مقالة خاصة: متحف تراثي استغرق انجازه حوالي 50 عاما في جنوب لبنان

  • 2/12/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نجح المواطن السبعيني بهيج العياش على مدى حوالي 50 عاما في تحويل جناح من منزله القائم في بلدة حاروف بجنوب لبنان إلى متحف تراثي قيم يحوي أكثر من 1500 قطعة قديمة تحاكي حياة الريف اللبناني وعاداته وتقاليده. وبات هذا المتحف هدفا للزوار المحليين والأجانب والطلاب وباحثي الاثار والتاريخ الذين يقصدونه للتعرف على محتوياته من أدوات منزلية وحرفية وتراثية تعكس حياة المناطق الريفية اللبنانية، في عودة إلى الماضي بوصفه مرجعا للحاضر وذاكرة للمستقبل. وأشار العياش لوكالة أنباء ((شينخوا)) إلى أن هذه الأدوات والقطع التي طواها الزمن كانت عدة حياة وشغل أهلنا الأقدمين البسطاء ووسيلة للتقارب والتعاون بين الناس الذين اعتمدوا في معيشتهم على كدهم وعرق جبينهم. وأضاف "من هذه المعدات التي احتفظت بجودتها بالرغم من تعاقب السنين محمصة ومطحنه البن اليدوية، أدوات الحراثة، عدة الحصادين، الجاروشة، بابور الكاز، القنديل، الطربوش، منفخ الجمر، أطباق القش، مواقد الطين، افخاخ صيد الحيوانات البرية، جرار متعددة الاستعمال، مجموعة كبيرة من العملات المعدنية، المئات من المقتنيات النحاسية والفخارية المتعددة والمتنوعة الأستعمال التي يصعب تعدادها واحصائها جميعا". وخلال تفقده لمتحفه وعمله في إعادة ترتيب وتنسيق ومسح الغبار عن محتوياته بمساعدة زوجته الستينية، أوضح العياش أن العمل في تحضير وانجاز هذا المتحف استغرق حوالي 50 عاما. وقال العياش "منذ صغري كنت اهوى جمع ما هو عتيق ومهمل واستمرت هذه الهواية لاحقا، وخلال عملي كسائق سيارة أجرة بين الجنوب وبيروت وجولاتي المكوكية بين عشرات المدن والقرى في مختلف المناطق اللبنانية، تمكنت من الحصول على الكثير من هذه القطع القيمة والتي باتت بالنسبة لي مرآة الذاكرة". وأضاف "كان همي الوصول إلى كل ما هو قديم ومرتبط ارتباطا وثيقا بحياة الريف وعادات وتقاليد أهله، وكنت اشتري دون تردد كل ما يعرض علي منها غير آبه بثمنها الذي ادفعه من انتاج سيارتي بالليرة اللبنانية والتي كانت لها قيمة في تلك الفترة". وأشار إلى أنه استطاع جمع مئات التحف والمقتنيات ومنها عدة زراعة وحصاد الفلاح، العملات على مختلف أنواعها، أدوات مطبخية، كل ما يمت إلى الحيوانات الاليفة بصلة. وأضاف "من محتويات المتحف الكثير من الصحف والمجلدات النادرة جدا، ومقتنيات البيت من اباريق الفخار، إلى الفانوس، الفناجين النحاسية والدست، إلى معدات حراثة بتسميات غير معروفة في زمننا الحاضر مثل النورج والمنجل والسكة، اذ كانت الزراعة عصب الحياة واليوم في خضم الأزمة الحالية عادت لتحتل الواجهة من جديد". وقال العياش "استطعت بمساعدة الكثير من الأصدقاء تزويد متحفي بقطع نادرة رماها الناس قبل زمن، ظنا منهم أنها باتت بالية ولا قيمة لها، في حين أدرك الجميع قيمة كل قطعة منها لاحقا بدليل بحثهم عنها من جديد". وأشار إلى أن متحفه "يجسد ذاكرة لحقبة مهمة مضت من تاريخ الريف اللبناني وأهله وان كل قطعة يحتويها تتحدث عن ناحية معينة، ليغدو بذلك كنزا لا يقدر بثمن". وأوضح "للمتحف أهمية تاريخية وتراثية فقد بات صلة الوصل بين الجيل الجديد وتاريخ الأجداد المشرف والمشرق، يجسد حياة الناس قديما، معيشتهم وتراثهم وثقافتهم، فالحفاظ على الإرث التراثي القيم هو واجب لما يشكله من عنصر فعال وأساسي في مواجهة الضياع والنسيان".

مشاركة :