«العيطة».. فن تراثي مغربي يقاوم الاندثار

  • 2/10/2022
  • 01:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بعدما‭ ‬ارتبط‭ ‬فن‭ ‬‮«‬العيطة‮»‬‭ ‬بحشد‭ ‬همم‭ ‬المغاربة‭ ‬لمقاومة‭ ‬الاستعمار‭ ‬ورفض‭ ‬الظلم‭ ‬والاستبداد،‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬التراثي‭ ‬القديم‭ ‬الذي‭ ‬تتفرد‭ ‬به‭ ‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬يقاوم‭ ‬بصمت‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء،‭ ‬وسط‭ ‬تخوفات‭ ‬من‭ ‬اندثاره‭. ‬و«العيطة‮»‬‭ ‬في‭ ‬العامية‭ ‬المغربية‭ ‬تعني‭ ‬‮«‬العياط‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬النداء‭ ‬والاستغاثة‭ ‬بصوت‭ ‬عال‭.‬ وعرف‭ ‬الشاعر‭ ‬والمؤلف‭ ‬المغربي‭ ‬حسن‭ ‬نجمي‭ ‬صاحب‭ ‬كتاب‭ ‬‮«‬غناء‭ ‬العيطة‭.. ‬الشعر‭ ‬الشفوي‭ ‬والموسيقى‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬المغرب‮»‬،‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬بـ«النفس‭ ‬الساخن‭ ‬الصاعد‭ ‬من‭ ‬الدواخل،‭ ‬عبر‭ ‬الأصوات‭ ‬البشرية‭ ‬الأنثوية‭ ‬والذكورية،‭ ‬والإيقاعات‭ ‬والألحان‭ ‬الآسرة‮»‬‭. ‬وأشار‭ ‬نجمي،‭ ‬في‭ ‬كتابه‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬سنة‭ ‬2007،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬‮«‬أسعف‭ ‬على‭ ‬ميلاد‭ ‬شعر‭ ‬شفوي‭ ‬ظل‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬الجراح‭ ‬الفردية‭ ‬والجماعية‭ ‬مثل‭ ‬النزف‭ ‬الدافق،‭ ‬ويلتصق‭ ‬بذوات‭ ‬ومصائر‭ ‬المزارعين‭ ‬والرعاة‭ ‬والقرويين‭ ‬عموما،‭ ‬المنحدرين‭ ‬من‭ ‬ذاكرة‭ ‬عميقة،‭ ‬ومن‭ ‬سلالات‭ ‬عربية‭ ‬لها‭ ‬تاريخ‭ ‬بعيد،‭ ‬مهمل،‭ ‬مكبوت‭ ‬ومسكوت‭ ‬عنه‮»‬‭. ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬تاريخ‭ ‬محدد‭ ‬لميلاد‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬التراثي‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬كونه‭ ‬تعبيرا‭ ‬فنيا‭ ‬شفاهيا‭ ‬بالأساس،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المهتمين‭ ‬بالموروث‭ ‬الغنائي‭ ‬المغربي،‭ ‬يؤكدون‭ ‬أن‭ ‬الفترة‭ ‬الذهبية‭ ‬لـ«العيطة‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬خلال‭ ‬مرحلة‭ ‬الحماية‭ ‬الفرنسية‭ ‬وما‭ ‬تلاها‭ ‬من‭ ‬ظروف‭ ‬صعبة‭ ‬عاشتها‭ ‬المملكة‭ ‬بسبب‭ ‬الاستعمارين‭ ‬‮«‬الفرنسي‭ ‬والإسباني‮»‬‭. ‬وتم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬‮«‬العيطة‮»‬‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬كقوة‭ ‬ناعمة‭ ‬لمجابهة‭ ‬التحديات،‭ ‬وأيضا‭ ‬لتعزيز‭ ‬علاقة‭ ‬الشعب‭ ‬مع‭ ‬الجالس‭ ‬على‭ ‬العرش،‭ ‬بالإضافة‭ ‬لدورها‭ ‬الترفيهي‭. ‬ وقال‭ ‬الأستاذ‭ ‬الباحث‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع‭ ‬بكلية‭ ‬العلوم‭ ‬القانونية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬بسلا‭ ‬الجديدة،‭ ‬علي‭ ‬شعباني،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬العيطة‮»‬‭ ‬ارتبط‭ ‬قبل‭ ‬مرحلة‭ ‬الاستعمار‭ ‬بالغزوات‭ ‬والحروب‭ ‬الداخلية،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬يتم‭ ‬مدح‭ ‬الفرسان‭ ‬ورثاء‭ ‬القتلى‭ ‬في‭ ‬ساحة‭ ‬المعارك‭. ‬وأضاف‭ ‬شعباني،‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«إرم‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬المذكورة‭ ‬ازدهرت‭ ‬‮«‬العيطة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عربية‭ ‬كـ«المزاب،‭ ‬وبني‭ ‬مسير،‭ ‬وبني‭ ‬هلال،‭ ‬وبني‭ ‬عمير،‭ ‬وعبدة،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬القريبة‭ ‬لها‭ ‬وسط‭ ‬المملكة‮»‬،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المناطق‭ ‬اشتهرت‭ ‬بـ«الغزاة‮»‬‭. ‬ ورأى‭ ‬المتحدث‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬أثناء‭ ‬مرحلة‭ ‬الاستعمار‭ ‬1912-1956،‭ ‬انتشر‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬بالمغرب،‭ ‬وكان‭ ‬بمثابة‭ ‬سلاح‭ ‬فعال‭ ‬أزعج‭ ‬المستعمر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬البسيطة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتوافر‮»‬‭. ‬وبين‭ ‬شعباني‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬الأغاني‭ ‬كانت‭ ‬حينها‭ ‬سريعة‭ ‬الانتشار،‭ ‬وعملت‭ ‬على‭ ‬توحيد‭ ‬صفوف‭ ‬المغاربة‭ ‬لطرد‭ ‬المستعمر‭ ‬وتوعيتهم‭ ‬بضرورة‭ ‬المقاومة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬زمننا‭ ‬هذا‭ ‬اعتبر‭ ‬شعباني‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هذا‭ ‬اللون‭ ‬الموسيقي‭ ‬فقد‭ ‬بريقه‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب‮»‬،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هناك‭ ‬مبادرات‭ ‬شبابية‭ ‬للنهوض‭ ‬بهذا‭ ‬التراث‭ ‬الفني‮»‬،‭ ‬ويعتقد‭ ‬المتحدث‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الفن‭ ‬ضاع‭ ‬في‭ ‬عصرنا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ضاعت‭ ‬معه‭ ‬أبعاد‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أضحت‭ ‬الأغاني‭ ‬الحالية‭ ‬بلا‭ ‬هوية‮»‬‭.‬

مشاركة :