آمال متجددة مع طاقات متجددة

  • 2/15/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ينظر للطاقات المتجددة وفي مقدمتها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على أنها استغلال أمثل واستدامة أطول وتكاليف أقل للموارد الطبيعية المتاحة، كما ينظر لدور هاتين الطاقتين البارز والمتزايد في توفير الطاقة الكهربائية وتخفيض تكاليفها، حيث أضحتا جزءًا لا يستهان به في ما يعرف بــ "مزيج الطاقة" في معظم الأنظمة الكهربائية بدول العالم. لذا فإن هذه الطاقات المتجددة تُعَـدُّ من أهم مصادر الطاقات خلال القرن القادم، فلا غرو إذن أن نجد كثيرًا من الدول تتوجه لها بمختلف صورها وترصد لها المبالغ الطائلة لتطوير المنتجات والبحوث الخاصة باستغلالها والاعتماد عليها والاستفادة منها كإحدى أهم مصادر الطاقة البديلة للنفط والغاز القابلين للتلاشي والنضوب بسبب محدودية توفر احتياطياتهما في الطبيعة من جهة والاستخدام المكثف لهما من جهة أخرى، ولقد أعطى النصيب الأوفى في البحوث والتطبيقات لمجال تحويل الطاقة الشمسية بواسطة الخلايا الشمسية إلى طاقة كهربائية، وهذا المصدر من الطاقة هو أمل الدول وبخاصة النامية منها حيث لا يتطلب إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية إلى مركزية التوليد الطاقة أو شبكات لنقلها بل تنتج الطاقة وتستخدم في نفس المنطقة أو المكان الأمر الذي يوفر كثيرًا من تكلفة بناء المحطات ومد خطوط النقل وشبكات التوزيع، إلى جانب أنها تعد طاقة نظيفة وخالية من التلوث فلا تسبب تلوثًا للبيئة أو إضرارًا بمقوماتها الجمالية ومكوناتها الطبيعية، وتوجد في الطبيعة مواد كثيرة تستخدم في صناعة الخلايا الشمسية والتي تجمع بنظام كهربائي وهندسي محدد لتكوين ما يسمى باللوح الشمسي والذي يُعرَّض لأشعة الشمس بزوايا واتجاهات لمتابعة تلك الأشعة لينتج أكبر قدر من الكهرباء، ويمكن للطاقة الشمسية أن تكون التطبيق الأفضل والحل الأمثل للدول التي تسطع بها الشمس لفترات طويلة مثل المملكة العربية السعودية، حيث تتمتع المملكة بفضل الله بمقومات قوية في مجال الطاقة الشمسية نظرًا لموقعها في نطاق "الحزام الشمسي العالمي" وامتدادها الجغرافي، لذا سعت نحو الاهتمام بهذا المجال بصورة تتيح لها التوسع والتطور لتأمين مصادر بديلة وآمنة تكفي لتقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري (النفط والغاز)، وبالتالي وتدعيم الاقتصاد الوطني وبناء مستقبل مستدام وموثوق به ومعتمد عليه، كما أنه أصبح من الممكن فنيًّا من خلال وظائف العدادات الذكية التي ركبتها شركة الكهرباء حديثًا لدى المشترك توصيل اللوحات الشمسية لديه بشبكة الكهرباء مما يعني أن المشتركين الذين يمتلكون هذه اللوحات الشمسية بإمكانهم أن يقوموا ببيع الطاقة الفائضة إلى الشركة. لذا فلا غرو أن المملكة تعتزم استغلال الطاقة الشمسية من أجل تغطية ثلث احتياجاتها من الوقود بحلول العام 2032، لتكون بذلك أكبر منتج في مجال الطاقة الشمسية في العالم، ولا شك أن هذا المجال سوف يوفر منعطفًا جديدًا وطفرة قوية ومرتكز داعمًا لنمو الاقتصاد الوطني وتطوره وانطلاقه، حيث تبيَّن من وثائق إعلام أجنبية أن المشاريع العملاقة التي بدأت المملكة العمل بها ستبلغ تكلفتها الإجمالية 110 مليارات دولار، وستلبي عند إتمامها ثلث احتياجات المملكة من الطاقة، بما يوفر على الاقتصاد السعودي كميات ضخمة من النفط والوقود التقليدي، كذلك فإن مشروعات إنتاج الطاقة التي تعتزم المملكة تشييدها لا تتوقف على الطاقة الشمسية فحسب بل ستمتد إلى الطاقة النووية أيضاً، وكذلك الرياح، والطاقة الحرارية الأرضية، على أن من شأن هذه المشروعات مجتمعة أن تنتج 54 جيجاواط من الطاقة خلال العقدين المقبلين، ولن يقف الأمر عند هذا الحد حيث ذكرت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية في تقرير لها قبل شهور أن المملكة قد تصبح قادرة على تصدير الطاقة الشمسية إلى كل من الأقطار العربية والقارة الأوروبية في السنوات المقبلة، بحيث ستصبح أكبر منتج لها في العالم، إضافة إلى كونها أكبر منتج للنفط أيضاً، لذا فإن هذه المشروعات العملاقة لإنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المملكة سوف تحدث تأثيرًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني بالإضافة إلى أنها سوف توفر كميات كبيرة من النفط والغاز الذي يتم استهلاكه في المملكة، وهذا يعني أن هذه الطاقات المتجددة البديلة ستوفر نحو ثلث الحاجة المطلوبة في الداخل مما يعني توفير كميات كبيرة من النفط التي يمكن بيعها لتتحول إلى سيولة نقدية متدفقة لخزينة الدولة. ولا شك أن المملكة ترنو من خلال مشاريع الطاقات المتجددة أن تعزز في الوقت ذاته جهودها مع جهود العالم في حماية كوكب الأرض من الانبعاثات الكربونية بانتزاعها مصادقة قادة قمة العشرين على مبادرتها لمشروع الاقتصاد الدائري للكربون وقوانينه وتشريعاته وإمكاناته الهائلة في منع وخفض وتدوير وحقن الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الطاقة وشتى أنواع الصناعات المختلفة، حيث إنه إطار يتم فيه تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وإزالتها وإعادة تدويرها، وإعادة استخدامها وتحويلها لمنتجات مفيدة بدلًا من إطلاقها في الغلاف الجوي وضياعه هدرًا لاجدوى منه. وهنا، لا بد من الإشادة بالجهود التي تقوم بها وزارة الطاقة في مجالات أوجه ونشاط الطاقات بما فيها الطاقات المتجددة نظرًا لما ​​​​​تنعم به المملكة من مقدرات وإمكانات طبيعية تتيح لها أن تحظى بمكانة محورية ودور ريادي في سوق الطاقة المتجددة، حيث تتوفر لديها العوامل الاقتصادية والبيئية اللازمة لإنتاج الطاقة المتجددة بأشكالها المتعددة، ويُمثل ذلك فرصة نمو رئيسة للمحافظة على الموارد الحالية وتحقيق التوازن وتلبية متطلبات الحياة للأجيال القادمة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. وفي الختام، يتبين أن استخدام الطاقات المتجددة سيكون مطلبًا وطنيًّا واقتصاديًّا مُلحًّا لعدة أسباب أولها تقليص الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية (البترول والغاز) والقابلة للتلاشي والنضوب وثانيها الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي والحفاظ على البيئة ورفع مستوى الحياة المعيشية وتحسين جودة الحياة، وثالثها أن حصة إنتاج الطاقات المتجددة ستزداد بنسبة 57 ٪ في مزيج الطاقة الكهربائية بحيث يؤمل أن تساعد هذه الطاقات المتجددة في تطوير الخدمات الكهربائية لدينا من حيث تحسين جودتها ورفع كفاءتها وضمان موثوقيتها وخفض تكاليفها. *جامعة الملك سعود

مشاركة :