يسعى الفلسطيني عبدالوهاب شويكي منذ العام 2007 للحصول على بطاقة إقامة بالقدس الشرقية لزوجته إيلين، وهي من قرية سالم بمحافظة نابلس شمالي الضفة الغربية، ولكن دون جدوى. ومنذ ذلك الحين رُزق شويكي (78 عاما) وزوجته (49 عاما) بثلاثة أطفال، جميعهم حصلوا على الإقامة الدائمة بالقدس، أما الزوجة فظلت محرومة من الإقامة ويضطر زوجها لتجديد تصريح مكوثها بالقدس الشرقية سنويا. ومباشرة بعد زواجهما تمكّن شويكي من استصدار تصريح إقامة سنوي بالقدس لزوجته، ولكن حتى الآن لم يتمكن من الحصول على بطاقة إقامة دائمة لها، نتيجة لقانون منع لم الشمل الإسرائيلي. ويعتبر القانون الإسرائيلي سكان القدس الشرقية البالغ عددهم نحو 360 ألفا “مُقيمين دائمين” ويحصلون على هوية إسرائيلية لا ترقى إلى كونها “جنسية”، في حين أن المواطنين العرب في إسرائيل البالغ عددهم نحو مليون و800 ألف حاصلون على الجنسية الإسرائيلية. الفلسطينيون من سكان القدس وإسرائيل يلاقون معاناة شديدة مع أزواجهم في حال قرروا الاقتران بسكان الضفة وغزة وأما الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة فكانوا يحصلون قبل إقامة السلطة الفلسطينية عام 1994 على بطاقات إقامة من الحكم العسكري الإسرائيلي، وبعد إقامة السلطة أصبحت هوياتهم تصدر عن وزارة الداخلية الفلسطينية. ومنذ مطلع حقبة التسعينات من القرن الماضي، فرضت إسرائيل قيودا شديدة على دخول الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية إلى القدس الشرقية وإسرائيل إلا بعد الحصول على تصاريح خاصة. ويلاقي الفلسطينيون من سكان القدس الشرقية وإسرائيل معاناة شديدة مع أزواجهم في حال قرروا الاقتران بفلسطينيين أو فلسطينيات من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. ويوضح رفول روفا مدير مؤسسة “سانت إيف” الحقوقية الفلسطينية أن المقدسي إن أراد التزوج من فلسطينية من سكان رام الله مثلا وأرادا العيش في القدس، فإنه يتوجب عليه أن يقدم طلب “لم شمل” للزوجة، وهو ما ينطبق أيضا على المقدسية التي تتزوج من شخص من الضفة الغربية. وأضاف “فقط في التسعينات أصبح بإمكان الأزواج الفلسطينيين من القدس التقدم بطلبات لم شمل لأزواجهم من سكان الضفة الغربية”. واستدرك روفا، وهو محامٍ فلسطيني من سكان البلدة القديمة بالقدس “في منتصف التسعينات أدخلت الحكومة الإسرائيلية تعديلا على موضوع لم الشمل، وتم استحداث طريقة لم شمل جديدة، هي الطريقة المتدرجة”. ويوضح المحامي روفا أن الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) أصدر عام 2003 القانون الذي كان ساريا حتى يوليو من العام الماضي 2021، والذي يمنع لم الشمل بين المقدسيين وحملة الجنسية الإسرائيلية من جهة، والأزواج من الضفة الغربية وقطاع غزة ولبنان وسوريا والعراق وإيران، من جهة أخرى. إياليت شاكيد امتنعت عن الموافقة على طلبات لم الشمل إياليت شاكيد امتنعت عن الموافقة على طلبات لم الشمل ولا يملك روفا تقديرا دقيقا لعدد الفلسطينيين الذين عانوا نتيجة لهذا القرار، ولكن تقارير إعلامية إسرائيلية تحدثت عن 13 ألف عائلة فلسطينية تعاني نتيجة لقانون منع لم الشمل. ونتيجة له فقد تشتتت الكثير من العائلات وبات الأزواج يعيشون في منطقة والزوجات في منطقة أخرى، كما انعكست تأثيراته على الأبناء الذين لا يتمكن أولياؤهم من تسجيلهم في السجل المدني سواء بالقدس الشرقية أو إسرائيل أو الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي كل الأحوال، فإن على مقدم طلب التصريح أو الإقامة المؤقتة أو الدائمة التقدم بسلسلة من الوثائق لإثبات إقامته وعائلته بالقدس الشرقية. وجرى تمديد قانون “منع لم الشمل” سنويا من الكنيست منذ العام 2003، ولكن في يوليو 2021 فشل الكنيست في تمديد القانون. ومع ذلك ورغم عدم تمديده، فقد قالت مؤسسات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية إن وزيرة الداخلية الإسرائيلية إياليت شاكيد امتنعت عن الموافقة على طلبات لم الشمل المقدمة بانتظار الفرصة المواتية لتمديد القانون. وزيرة الداخلية الإسرائيلية تُسرع الخطى لتمديد القانون، إذ تم قبوله بالكنيست بالقراءة الأولى مطلع الشهر الجاري وبالمقابل فإن وزيرة الداخلية الإسرائيلية تُسرع الخطى لتمديد القانون، إذ تم قبوله بالكنيست بالقراءة الأولى مطلع الشهر الجاري، ولكن ما يزال يتعين قبوله بقراءتين ثانية وثالثة قبل أن يصبح نافذا. ويأمل شويكي الذي يعتبر أكثر حظا من الآلاف من الفلسطينيين الذين تم رفض طلباتهم، أو حتى النظر فيها، أن يتمكن خلال الفترة ما قبل تمديد القانون من الحصول على بطاقة إقامة دائمة لزوجته. ويقول “أذهب سنويا إلى وزارة الداخلية ومعي الكثير من الأوراق التي تشمل فواتير كهرباء ومياه وتقارير طبية وضريبة الأملاك، وكرجل مسن وعندي شلل نصفي أواجه صعوبات”. ويتابع “عمري 78 عاما وفي حال توفيت فمن سيهتم بزوجتي وأطفالي الثلاثة؟ (…) أنا أخشى هذا الأمر، فأنا لا أريد لزوجتي أن تتعب مع الأولاد، في حال حصل شيء لي”. أما زوجته إيلين فتقول إنها تخشى من المستقبل. وتضيف “أفكر في ما سيحدث في المستقبل، فإذا ما حدث شيء لزوجي يجب أن أتمكن من العمل من أجل الاهتمام بالأولاد، فليس لنا أحد هنا وعلي أن اعتمد على نفسي”. وتلفت إيلين إلى أنها لم تكن تتوقع أنها ستواجه هذه الإشكالية عندما تزوجت، وقد تفاجأت بها، وختمت حديثها قائلة “إن شاء الله تنتهي مشكلتنا، ونتمكن من حرية الحركة، هذا ما أتمناه”.
مشاركة :