مع تواصل الاحتفالات بمئوية الدولة العراقية التي تنوعت في أشكالها وأنواعها على الصعد الثقافية والفنية والسياسية أم الفنية أم الاجتماعية التي استعرضت التحولات الجوهرية طوال قرن من الزمان العراقي بتمظهراته وانعكاساته المختلفة. وفي هذا السياق ودعماً للثقافة المجتمعية،جاء العرض الأول للمسرحية الشعبية الاستعراضية "المجرشة" التي توقفت عند بعض من الشخصيات العراقية الخالدة وما قدمته من منجزات مميزة ومهمة مازالت راسخة في ذاكرة الأجيال. والمسرحية قدمت ظهر الاربعاء الماضي على خشبة مسرح وزارة النفط، وهي من تأليف وسيناريو الكاتب والإعلامي عاصم جهاد، وإخراج الفنان المبدع كاظم نصار، وتمثيل نخبة متميزة من نجوم المسرح العراقي وشبابه المبدعين الفنانين ضمت : سامي قفطان، وميمون الخالدي، وعواطف السلمان، وطلال هادي، ومازن محمد مصطفى، وأياد الطائي، وعلاوي حسين، وسعد عزيز عبد الصاحب، ونضير جواد، وعلاء قحطان، وزمن علي، وأزهار العسلي، وجهاد جاسم، وأحمد شوقي، وادريس عدنان، وضيف الشرف الفنان عدنان شلاش، بمشاركة الفرقة الموسيقية بقيادة الفنان طه غريب، والفرقة الراقصة بقيادة الفنان محمود رجب في حين يتولى إدارة المسرح والانتاج الفنان ستار السعداوي، وتصميم الإضاءة الفنان عباس قاسم، والأزياء أحمد العدواني، والمكياج حكيم جولاق، والديكور مصطفى الربيعي، وحيدر حسين حمزة. وبغية الوقوف على طبيعة وأهمية هذه المسرحية الشعبية الاستعراضية تحدث لنا الكاتب والإعلامي عاصم جهاد المتحدث باسم وزارة النفط، مؤكداً أن "وزارة النفط كانت ومازالت راعية مستمرة للثقافة والفنون باعتبارها من أدوات القوة الناعمة التي تمثل السند المكمل للدور الأساسي لعملها وهي أول من قدم عملاً مسرحياً بعد عام 2003". مواصلاً "حيث قدمت العرض الإحتجاجي "نون" بمشاركة نخبة من الفنانين العراقيين ". وبخصوص مسرحية "المجرشة" قال الكاتب والإعلامي عاصم جهاد الذي كتب كتب نصها والسيناريو "المجرشة قاربت موضوعة مئوية الدولة العراقية وهو موضوع مهم لتعريف المواطنين بالشخصيات العراقية المهمة"، مؤكداً "أهمية دعم المسرح لإيماننا بأنه يمثل المرآة للثقافة بجميع فروعها وألوانها لاسيما أن الفن المسرحي يعد من الوسائل المهمة لتغيير واقع البشر الى الأفضل عبر تكريس ونشر المعرفة والتنوير والجمال". وأكد جهاد أن "مفاوضات تجري مع دائرة السينما والمسرح للعمل على عرض (المجرشة) في المسرح الوطني أو مسرح الرشيد، لغرض توفير الفرصة للجمهور العريض لمشاهدتها والتمتع بدلالاتها وأبعادها الجمالية والدرامية والفكرية، وللاستفادة من التقنيات الفنية العالية التي تنطوي عليها مسارح دائرة السينما والمسرح، لاسيما أن المجرشة تمثل أسلوباً جديداً في شكل ومضمون العروض المسرحية التي قدمت قبل وبعد ربيع 2003 بشهادة الذين شاهدوا عرضها الأول". وفي ختام حديثه أعلن عاصم جهاد عن الاستعداد لعمل مسرحي جديد سيكون مفاجأة للوسط الفني، وسوف تطلق التدريبات عليه قريبا ويعلن عنه في حينه". المخرج الحداثي والتجريبي كاظم نصار الذي سبق له أن قدم العديد من المسرحيات، التي شكلت اتجاهاً مسرحياً وأسلوباً متميزاً عبر تبنيه مشروع "الكابريه السياسي" ليؤسس عليه متبنياته الفكرية والجمالية، قام على إخراج مسرحية "المجرشة، وهنا سألناه عن فكرة المسرحية وهل هناك مقاربة مع قصيدة "المجرشة" الشهيرة للشاعر عبودي الكرخي؟ فقال "العنوان مستل من قصيدة المجرشة للملا عبود الكرخي، وكذلك الفكرة من ذاكرته إذ يستحضر أجزاءً وصوراً وأحداثاً من عمر الدولة العراقية وشخصياتها وتأسيسها، حيث تشكلت هذه الدولة وفق صعوبات وأحداث وانقلابات إنتهت بمقتل العائلة الملكية، وهكذا سحقت وجرشت الدولة أبناءها ومؤسسيها وصناعها، ومن هنا جاءت التسمية والفكرة، وكأن الملا الكرخي كان يتنبأ بمسيرة هذه الدولة والمصائر التي سيؤول اليها صناعها ورجالاتها والغربة التي عاناها الأغلبية منهم". سألناه "المخرج كما هو معروف مؤلف ثان للنص فكيف تعامل كاظم نصار مع نص عاصم جهاد على ندرة نصوصه المسرحية على عكس مقارباته في الكتابة الساخرة ورسومه الكاريكاتيرية ؟" فأجاب "المؤلف يمتلك خبرة في تقليب ملفات الدولة العراقية وأحداثها وماسجله في النص وقائع حدثت فعلياً، وشكلنا حواراً دائما للوصول الى الصيغة الأنسب، والنص مر بمراحل متعددة في الإضافة والحذف والتعديل وصولاً الى صيغته الحالية وفقا لتلك المداخل". وعن الرسائل الجمالية والإبداعية والدرامية التي أراد هذا العرض الاستعراضي والشعبي إيصالها قال " لدي شغف في أن أقدم مسيرة الدولة بصناعها ومؤسسيها ورجالاتها عبر عرض مسرحي، وجاءت هذه الفرصة من خلال وزارة النفط ومبادرة من المؤلف عاصم جهاد تجمع بين الحوار والغناء والموسيقى والشعر، وهي كافية لتوصل رسائل العرض عبر كل هذه الفرجة المسرحية، مرة عن الديمقراطية، ومرة عن الغربة، ومرة عن نقرة السلمان، ومرة عن الغناء بوصفه يشكل معارضة للحكومة، عبر هذا التنوع في المعالجة فإن هذا العرض لا يخضع لشروط الدراما التقليدية". قلت له أتمنى أن لا أكون خاطئاً في أنك للمرة الأولى تخوض صياغة عرض من هذا النوع جمعت فيه بين الدراما والاستعراض فكيف تنظر لهذه التجربة في مسار تجربتك الشاملة؟ أكد نصار "المخرج المحترف لا يقف عند أسلوب معين فيجرب أشكالاً مختلفة بين مدة وأخرى، وهو سعي مطلوب خاصة اذا توفر له كادر محترف ونص جيد، وإن الإيجابي في هذه التجربة هو توفر كادر كبير من ممثلين ومطربين وموسيقيين وراقصين قدموا لوحات تعبيرية جميلة". سألته وعلى ماذا كنت تراهن في هذه التجربة؟ أعلى الممثلين ومعظمهم من المحترفين أم على عناصر أخرى تجوهرت في فضاء العرض؟ فقال "كل العناصر كانت بمستوى يجعلنا مطمئنين لنجاح التجربة فكلهم يشكلون مفتاح نجاح لأي عرض، وأنا تعاملت مع الجميع بمرونة وشفافية ولم أفرض توجهاتي، وإنما أيقنت أن هذا العرض مختلف وله اشتراطاته ومن هنا نجح العرض بتكاتف الجميع وًخلاصهم". وعن كيفية مواءمة جغرافية ومساحة خشبة العرض "مسرح وزارة النفط" الذي لا يتوفر على المستلزمات الفنية المطلوبة على عكس إمكانات مسرحي "الرشيد" و"الوطني"؟ أكد "حاولنا جميعاً تكييف مسرح النفط للعرض ونجحنا، وهناك نية لعرضه في مسرح يتوفر على شروط تقنية أفضل، وأعتقد أن مثل هذه العروض تصبح غير مناسبة للعرض في أي مكان لا يتوفر على تقنية صوتية، لأن تقنية 'النك مايك' تؤدي الى فقدان إحساس الممثل وتذهب بالعرض الى منطقة أخرى غير ملائمة". سألته أخيراً: كيف تنظر الى دور وتعاون وزارة النفط في دعم وتقديم مثل هذه العروض ؟ فقال المخرج كاظم نصار إنها "مبادرات جميلة وداعمة للثقافة والمسرح، وبالنسبة لي فهذا العرض الثاني حيث قدمنا من خلال دعمهم عرض 'نون' والذي كان يتحدث عن وحشية داعش في تعامله مع المواطنين وتهجيرهم وقتلهم، وآمل باستمرار هذا الدعم في المستقبل". وختم "نشكر لك متابعاتك المستمرة والمحترفة لأعمالنا وأتمنى لك التوفيق الدائم". حضر نقيب الفنانين العراقيين الدكتور جبار جودي العرض الأول للمسرحية " الذي حضره وزير النفط ووزير الشباب والرياضة وأمين بغداد. والمسرحية من تأليف وسيناريو الفنان عاصم جهاد واخراج الفنان كاظم النصار وتمثيل نجوم الفن العراقي الفنان سامي قفطان والفنان الدكتور ميمون الخالدي والفنانة عواطف السلمان والفنان طلال هادي والفنان مازن محمد مصطفى والفنان اياد الطائي والفنان علاوي حسين والفنان الدكتور سعد عزيز عبد الصاحب والفنان نظير جواد والفنان علاء قحطان والفنان زمن علي والفنانة ازهار العسلي والفنان جهاد جاسم والفنان احمد شوقي والفنان ادريس عدنان وضيف الشرف الفنان عدنان شلاش.وأشاد نقيب الفنانين العراقيين بمبادرة وزارة النفط وهي تحتضن العرض المسرحي "المجرشة" بنجومه الكبار وشبابه المبدع. تجدر الاشارة الى أن وزارة النفط سبق لها أن قدمت العرض الإحتجاجي "نون" بمشاركة نخبة من الفنانين العراقيين، في وقفة احتجاجية ضد استهداف المكوّنات العراقية من قبل عصابات داعش الإرهابية. و"نون" هو الحرف الأول الذي أخذت ترسمه "داعش" على بيوت المسيحيين الذين هجّرتهم في الموصل والمأخوذ من كلمة "نصراني"، في وقت كان فيه هذا الحرف هو الحرف في النص القرآني الذي يدعو إلى العلم والمعرفة، ولكن قوى الإرهاب حولته إلى ختم ورمز للتهجير والسلب والذبح والحرق، وشكلت المسرحية أول عمل فني يتصدى لمعاناة النازحين، وكانت بإشراف الكاتب والإعلامي عاصم جهاد، وكتابة النص لماجد درندش، والإخراج للمخرج الحداثوي والتجريبي المبدع كاظم نصار الذي عرف بمواصلة تقديمه خطاباً مسرحياً يتسم بـ"الكباريه السياسي" وما لحق بالذات العراقية من أزمات وآثار حروب وحصارات، بمحمولاتها وعلاماتها ومعالجاتها وطروحاتها وقراءتها الواعية للواقع العراقي المأوزم، ولعب أدوار هذه المسرحية نخبة من نجوم المسرح العراقي: آسيا كمال، وميمون الخالدي، ومازن محمد مصطفى، وباسل شبيب، وعلاوي حسين، وأسعد مشاي، وماجد درندش.
مشاركة :