طهران - أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية الاثنين أنّ محادثات فيينا حول الملف النووي الإيراني بلغت مرحلة "معقّدة" لكنّها ليست في طريق مسدود، في أحدث إشارة لا تخرج عن سياق المناورة التي دأبت طهران على إتباعها منذ بدء المفاوضات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة وبوساطة شركاء اتفاق العام 2015 أو ما يعرف بخطة العمل المشتركة. ورغم حديث كل الأطراف عن إحراز تقدم وأن المحادثات دخلت مرحلة حاسمة، بات من المؤكد أن مفاوضات فيينا تدور في حلقة مفرغة ولم تغادر مربع الاشتراطات التي لغّمت مسار التفاوض وجعلته أكثر تعقيدا في الوقت الذي تتمسك فيه طهران بشروطها وتتردد إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي جاو بايدن في تقديم صك على بياض للجمهورية الإسلامية. وتتخوف إدارة بايدن التي يتهمها خصومها الجمهوريون بالتراخي في الحسم والحزم مع إيران، من أن تتعرض لانتقادات داخلية عنيفة إذا قدمت أي تنازل لطهران من أجل إعطاء دفعة للمحادثات المتعثرة. وكانت واشنطن قد رفعت بعض العقوبات على إيران لإبداء حسن النية في محادثات عالقة في العناد، لكن الأخيرة اعتبرت أنها غير كافية. وتخوض إيران مفاوضات مع بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا بشكل مباشر ومع الولايات المتحدة بشكل غير مباشر لاستئناف العمل بالاتفاق النووي المبرم عام 2015 والهادف لمنع طهران من امتلاك السلاح الذري. وبدأت هذه المفاوضات في أبريل/نيسان 2021 لإنقاذ الاتفاق المبرم بين إيران والقوى الكبرى، ثم استؤنفت في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني بعد تعليقها لعدة أشهر قبل أن تعقد جولة سابعة تم تعليقها للتشاور وجولة ثامنة لا تزال تراوح مكانها لكنها تبدو بعيدة عن حل الخلافات العالقة والخروج من مربع الاشتراطات التي طرحتها طهران. والاثنين قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في مؤتمر صحافي إنّ "المفاوضات معقّدة وصعبة لأنها تطال مسائل تتطلب قرارات سياسية جدية خصوصا من جانب واشنطن". وأضاف أنّ "المفاوضات في فيينا لم تصل إلى طريق مسدود وهي تتواصل بشكل عادي"، مؤكّدا إمكانية التوصّل قريبا إلى اتفاق "إذا أظهرت الأطراف الأوروبية والأميركية تصميما فعليا". واعتبر وزير الخارجية والدفاع الإيرلندي سيمون كوفيني أنّ الأطراف الغربية المشاركة في مفاوضات فيينا "جدية وملتزمة"، مضيفا خلال مؤتمر صحافي أنّ الغربيين "مصممون على العمل من أجل أن ينجح الأمر". وتابع كوفيني الذي تقوم بلاده بتسهيل تطبيق القرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي صادق على اتفاق 2015، "ما كنت لأتواجد هنا لو لم أكن اعتقد بوجود فرصة". وأكّد أنّ "أيرلندا تريد المساهمة في هذه العملية بكل الطرق الممكنة للمساعدة في تقدم" المفاوضات. وانسحبت الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب أحاديا من الاتفاق في 2018 بعد ثلاثة أعوام من إبرامه، معيدة فرض عقوبات قاسية على إيران التي ردّت بعد عام تقريبا بالتراجع تدريجا عن غالبية التزاماتها بموجب الاتفاق. وتهدف المفاوضات إلى تطبيق "عودة متبادلة" من جانب واشنطن وطهران إلى الاتفاق الذي يقدم تخفيفا للعقوبات عن إيران مقابل قيود على برنامجها النووي. وقال خطيب زاده "نسعى إلى الحصول على ضمانات حقيقية من واشنطن للتأكد من عدم انسحابها من الاتفاق مرة أخرى وأن تحترم تعهداتها"، مشددا على "ضرورة أن تُرفع جميع العقوبات مرة واحدة عن إيران في إطار الاتفاق النووي". وأشار المفاوضون في فيينا إلى تقدّم وتحدث بعضهم عن مرحلة نهائية. وكتب الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني في تغرية على تويتر الاثنين أنّ المفاوضات بلغت مرحلة حاسمة. وقال "انتهاء التكهّنات يعتمد على القرار السياسي الأميركي بقبول أو رفض الشروط الحتمية لاتفاق موثوق به ودائم يستند إلى المبادئ التي تمت الموافقة عليها" في اتفاق 2015، بينما تنفي إيران على الدوام سعيها لامتلاك السلاح الذري.
مشاركة :