زراعة البن الخولاني حب تتوارثه أجيال في جنوب السعودية

  • 2/11/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

جلس الجدّ السعودي التسعيني فرح المالكي وهو يتابع بفخر ابنه وحفيده اللذين يزرعان البن الخولاني في منطقة جازان في جنوب المملكة، استمرارا لمهنة تتوارثها عائلته جيلاً بعد جيل منذ عقود. ولا يزال المالكي البالغ من العمر 90 عاما يعمل حافي القدمين في تقليم أشجار البن ذات الحبات الحمراء التي تنتج القهوة العربية والتي قررت السلطات أخيرا تسميتها “القهوة السعودية”. وقال المالكي الذي ارتدى ملابس تقليدية -هي عبارة عن قميص داكن وإزار ملوّن علق به خنجر- لوكالة فرانس برس في مزرعته بمنطقة جازان في جنوب غرب السعودية “والدي ورثها (زراعة البن) عن أجداده وأنا عملت بها وورّثتها لأبنائي واشتغلوا بها، وأحفادي إن شاء الله سيعملون بها”. وتابع الجدّ الذي احتفظ بهمّته ونشاطه رغم سنه ولفّ شماغا حول رأسه “من أبرز المشكلات التي تواجهنا نقص المياه وقلة الدعم”. لكن ذلك الوضع تغير أخيرا إثر اعتبار السلطات سنة 2022 عامَ القهوة السعودية وإطلاقها عدة مبادرات لتنمية زراعة البن. وأصدرت الرياض الشهر الفائت تعميمًا لكل المطاعم والمقاهي في المملكة يقضي باعتماد اسم “القهوة السعودية” بدلًا من “القهوة العربية”، فيما أعلنت شركة أرامكو السعودية العملاقة للطاقة الشهر الماضي نيتها بناء مركز للبن في جازان، في خطوة تهدف إلى “استخدام التقنيات لتحسين الإنتاج وزيادته”. وهذا المشروع من المبادرات المتعددة التي تندرج ضمن سعي المملكة لتنويع مصادر دخل اقتصادها المرتهن بالنفط. ولدى الجدّ فرح تسعة أبناء يساهمون في أنشطة مرتبطة بتسويق البن الخولاني وتغليفه ونقله، لكنّ ابنه أحمد وأفراد أسرته هم من يتولون أمور الزراعة. وقال أحمد (42 عاما) الذي ارتدى ملابس تقليدية أيضا ووضع حول رأسه عقال من الزهور العطرية إنّ “زراعة البن موروث وغريزة تنتقل من الآباء إلى الأبناء”. ويُعرف البن الخولاني بجودته العالية ومذاقه الفريد. وفسّر أحمد ذلك بقوله إنّ “كل المزارع عضوية خالية من المواد الكيميائية؛ نستخدم السماد الطبيعي دون أي مدخلات كيميائية”. وقال الباحث التاريخي يحي المالكي، وهو ليس من أقارب أصحاب المزرعة، إنّ “سر البن الخولاني” يرجع إلى “تميز بيئة زراعته في منطقة جازان حيث المناخ دافئ رطب ومطير والتربة جيرية وبازلتية”. PreviousNext وتنتج المزرعة ما يصل إلى طنين ونصف طن من البن سنويا. ويتراوح السعر بين 100 و150 ريالا للكيلوغرام (27 – 40 دولارا). ورغم التجاعيد التي غزت وجهه، يصعد الجّد فرح بنشاط على سلم معدني ليقلم شجرة وينتزع منها أوراقاً وفروعا فاسدة. أما الابن أحمد فيحصد بعض الحبوب الناضجة ويسلّمها للحفيد منصور (11 عاما) الذي يضعها في كيس جلّدي بني اللون. وتضم المنطقة الجبلية عدداً من مزارع البن الذي يزرع على ارتفاعات عالية. وفي نهاية عام 2021 كانت لدى السعودية 400 ألف شجرة بن في 600 مزرعة تنتج 800 طن من البن سنويًا، وهو إنتاج ضئيل إذا قورن بإنتاج إثيوبيا على سبيل المثال. وتستهدف المملكة زراعة 1.2 مليون شجرة بن خولاني بحلول عام 2025، بحسب ما ذكرته صحيفة “عكاظ” المحلية. وتسعى السعودية لتسجيل البن الخولاني في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي. ويأمل أحمد في أن يسهم إدراج البن الخولاني على قوائم اليونسكو في “دعم المزارعين والحفاظ على أشجار البن، وأن يجذب مستثمرين أجانب” إلى المنطقة. وهو يحلم بأن تنتقل المزرعة إلى أبنائه “وأبنائهم من بعدهم”، وأن تكون “مصدر رزق لهم”. وقسمت الأسرة المزرعة، التي تقع بمحاذاة جبل شاهق يفصل بين السعودية وجارتها اليمن، إلى عدة مزارع صغرى. وقال الجدّ فرح وهو ينظر إلى حفيده الذي يتولى أمور الري في المزرعة من بئر قريبة “قد تكون هذه المزرعة عزيزة عندي أكثر من أبنائي”.

مشاركة :