نشوة الانتصار وحسرة الانكسار

  • 2/11/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بالرغم من أن الشعور بالفشل من أصعب المشاعر وأكبر التحديات التي تعترض تحقيق الأهداف التي يصبو إليها الشخص في حياته، فإنه لا ينفي القُدرة على النجاح في المستقبل، حيث يمثل لدى الكثيرين مرحلةً انتقالية و"استراحة محارب" للوصول إلى بر النجاح، فإذا كانت ثنائية الحياة تتوالى بين نصر وهزيمة فإن أهم من النصر هو ما تفعله حال تحقيقه، والأصعب من الهزيمة هو ما تفعله بعدها وليست كلّ هزيمة للآخر نصراً لك، كما أن ليست كلّ هزيمة هي هزيمة فعلا، وينطبق ذلك على النصر. ومن البدهي أن بناء أي بلد يحتاج إلى معرفة ما نملك من موارد وإمكانات، وكيفية توظفيها جيدا، وإرساء الأسس والقواعد، وجعلها سهلة ومستقرة، والأهم من ذلك وجود نظام إدارة قادرة على فهم متطلبات الشعوب والتجاوب مع والمستجدات والتغيرات. عربيا، وبالرغم من توافر الموارد الطبيعية لدى كثير من الدول فإن مواردها البشرية تبدو محطمة، والأنظمة الحاكمة فيها تعيث في البلاد والعباد فساداً وإفساداً، وفي المقابل هناك دول تحقق لها النجاح بموارد محدودة، وضمنت لنفسها الاستقرار والتقدم وذلك لأنها استطاعت التغلب على الهزائم، وقلبتها إلى نقاط قوة، وخير مثال على ذلك دولة اليابان التي خرجت من كبريات الحروب بهزائم ماحقة، ولكنها استغلت المتاح لديها وحققت انتصارات ساحقة في ساحات العلم والتكنولوجيا الحديثة، وأحرزت إنجازات مذهلة من الصعب الإتيان بمثلها. وبعيد منتصف خمسينيات القرن الماضي حاربت الكثير من الدول العربية الاستعمار، ونجحت في طرده، ولكنها فشلت في إقامة دول ذات أنظمة مستقرة ومستقلة، فمازال الاستعمار قابعا في أركانها، ولكن بصورة أخرى مختلفة، في العقول والثقافات. وإذا نظرنا إلى "الربيع العربي" كما يسميه البعض، فإن الذين قادوا هذا الحراك افتقروا إلى الرؤية الناضجة الواضحة لبناء دول ذات ركائز متينة، وظلوا يتناحرون تحت وطأة دوافع أيديولوجية أو مصالح ضيقة وأسباب لا ترقى لكل هذا النزاع. وعقب مضي سنوات عدة، لا يزال الناس بين مطرقة الندم على الماضي وسندان الخشية من المستقبل، فعلينا أن نعيش بإشراقة الأمل ونستلهم الدروس والعبر وتعويض ما ضاع من ثروات، وهذا عمل مؤسسي يبدأ من الأسفل إلى الأعلى والعكس يتحمله المواطن والنائب والوزير.

مشاركة :