النظام السوري يستغل المساعدات الإنسانية لمكافأة حلفائه ومعاقبة خصومه

  • 2/17/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت المساعدات الإنسانية الدولية التي تصل إلى سوريا الكثير من الجدل والانتقادات لطريقة التعامل معها. ونشر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي تقريرا مؤخرا ورد في 80 صفحة حول تلك المساعدات وحقيقة استفادة الشعب السوري منها. وتقول المحللة والباحثة الأميركية ناتاشا هول التي أعدت التقرير إن المساعدات الدولية تمر بنقطة تحول، إذ أنه في ظل استمرار تزايد أعداد السوريين المحتاجين طوال عقد من الصراع في بلادهم، تواصل حكومة الرئيس بشار الأسد استغلال المساعدات لمكافأة حلفائها ومعاقبة خصومها. فقد أصبحت الحكومة السورية ماهرة بصورة متزايدة في تحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة سياسية. وتضيف هول، وهي إحدى كبار زملاء برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أنه على هذا الأساس تسفر الجهود العالمية لدعم الشعب السوري بصورة متزايدة عن التدعيم المالي والسياسي للحكومة السورية، وهي نفس الحكومة المسؤولة عن معاناة الملايين من السوريين ونفي ملايين آخرين. وإضافة المليارات من الدولارات كمساعدات للنظام الحالي لن تنقذ سوريا، بل سترسخ الحكومة والأطراف الفاعلة الشريرة، مما يؤكد استمرار معاناة الملايين من السوريين الذين هم بحاجة ماسة للمساعدات. الحكومة السورية ماهرة في تحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة سياسية وتحويل القلق الدولي إلى سبيل لتحقيق أرباح وقد نجحت الحكومة السورية في تحويل القلق الدولي إزاء بؤس شعبها إلى سبيل لتحقيق أرباح. فهي تقوم باختلاس المساعدات، وإعادة توجيهها، لأغراضها الخاصة، في المناطق التي تسيطر عليها ومن خلال التحكم في الوصول الدولي للمناطق التي لا تسيطر عليها. ومع سعي المانحين الدوليين المتزايد لدعم تعافي سوريا، فإنهم يفعلون ذلك دون مراعاة للتقييمات والتقارير المتعددة التي تتحدث عن التلاعب الممنهج في نظام المساعدات. وذكر التقرير أنه لم تستطع المساعدات الإنسانية مطلقا معالجة المشكلات التي تعتبر سياسية في الأساس. ومع ذلك، لا تعفي القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية وكالات المساعدات أو الحكومات المانحة من الحاجة لفهم السبل التي تؤثر بها هذه المساعدات على الظروف السياسية، والعكس بالعكس. ولكي يكون هناك نفوذ لتفعيل المبادئ الإنسانية وتعظيم مكاسب المساعدات بالنسبة إلى السوريين، يتعين على الحكومات المانحة دمج المساعدات ضمن استراتيجية أكبر بالنسبة إلى سوريا والمنطقة. ومن مسؤولية المانحين التكاتف معا لصياغة عملية تدريجية لضمان وصول المساعدات لجميع المحتاجين، وعدم وقوعها في أيدي أمراء الحرب، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى استمرار عدم الاستقرار. وأوضح التقرير أن هناك حاجة لأن تركز الجهود الدولية لمواجهة أزمة سوريا على أربعة محاور أساسية. أولها أنه يتعين على مجتمع المساعدات التأكيد بدرجة أكبر على العمل المستنير. إذ يتعين على المانحين أن تكون أولويتهم الكبرى إدراك مكان توجه المساعدات ومن سيتلقاها، ويتعين عليهم عمل تقييم صارم وسياقي للتحديات التي تواجه المساعدات من المصدر حتى مستوى الدولة التي تتلقاها. أما المحور الثاني فإنه يتعين على الحكومات المانحة التي لها مصلحة في سوريا المشاركة في دبلوماسية ومفاوضات أكثر اتساقا ووعيا. فهي في حاجة إلى التفاوض باسم قطاع المساعدات في شمال غرب وشمال شرق سوريا، وفي حاجة إلى التفاوض بصورة جماعية مع الحكومة السورية والقوى الخارجية لمنع أي تدخل في جهود المساعدات وضمان وقف إطلاق النار. كما أن هناك دورا مهما يتعين القيام به مع الدول المجاورة في ما يتعلق بالقضايا العابرة للحدود مثل المياه والأمن واللاجئين. أما المحور الثالث فهو أنه يتعين على مجتمع المساعدات بالنسبة إلى المناطق التي يمكن فيها تأمين المبادئ الإنسانية والسلامة، أن يؤكد بدرجة أكبر على المرونة التي تحسن من قدرات المجتمعات على الصمود أمام الصدمات التي تواجه جهود المساعدات الطارئة. ومثل هذا الدعم مهم بصورة خاصة في شمال غرب، وشمال شرق البلاد، حيث يواجه الملايين من الأشخاص الذين أنهكتهم الحرب، والنازحون، مستقبلا مظلما من دون هذه المساعدات. من مسؤولية المانحين التكاتف معا لصياغة عملية تدريجية لضمان وصول المساعدات لجميع المحتاجين، وعدم وقوعها في أيدي أمراء الحرب ويتطلب المحور الرابع ضرورة العمل بالمزيد من الجد في ما يتعلق بتسهيل المساعدات. فعلى الرغم من أن العقوبات وإجراءات محاربة الإرهاب تخدم غرضا مهما، فإنها لا يمكنها فقط منع توفير المساعدات، ولكن أيضا غالبا ما تزيد من قوة الأطراف التي تُفرض عليها العقوبات والإجراءات. ويمكن إزالة تلك العقبات من خلال المزيد من الضمانات المباشرة للبنوك، وحتى إيجاد قناة مصرفية للمساعدات وتنسيق النظم بين الحكومات المانحة، مع اتخاذ الحيطة الواجبة لضمان عدم مشاركة الموردين والشركاء في انتهاكات حقوقية. وأكد التقرير أن تلاعب الحكومة السورية المستمر بالمساعدات الإنسانية سوف يرسخ الحرمان والقهر اللذين كانا سببا لاندلاع الحرب، وسوف يطيل أمد عدم الاستقرار والنزوح في المستقبل. وعلى الرغم من أن المساعدات بمفردها لن تصلح الحال في سوريا، يكمن للاستثمارات الواعية في الأمن الإنساني، من خلال الخطوات التي تم اقتراحها في هذا التقرير، أن تخفف المعاناة وأن تعطي أملا للمواطنين المصدومين نفسيا. وتتمتع الحكومة السورية بسلطة قوية على وصول منظمات الإغاثة، بما في ذلك من خلال الموافقات على تأشيرات الدخول، لدرجة أنه أصبح من الطبيعي بالنسبة إلى أقارب كبار مسؤولي الحكومة الحصول على وظائف داخل هيئات الأمم المتحدة. وبشأن توظيف أقارب مسؤولي الحكومة السورية في الهيئات الأممية، قال مسؤول في الأمم المتحدة، طلب عدم الكشف عن هويته، لصحيفة الغارديان “كيف لا يمكن التعرف على هوية هؤلاء الأشخاص عندما تكون سيرتهم الذاتية أمامك؟”. وتابع “أجد ذلك تقصيرا في أداء الواجب. هذه قضية حماية ضخمة، ليس فقط للمستفيدين من المساعدات، ولكن أيضا للموظفين الآخرين الذين تعمل معهم”.

مشاركة :