تهاوت الأسواق المالية العالمية أمس بشدة على وقع المخاوف من اجتياح روسي وشيك لأوكرانيا. وسجلت الأسهم الأوروبية أدنى مستوياتها في 20 يوما وقادت أسهم قطاعات السفر والبنوك والسيارات الانخفاضات أمس وسط مخاوف المستثمرين من المخاطر السياسية عقب تحذيرات من أن روسيا قد تغزو أوكرانيا في أي وقت. وأغلق مؤشر ستوكس 600 الأوروبي على تراجع بنحو 2 في المائة مسجلا أدنى مستوياته منذ 25 كانون الثاني (يناير). وبلغت الخسائر 2.94 في المائة في ميلانو و3.62 في المائة في باريس و3.34 في المائة في فرانكفورت، في أدنى مستوى منذ تشرين الأول (أكتوبر)، و2.07 في المائة في لندن. وكان التراجع أشد حدة في بورصة موسكو إذ خسر مؤشر "أر تي إس" 4.39 في المائة من قيمته. وكانت الأسواق الآسيوية قد بدأت هذا المنحى الانحداري قبل أن تفتح البورصات الأوروبية، إذ هبط مؤشر نيكاي القياسي الياباني أمس إلى أدنى مستوياته منذ ثلاثة أسابيع مدفوعا بتراجع أسهم التكنولوجيا بفعل مخاوف المستثمرين بشأن التوترات المتنامية المحيطة بأوكرانيا وتنامي مخاطر التضخم في الولايات المتحدة. وخسر مؤشر نيكاي 2.23 في المائة ليغلق عند 27079.59 نقطة، مسجلا أكبر هبوط يومي بالنسبة المئوية منذ 27 كانون الأول (يناير) ومتراجعا لأقل من مستوى 27000 نقطة للمرة الأولى منذ 31 كانون الثاني (يناير). ونزل مؤشر توبكس الأوسع نطاقا 1.63 في المائة إلى 1930.65 نقطة. بينما كان التراجع أقل حدة في أسواق المال الصينية، حيث انخفضت بورصة هونج كونج بنحو 1.41 في المائة، وشنغهاي بنحو 0.98 في المائة. وبدأ القلق من الوضع الجيوسياسي الراهن يعتري المستثمرين منذ الجمعة مع صدور أولى التصريحات الأمريكية المحذرة من غزو روسي وشيك لأوكرانيا، إذ قلبت هذه التحذيرات الوضع في وول ستريت من الأخضر إلى الأحمر قبيل انتهاء جلسة التداولات، وأغلق مؤشر داو جونز على تراجع 1.43 في المائة وناسداك على انخفاض 2.78 في المائة، بينما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا 1.90 في المائة. وبحسب "رويترز"، فتحت مؤشرات الأسهم الأمريكية أمس على انخفاض وسط مخاوف من ارتفاع أسعار الفائدة، بينما هدأت تعليقات من مسؤول روسي المخاوف بشأن غزو محتمل لأوكرانيا. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي 43.56 نقطة أو 0.13 في المائة إلى 34694.50 نقطة. وانخفض أيضا مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بواقع 6.03 نقطة أو 0.14 في المائة عند 4412.61 نقطة، في حين نزل مؤشر ناسداك 22.19 نقطة أو 0.16 في المائة إلى 13768.97 نقطة. والأحد جددت واشنطن تحذيراتها من أن روسيا يمكن أن تغزو أوكرانيا "في أي وقت"، كما فشلت الجهود الدبلوماسية المكثفة التي بذلت خلال عطلة نهاية الأسبوع بين الزعماء الغربيين والكرملين في خفض منسوب التوتر. وقال يوشين ستانزل، المحلل في "سي إم سي ماركتس" إن "السوق تضع في اعتبارها للأسعار خطر اندلاع حرب". وأضاف "حتى وإن كان الأمل في الأسواق لا يزال مرتفعا بإمكان تحقيق اختراق دبلوماسي في اللحظة الأخيرة بشأن ملف أوكرانيا، فإن العديد من المستثمرين يجدون أنفسهم مضطرين لبيع الأسهم بسبب المخاطر الجيوسياسية المتزايدة"، وفقا لـ "الفرنسية". وخلافا للأسهم، فإن الخوف من اندلاع نزاع مسلح يدفع المستثمرين للجوء إلى أصول يعدونها أكثر أمانا، مثل السندات الحكومية. ومن هذا المنطلق، انخفض عائد السندات الحكومية الألمانية لمدة عشرة أعوام، المعيار المرجعي في أوروبا، من 0.30 في المائة إلى 0.20 في المائة عند إغلاق جلسة التداولات الجمعة. بالمقابل قفزت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها منذ سبعة اعوام. وقال فينسينت بوي، المحلل لدى شركة الوساطة المالية "آي جي فرانس" إن "كل الأنظار تتجه إلى سعر النفط الذي يمكن أن يصل على المدى القريب إلى عتبة 100 دولار، في ارتفاع من شأنه أن يؤثر أكثر في ارتفاع معدلات التضخم". والتوترات على الحدود بين أوكرانيا وروسيا على أشدها، إذ إن موسكو التي حشدت 130 ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية تنفذ مناورات على نطاق واسع بالذخيرة الحية. وتراجعت جميع المؤشرات الفرعية للقطاعات الأوروبية وقادت قطاعات السفر والترفيه والقطاع المصرفي وقطاع صناعة السيارات الانخفاضات. ونزلت أسهم قطاع الطاقة 0.5 في المائة وكان أقل القطاعات انخفاضا بعد أن ارتفع سعر النفط إلى أعلى مستوياته في أكثر من سبعة أعوام. وتخلى المستثمرون عن الأصول التي تنطوي على مخاطر وانتقلوا لملاذات آمنة مثل الذهب والسندات الحكومية بعد أن حذرت الولايات المتحدة من أن روسيا قد تغزو أوكرانيا في أي وقت وقد تختلق ذريعة للهجوم. ونزل سهم "كلاريانت" السويسرية 16.5 في المائة بعد أن أجلت شركة الكيماويات إصدار نتائج أعمالها عن 2021 بسبب تحقيق يتعلق بالحسابات. ونزل سهم "كومرتسبنك" 7.5 في المائة بعد أن قال وزير المالية الألماني إن الحكومة لن تبقي على حصتها في البنك في الأجل الطويل. وإذا كانت الخسائر قد شملت كل قطاعات أسواق المال، فإن أسهم البنوك كانت الأكثر تضررا من سواها. وفي باريس، انخفض سهم "سوسيتيه جنرال"، المصرف الذي يمتلك وجودا فاعلا في روسيا على وجه الخصوص، بنحو 6.85 في المائة مستقرا عند 33.51 يورو، بينما خسر سهم "بي إن بي باريبا" 5.75 في المائة من قيمته مستقرا عند 61.17 يورو. وفي فرانكفورت، انخفض سهم "دويتشه بنك" بنحو 4.79 في المائة إلى 13.71 يورو، بينما انخفض سهم "يونيكريديت" 5.58 في المائة إلى 14.81 يورو. بدورها تكبدت أسهم شركات السيارات خسائر فادحة، على غرار أسهم القطاع الصناعي بأكمله، ذلك أن هذه الأسهم تتأثر بشدة بأي تغيير متوقع في النشاط الاقتصادي. وهوى سعر سهم شركة "رينو" بنحو 5.79 في المائة إلى 33.86 يورو في بورصة باريس، بينما تراجع سعر سهم "بي إم دبليو" 4.60 في المائة إلى 90.92 يورو في بورصة فرانكفورت. كما تضررت بشدة أسهم شركات الطيران من المخاوف الراهنة، إذ انهار سهم مجموعة "إير فرانس- كا إل إم" بنحو 5.08 في المائة ليبلغ 4.16 يورو، بينما هوى سعر سهم شركة "تي يو آي" العملاقة في مجال السياحة 6.39 في المائة ليبلغ 268.00 بنسا في بورصة لندن. وفي طوكيو، شهدت الجلسة هبوط أسهم الشركات ذات الثقل، مع تراجع شركة فاست للتجزئة المشغلة لسلسلة "يونيكلو" للملابس 3.09 في المائة وسهم مجموعة سوفت بنك المتخصصة في الاستثمار في صناعة التكنولوجيا 3.92 في المائة وكذلك سهم "دايكن إندستريز" لصناعة مكيفات الهواء 4.1 في المائة. كما هبط سهم "بريدجستون" لصناعة الإطارات 8.92 في المائة وكان الأسوأ أداء على مؤشر نيكاي، يليه سهم منصة البيانات الطبية "إم ثري" الذي تراجع 7.08 في المائة. وحافظت أسعار النفط على ارتفاعها بعدما قفزت بأكثر من 3 في المائة الجمعة. وأثناء التعاملات أمس انخفض سعر برميل خام برنت تسليم نيسان (أبريل) بنحو 0.3 في المائة فقط إلى 94.16 دولار، بينما تراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط تسليم آذار (مارس) 0.29 في المائة إلى 92.83 دولار. من جهتها، خسرت العملة الأوروبية الموحدة 0.38 في المائة من قيمتها أمام الدولار وبلغ سعرها 1.1307 دولار لليورو الواحد. وشمل الانخفاض عملة بيتكوين أيضا إذ خسرت 0.26 في المائة من قيمتها وبلغ سعر الوحدة منها 42,118 دولار.
مشاركة :