قد لا يدرك الكثير حب أبناء البادية في الجزيرة العربية لإبلهم حتى أنهم لا يستطيعون العيش من دونها، وهو حب متجذر توارثه الأبناء عن الآباء والأجداد. عندما نسمع عن قصص الوفاء في بني البشر تلامس إحساسنا وقلوبنا وإن كانت قليلة في هذا الزمن، قبل فترة شاهدنا بأعيننا مقطع ناقة تحتضن صاحبها عاطفة رقبتها عليه في منظر عجيب وغريب مغمضةً عيناها، وكأنها تقول هذه دموع الفرح ستسقط لحظة لقياك بعد أن شاهدته بعد فترة من الغياب تجاوزت سبعة أشهر، عندما انتقلت ملكيتها لشخص آخر، وكم نسمع عن القصص الكثيرة من كبار السن عن وفاء الإبل لأصحابها، تتمتع الإبل كذلك بذاكرة قوية تستطيع معرفة الأماكن التي تربت بها جيداً، وأيضاً البدو إذا تاهوا في الصحراء فإنهم يتركون الإبل تمشي لوحدها وتقوم بتوصيلهم إلى المكان الذي يريدون من معرفة إلى أين هي ذاهبة في ذلك الوقت حتى لو كان هناك عجاج أو ضباب، حتى أنها تعرف أماكن الرعي الطيبة، ومن ذكائها أنها تعرف حركات صاحبها والإشارات التي يصدرها، ومن شدة ذكاء الإبل أنها تعرف أماكن ولادتها حتى لو بعد زمن طويل، هذه بعض من قصص وفاء سفينة الصحراء، قال تعالى: "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت" دعوة للتأمل في خلق الإبل، والتي وردت في كتاب الله القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حيث يدعو إلى أن يكون النظر والتأمل في هذه المخلوقات مدخلاً إلى الإيمان الخالص بقدرة الخالق سبحانه وتعالى وبديع صنعه، وفي الآية الكريمة "أَفَلَا يَنظُرُونَ إلى الْإِبِلِ" أفلا: صيغة استفهام إنكاري، وهي أفضل صور الحث على النظر، وعلى إعمال البصر والعقل والقلب للوصول إلى ما عليه الإبل من خلق بديع، وفيها دعوة للنظر إلى الإبل بما هي عليه من عظم جثتها ومزيد قوتها وبديع أوصافها، فقد خلقت جميلة جداً، فهي تبهرك حين تمشي وحين ترد الماء وحين تبرك، وعندما تعتلي على ظهورها راكب، وقد أمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله تعالى- بإنشاء نادٍ للإبل، وذلك تجسيداً لاهتمامه بإنسان هذا الوطن الغالي وتاريخه وثقافته وتراثه، ورعاية للمهتمين بهذا الموروث القيّم وما يمثله من أهمية اقتصادية للقائمين عليه وللوطن بشكل عام، وهذه الرعاية الملكية للتراث والثقافة من خلال مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل أكبر دليل على اهتمام القيادة في المملكة العربية السعودية بربط التكوين الثقافي المعاصر للإنسان السعودي بالميراث الإنساني الكبير، الذي يشكّل جزءاً من تاريخ البلاد. وقد أثبت ذلك رعاية سيدي ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع والمشرف على نادي الإبل الأربعاء الماضي الحفل الختامي لمهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته السادسة بالصياهد الجنوبية في الدهناء نيابة عن سيدي خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله تعالى- وتكريم الفائزين، وسوف يستمر هذا الدعم للإبل وأصحاب الإبل، ونسأل الله التوفيق.
مشاركة :