في 6 نوفمبر عام 1954. سافر وفد فني كبير من مصر إلى لبنان وكان يتكون من نقيب الممثلين يوسف وهبي ومحمد رجائي مدير شركة مصر للتمثيل والسينما ومديحة يسري ومحمود ذو الفقار وحسين صدقي وأمينة رزق وعدد من الصحفيين وفي مقدمتهم الشاعر صالح جودت كان الهدف من زيارة الوفد هو دعم توزيع الأفلام المصرية في دور العرض اللبنانية والعربية، بدلا من الأفلام الإيطالية والهندية، وفي المساء كانت فرصة سائحة للوفد الفني في سهرة مع الشابة فيروز ذات التسعة عشر عاما، كانت هذه هي المرة الأولى التي يتعرف عليها الفنانون المصريون من قرب على فيروز التي وصلهم صوتها عبر الإذاعات فقد وجهت إذاعة صوت العرب دعوة رسمية إلى الأخوين الرحباني وفيروز لزيارة مصر. كان عبدالوهاب مترقبا لهذه الزيارة الأكثر إعجابا وحماسا بالتجربة الفنية الرحبانية وبصوت فيروز. وفي عام 1955 وصلت فيروز مع الأخوين رحباني وشريكهم الفني صبري الشريف المشرف على البرامج الموسيقية في إذاعة الشرق الأدنى إلى القاهرة، حيث تم الاتفاق مبدئيا على تسجيل 38 أغنية من ألحان رحباني بصوت فيروز. وفي خلال هذه الزيارة زارت فيروز محمد عبدالوهاب في منزله، وأهدى إليه الأخوان رحباني ديوانهما بعنوان (سمراء مها) وبادلهم محمد عبدالوهاب بزيارته منزلهم الذي استأجرته لهم الإذاعة المصرية في الزمالك وكان حاضرا هذه الزيارة الكاتب توفيق الحكيم والناقد الفني أحمد أنور وحسين فوزي مؤلف كتاب (الموسيقى السمفونية) وفي 6 مارس زارت مجلة الجيل فيروز وعاصي في منزلهما بالقاهرة وجرى حوار عن التعريف بفن الأخوين ورؤيتهما الموسيقية. في أبريل كانت الإذاعة المصرية قد أعدت مجموعة كبيرة من الأغاني والبرامج الجديدة احتفالا بالربيع والأعياد واستعدادا لشهر رمضان المبارك وكان لفيروز والأخوين والرحباني نصيب جيد سجلت فيروز مجموعة من الأغاني فترة الصباح مثل أغنية (روح يا بلبل) يريد زهرة، وليل بلادي) ومن أجمل ما غنت فيروز (قصيدة سوف أحيا) وعلى أثر وجود فيروز في القاهرة اهتم الوسط الفني بوجودها وكان المخرج حسن الإمام أشهر المتحمسين وكان طلبه من الأخوين رحباني أن يلحنا أغنية لفيلمه الجديد وأن تقوم فيروز بالغناء عن طريق الدوبلاج الصوتي من دون الظهور على الشاشة لكن الأخوين طلبا مبلغا كبيرا نظير التأليف والتلحين والتوزيع فلم يتم التعاون، امتدت إقامة فيروز في القاهرة قرابة ستة أشهر وخلال هذه الفترة افتتح الأخوان رحباني وفيروز عملهما الشهير (راجعون) لصالح إذاعة صوت العرب، بعد ذلك عادت فيروز إلى موطنها لبنان ومنذ عام 1955 وحتى وسط 1966 لم تزر فيروز مصر مرة ثانية، فما كان من (أمين هويدي) وزير الإرشاد القومي في مايو من عام 1966. سوى توجيه دعوة رسمية إلى فيروز والأخوين رحباني لزيارة (الجمهورية العربية المتحدة) فلبت فيروز هذه الدعوة في منتصف أكتوبر 1966 أي بعد 11 عاما من زيارتها الأولى. في صيف 1957 قدمت فيروز عرضا مباشرا للمرة الأولى، حيث أدت استعراضا موسيقيا بعنوان (أيام الحصاد) في مهرجان بعلبك الدولي وكرمها الرئيس اللبناني (كميل شمعون) بمنحها وسام فارس وهو أعلى وسام يمنح لفنان لبناني، وفي عام 1969. أصدرت الحكومة اللبنانية طابعا يخلد اسمها، في عام 1963. بدا الأخوان رحباني وفيروز بتقديم أعمال مسرحية، فقدموا مسرحية جسر القمر، والليل والقنديل وأيام فخر الدين، وعدد آخر من المسرحيات الغنائية ولأول مرة ظهرت فيروز على شاشات تليفزيون لبنان، والمشرق واستمر ظهورها من عام 1963 و1964 في الأعياد والمناسبات عام 1965 دخلت فيروز عالم السينما مع المخرج يوسف شاهين وبالنسبة إلى دعوة وزير الإرشاد لفيروز في 25 مايو 1966 فقد عدل لهذه الزيارة، عندما علمت أن السيدة أم كلثوم قد تسافر إلى لبنان لإحياء حفلتين بمناسبة افتتاح مهرجانات بعلبك الدولي يومي 15-17 يوليو حضرت فيروز هذا الحفل بصحبة عاصي وفي استراحة الوصلة الأولى للسيدة أم كلثوم ذهبت فيروز للسلام على أم كلثوم لكن هذا اللقاء السريع لم يكن كافيا فحددت أم كلثوم موعدا آخر أكثر هدوءا وراحة وفي اليوم التالي لحفل أم كلثوم ذهبت فيروز مع عاصي لزيارة أم كلثوم في جناحها الخاص بفندق بارك هوتيل في شتورا ودار حول طويل بينهما وطلبت أم كلثوم زيارة القاهرة فأجابت فيروز في أول أكتوبر، وكان السفر حيث تلقت فيروز الدعوة المصرية وهذه المرة من محمد فايق وزير الإرشاد القومي الجديد. في اليوم التالي ظهرت فيروز على صفحات الصحف المصرية وخلفها النيل وبرج القاهرة، وكان جدول فيروز حافلا بالكثير من اللقاءات حيث زارت مبنى الإذاعة والتليفزيون من ضمنهم محمد أمين حماد رئيس التليفزيون وعبد الحميد الحديدي مدير الإذاعة ثم أحمد سعيد مدير إذاعة صوت العرب كما كانت لها زيارات لكبار الفنانين وفي مقدمتهم محمد عبدالوهاب وأم كلثوم في منزلهما كما حضرت فيروز وشقيقتها فرقة رضا في مسرح البالون بحضور السفير حليم أبو عز الدين وقنصل عام لبنان وسامي الدروبي ممثل سوريا في الجامعة العربية وتوالت السنون في حياة فيروز فنيا واجتماعيا ففي شتاء عام 1988 أحيت حفلا في مسرح بيرسي استقبلت وقتها استقبالا حافلا من الحكومة الفرنسية التي قلدتها وساما رفيعا في عام 1963. قدمت فيروز أوبريت (الليل والقنديل) وفي عام 1964. قدمت أشهر أغنياتها (يا مرسال المراسيل) وفي عام 1966 أصدرت لها شركة عبدالله شاهين ألبوما حافلا بالأغاني من ضمنه أغنية يا حلوشو بخاف ومنذ عام 1968 وحتى عام 1985 كانت مشاركتها ليس لها حدود في لبنان والدول العربية والأجنبية، في مهرجانات بعلبك الدولية شاركت بأغنية على (جسر اللوزية) وعلى مسرح البكاديللي غنت من ألحان فيلمون وهبة (من عز النوم) ومن جانب آخر صدر لها ألبوم تضمن أربع أغان (أسامينا وبلبل شتي ولما عالباب حبيبي وزهرة الجنوب) وفي زيارتها الثالثة لمصر غنت وأحيت أربع حفلات في حديقة الأندلس على ضفاف النيل بالقاهرة. وبمناسبة انتصارات حرب 6 أكتوبر غنت فيروز لمصر (مصر عادت شمسك الذهب) ثم غنت من ألحان موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب (خايف أقول اللي في قلبي) كما غنت أيضا لوطنها لبنان (بحبك يا لبنان) كما قدمت مسرحية (صح النوم) تلفزيونيا ثم توالت من فيروز مجموعة من الأغنيات بألحان مصرية لسيد درويش (أهو ده اللي صار، وشط إسكندرية) وهكذا أثبتت فيروز بأنها فعلا أيقونة الأغنية اللبنانية والعربية بجدارة واستحقاق وستبقى علامة مميزة للفن الجميل الصادق اليوم وكل يوم.
مشاركة :