الأكراد.. نشوة في سوريا وحسرة في العراق

  • 10/23/2017
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تساءلت صحيفة لاكروا الفرنسية عن مستقبل أكراد العراق وسوريا بعد هزيمة تنظيم داعش، في ظل انتصار جزء منهم وانحسار الجزء الآخر. فأكراد سوريا كانوا في طليعة القوات التي حررت مدينة الرقة من قبضة «داعش»، وهم يعيشون اليوم نشوة ذلك النصر، في الوقت الذي يمر فيه إخوانهم العراقيون في الجانب الآخر من الحدود أحلك أوقات تاريخهم. كيف لا وقد استولت بغداد على معظم الأراضي التي سيطروا عليها منذ عام 2005، خاصة خلال الحرب ضد «داعش»، وذلك ردا على استفتاء الاستقلال الذي أجروه في 25 سبتمبر2017؟ الأكراد السوريون لا شك ــــ حسب الأستاذ في معهد التاريخ بجامعة نوشاتيل، والخبير في الشؤون الكردية جوردي تيجل ــــ أن أكراد سوريا أقوى اليوم من ذي قبل مما يخولهم فرصة للتفاوض مع دمشق، ولكن يبقى السؤال حول الأهداف. ويلفت تيجل إلى أن أهداف الحزب الكردي السوري الاتحاد الديموقراطي لا تزال غير واضحة. لكنه يكشف في الوقت نفسه عن اجتماع قال إنه جرى في الآونة الأخيرة بين وسيط روسي مسؤول عن الشرق الأوسط وأفريقيا وبين مسؤولين أكراد في الأراضي الخاضعة لسيطرتهم في شمال سوريا، وذكر أن النقاش تمحور حول مناقشة مسألة الفدرالية ضمن سوريا موحدة. كما أجروا مفاوضات مع وزارة الداخلية السورية حول الموضوع ذاته، فهل ذلك تمهيد للفدرالية؟ من الصعب معرفة ما يطمح إليه حزب الاتحاد الديموقراطي؛ إذ شهد مشروعه الذي ما فتئ يتحقق منذ بداية الثورة السورية في عام 2011، الكثير من التغييرات حسب التطورات الميدانية. فأكراد سوريا أقوى من أي وقت مضى، ولكن الولايات المتحدة يمكن أن تتخلى عنهم في أي وقت، فهذا الدعم الخارجي غالبا ما يكون متقلب الأطوار، ولذلك فإن أكراد سوريا أكثر واقعية وهم يسعون لإيجاد حل مع دمشق، حتى لو كلفهم ذلك التواصل مع النظام السوري المنبوذ عالميا. لكن حتى طموحهم لحكم ذاتي تعترضه مسألة إعادة توزيع مداخيل النفط الموجود أساسا في منطقة دير الزور؛ إذ لا يتوقع أن تقبل الحكومة السورية بنقاش تلك المسألة، ناهيك عن الموافقة عليها. وعليه، فإن النفوذ السياسي الذي تمكن أكراد سوريا من تحقيقه قد لا يصاحبه نفوذ اقتصادي حقيقي يمكنهم من تحقيق ما يصبون إليه. أكراد العراق أما أكراد العراق فإنهم سيحتفظون بالحكم الذاتي الذي يتمتعون به بموجب دستور عام 2005، وذلك حسب رغبة بغداد، لكنهم لن يتمتعوا بأي استقلال اقتصادي وسياسي حقيقي. فاستعادة بغداد الأراضي تجعل أكراد العراق يعودون عشرين عاما إلى الوراء، الأمر الذي يعتبر بالنسبة اليهم تراجيديا حقيقية، وقد فقدوا تقريبا كل أمل في تعزيز حكمهم الذاتي، ناهيك عن الاستقلال التام. سيمر أكراد العراق بمرحلة تفاوض مع بغداد، غير أنه لن يكون بمقدورهم قول «لا»؛ إذ إنهم في موقف «المهزوم»، ولن يكون أمامهم سوى الانصياع لإملاءات بغداد. لقد خسروا بخروجهم من منطقة كركوك %40 من محفظتها النفطية، أي نحو 250 ألف برميل من النفط يوميا، من إجمالي إنتاجهم البالغ 550 ألف برميل يوميا. كما ستصبح الاستثمارات في المنطقة حساسة، وستتقلص قدرة الأكراد على جلب شركات أجنبية، رغم أنهم منذ عام 2014 يعيشون استقلالا حقيقيا، فقد كانت كردستان العراق دولة داخل الدولة، واليوم اختفت تلك الدولة لأنها لم تعد تملك وسائل استقلاليتها. في الداخل، توسّعت الفجوة الكبيرة أصلا بين الحزب الديموقراطي الكردستاني التابع لمسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يتبع جلال الطالباني قبل وفاته يوم 3 أكتوبر الجاري. وإذا استمرت شبكات المصالح الخاصة والزبونية في منطقة كردستان يمكن للمرء أن يتصور، ولبعض الوقت، سلطتين كرديتين مستقلتين عن بعضهما؛ إحداهما في أربيل والأخرى في السليمانية. «لاكروا» الفرنسية

مشاركة :