيما لم تُخفِ واشنطن -التي لا تشارك في المفاوضات بشكل مباشر- تحمّسها الاثنين. وقال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية “رغم التقدم المحرز” وصلت “المحادثات إلى مرحلة صار بمقتضاها إبرام اتفاق أمرا ملحا وأوضح “ترتسم ملامح اتفاق في الأفق يهدئ المخاوف الأساسية لجميع الأطراف، لكن إذا لم يُبرم في الأسابيع المقبلة فإنّ التقدّم النووي الإيراني المستمرّ سيجعل عودتنا إلى خطة العمل الشاملة (الاتفاق الإطاري الذي أبرم عام 2015) مستحيلة”. وكان المفاوضون افترقوا في نهاية يناير على دعوة إلى اتخاذ “قرارات سياسية” بعد “التقدم” المحرز خلال مطلع السنة والذي سمح بالخروج من طريق مسدود منذ فترة طويلة. وبوشرت المحادثات في ربيع عام 2021 بين إيران والدول التي لا تزال طرفا في الاتفاق وهي ألمانيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا، فيما يشارك الأميركيون بطريقة غير مباشرة. وانسحبت واشنطن في عهد دونالد ترامب أحادياً من الاتفاق عام 2018 بعد ثلاثة أعوام من إبرامه، معيدة فرض عقوبات قاسية على إيران التي ردّت بعد عام تقريبا بالتراجع تدريجيا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق. وتهدف المفاوضات الراهنة إلى السماح بعودة واشنطن وطهران -بشكل متزامن- إلى الالتزام بالاتفاق الذي يؤيده الرئيس الأميركي جو بايدن. لكن الوقت يضغط؛ إذ يفيد خبراء بأن الإيرانيين حادوا بشكل كبير عن القيود التي يفرضها اتفاق عام 2015 إلى درجة أنهم باتوا على مسافة أسابيع قليلة من امتلاك ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة ذرية. وحذرت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي من أن الوقت المتاح لا يتعدى “أسابيع قليلة جدا”، متمنية مجددا مباحثات “مباشرة” للتوصل إلى تسوية “في الأمتار الأخيرة”. ومن جانبها شدّدت طهران من جديد على الأولوية بالنسبة إليها وهي إلغاء العقوبات التي تخنق اقتصادها. وكتب علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني وهو أعلى هيئة سياسية أمنية عسكرية في إيران، في تغريدة أنه “تم تحديد جدول الأعمال بشكل دقيق. اتفاقٌ لا يتم فيه رفع العقوبات التي تشكل ضغوطًا قصوى لا يمكن أن يشكل أساسًا لاتفاق جيد”. وأضاف أنه إذا استمرّت واشنطن في الضغط على طهران فإن “مسار المفاوضات لن يكون سهلًا”. والجمعة بادرت واشنطن إلى إعادة العمل بإعفاءات ترتبط بالبرنامج النووي المدني للجمهورية الإسلامية، وهي خطوة ضرورية للعودة إلى اتفاق عام 2015. ويسمح الإعفاء للدول والشركات الأخرى بالمشاركة في البرنامج النووي المدني الإيراني دون فرض عقوبات أميركية عليها، في إطار تعزيز الأمان وعدم انتشار الأسلحة النووية. والاثنين أعلم 33 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ الأميركي الرئيس بايدن بأنهم سيعملون على إعاقة أي اتفاق نووي جديد مع إيران إذا لم تسمح حكومته للكونغرس بمراجعة شروطه والتصويت عليها. وأبلغ كروز وغيره من كبار الأعضاء الجمهوريين بمجلس الشيوخ الرئيس بايدن بأن تنفيذ أي اتفاق جديد “ستتم إعاقته بشكل كبير إن لم يكن بصورة نهائية” إذا لم يف بالالتزامات القانونية التي تهدف إلى ضمان إشراف الكونغرس على التعديلات أو التغييرات التي طرأت على الاتفاق النووي المبرم عام 2015. ولم يقدم أعضاء الكونغرس أي تفاصيل تتعلق بخططهم، لكن الجمهوريين عادة ما يستخدمون أساليب متنوعة لإبطاء تشريعات أخرى أو تعليق مرشحي بايدن لمناصب مختلفة بما في ذلك الكثير من مناصب السفراء. وينقسم مجلس الشيوخ إلى 50 مقعدا للجمهوريين و50 مقعدا للديمقراطيين، لكن كاملا هاريس نائبة الرئيس وهي من الحزب الديمقراطي تمتلك الصوت الحاسم في أي تعادل بين الجمهوريين والديمقراطيين لذا فإن السيطرة على المجلس لصالح الديمقراطيين. لكن الديمقراطيين قد يفقدون السيطرة على مجلسي الشيوخ والنواب في انتخابات التجديد النصفي المقررة في وقت لاحق من هذ العام. ويقول أعضاء مجلس الشيوخ إن أي اتفاق نووي مع إيران سيعد بمثابة معاهدة تتطلب مشاورة وموافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. وأضافوا أن أي اتفاق لا يرقى إلى مستوى معاهدة تحظى بتصديق مجلس الشيوخ “من المرجح أن يتم التخلي عنه في الأيام الأولى للإدارة الرئاسية المقبلة” مع توقع فوز الجمهوريين في السباق الرئاسي لعام 2024.
مشاركة :