رأى محللون سياسيون أن قرار الاتحاد الأفريقي تعليق منح إسرائيل صفة مراقب يمثل حالة من الاصطفاف بجانب القضية الفلسطينية بما يشكل ضغطا على إسرائيل. وقررت القمة الأفريقية التي عقدت قبل أيام تعليق عضوية إسرائيل كمراقب لدى الاتحاد الأفريقي، وهو أمر قوبل بترحيب عربي، حيث اعتبرته الجامعة العربية خطوة تصحيحية تأتي اتساقا مع المواقف التاريخية للاتحاد الأفريقي الداعمة للقضية الفلسطينية والمناهضة للاستعمار. ويعد الاتحاد الأفريقي أكبر وأهم منظمة في القارة الإفريقية، ويشمل في عضويته جميع دول القارة (55 دولة). وكانت إسرائيل انضمت إلى الاتحاد كعضو مراقب، بناء على قرار من رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي، في يوليو الماضي. وعقب القرار، اعترضت عدة دول عربية وأفريقية من بينها مصر والجزائر وجنوب أفريقيا، مطالبة بالتراجع عنه. وتملك إسرائيل علاقات مع 46 دولة من إجمالي 55 دولة في أفريقيا، وذلك بعد أن جددت في السنوات الأخيرة علاقاتها الدبلوماسية مع تشاد وغينيا. وقال المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع إن "إسرائيل تسللت إلى الاتحاد الأفريقي مستغلة الانشغال الفلسطيني والعربي ببعض القضايا الداخلية، وحصلت من خلال رئيس المفوضية الأفريقية على صفة مراقب، دون الرجوع إلى مجمل دول الاتحاد". وأضاف مطاوع، وهو مدير منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "هذا الأمر دفع بعض الدول العربية الأفريقية إلى تقديم طلب في أغسطس الماضي بإلغاء قرار منح إسرائيل صفة مراقب، وهو ما حدث بالفعل خلال القمة الأفريقية" الأخيرة. وتابع أن "الضغوط العربية نجحت في إرسال رسالة قوية لإسرائيل من خلال هذا القرار (تعليق صفة المراقب).. وأفشلت مخطط إسرائيل للتسلل إلى الاتحاد الأفريقي". وأردف الخبير الفلسطيني أن "هذا القرار على المستوى الرسمي أوقف جانبا من جوانب الاختراق والتوغل الإسرائيلي لإفريقيا، لكن هناك جانب آخر من المهم الانتباه له من قبل الدول العربية والأفريقية المناصرة للقضية الفلسطينية لمنع امتداد هذا التوغل، وهو الشركات الخاصة الإسرائيلية التي تتبع في الغالب جهات أمنية وتحاول أن تعمل في أفريقيا وتقدم بعض المساعدات لدول أفريقية بهدف الحصول منها على مواقف تتوائم مع تطلعات إسرائيل"، على حد قوله. وواصل أن "إسرائيل أرادت من خلال الحصول على صفة مراقب بالاتحاد الأفريقي اختراق تصويت دول حركة عدم الانحياز في الأمم المتحدة، من أجل إحباط القرارات المستقبلية التي تدعم القضية الفلسطينية، لذلك حاولت دخول الاتحاد الأفريقي واستغلال معاناة بعض الدول الأفريقية وتقديم دعم لها في مجالات مختلفة سواء أمنية أو اقتصادية في مقابل مواقفها في الأمم المتحدة"، على حد تعبيره. ورأى أن تعليق قرار منح إسرائيل صفة مراقب يؤكد أن الدول الأفريقية مازالت مناصرة للشعب الفلسطيني، ولن تغير مواقفها من القضية الفلسطينية في المؤسسات الأممية، قبل أن يختم أن القرار أيضا "رسالة لإسرائيل بأنه طالما الاحتلال قائم وإجراءاته ضد الفلسطينيين مستمرة فلن تجد سهولة في الاندماج في هذا العالم". بدوره، اعتبر الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية بالقاهرة أن تعليق قرار منح إسرائيل صفة مراقب "نجاح للمجموعة العربية في الاتحاد الأفريقي وعلى رأسها الجزائر". وقال غباشي لـ((شينخوا))، إن هذا القرار يمثل "بداية تفعيل دور الاتحاد الأفريقي كمساند للقضية الفلسطينية والقضايا العربية على المستويين الإقليمي والدولي، وهذه مسألة افتقدناها في الفترة السابقة". وأوضح أن "الموقف الأفريقي، بناء على قرار تعليق وجود إسرائيل كمراقب في الاتحاد، بالتأكيد موقف جيد" للقضية الفلسطينية. وأشار إلى أن "تأثير هذا القرار على القضية الفلسطينية هو تأثير معنوي فقط لأن الوضع بالنسبة لهذه القضية شائك ومعقد". أما الدكتور جهاد الحرازين أستاذ النظم القانونية والعلوم السياسية والقيادي بحركة فتح الفلسطينية فرأى أن هذا القرار يمثل "حالة من الاصطفاف بجانب حقوق الشعب الفلسطيني". وأوضح الحرازين لـ((شينخوا)) أن القرار يؤكد "مواصلة الانحياز الإيجابي لصالح القضية الفلسطينية والوقوف بجانب الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية بما يشكل قوة فاعلة وتشكيل حالة من الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية". وأردف أن إسرائيل كانت تأمل في استمرارها كمراقب داخل الاتحاد الأفريقي حتى تتغلغل أكثر داخل القارة الأفريقية، خاصة أن لها امتدادات اقتصادية وتكنولوجية بالدول الأفريقية، وكانت بحاجة للغطاء السياسي. واستدرك "لكن الدول الأفريقية انحازت للقضية الفلسطينية خاصة بعد الجهد الدبلوماسي العربي الكبير الذى بذل خلال المرحلة السابقة والذي كشف الصورة أمام الدول الأفريقية بأن إسرائيل ما تزال تمارس القمع ضد الفلسطينيين". وتابع أن "الرسالة العربية الدبلوماسية التي وصلت لإسرائيل من خلال هذا القرار هي أنها لن تستطيع أن تجمل وجهها" . وأكد أن "القرار الذى اتخذ من قبل الاتحاد الأفريقي يحد من حالة التغول السياسي لإسرائيل في القارة الأفريقية.. ومطلوب مواصلة هذه الجهود والمزيد من الضغوط لإفشال التحركات الإسرائيلية في أفريقيا من خلال إيلاء الدول العربية هذه القارة المزيد من الاهتمام الاقتصادي والتجاري والتنموي".■
مشاركة :