الحكومة اللبنانية تقر مشروع الموازنة و"الثنائي الشيعي" يتنصل

  • 2/17/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا يبدو أن عودة وزراء "حزب الله" و"حركة أمل"، أو ما يُعرف بـ"الثنائي الشيعي"، عن اعتكافهم عن المشاركة في جلسات مجلس الوزراء اللبناني مبنيّة على أسس صلبة، بحيث تعرّضت هذه العودة لأزمة كادت أن تؤدي إلى مقاطعتهم جلسات الحكومة مجدداً. فما إن تلا وزير الإعلام بالوكالة عباس الحلبي، بيان الجلسة التي عُقدت في 10 فبراير (شباط) الحالي في قصر بعبدا، (مقر إقامة رئيس الجمهورية)، حتى بدأت ردود الفعل "المستنكرة" من قبل وزراء "الثنائي" ونوابهما، حول طريقة "تهريب" رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للموزانة، على حد تعبيرهم. ووصل الأمر إلى حد اتهام رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة ميقاتي بتمرير الموازنة من دون التصويت عليها، أي أن الأمر حصل بالتوافق بين الرئيسَين. ونقلت وسائل إعلام قريبة من "حزب الله" أن رئيس الحكومة "هرّب الموازنة، مستغلاً حالة من الهرج سادت الجلسة بعد طرح بند التعيينات العسكرية من خارج جدول الأعمال، ليُفاجأ الوزراء بمجموعات على تطبيق واتساب تنقل عن رئيس الحكومة أن مجلس الوزراء أقرّ الموازنة، وهو ما لم يحدث فعلياً". ونقلت تلك الوسائل أيضاً أن "تواطؤاً حصل من خارج جدول الأعمال لتمرير التعيينات في المجلس العسكري ومجلس الإنماء والإعمار، من دون التنسيق المسبق مع مرجعيات الوزراء الشيعة"، قادة "حزب الله" و"حركة أمل". "تهريبة" الموازنة وبدا جليّاً أن الأمر لا يتعلق فقط بجلسة الحكومة الأخيرة، إذ بدر أكثر من موقف من "الحزب" تجاه ميقاتي يشي بأن الأمور ليست على ما يرام، بدءاً من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، إلى إدارته لملف الأزمة اللبنانية الخليجية، وأخيراً الموازنة وملف التعيينات. وكان النائب عن "حزب الله" حسن فضل الله توجّه إلى ميقاتي بالقول "تجاوزتَ اتفاق الطائف، وما قمت به في مجلس الوزراء غير مقبول وغير دستوري، والعين ستكون مفتّحة عليك أكثر في المرحلة المقبلة، وأنت تتحمّل المسؤولية عن هذه الموازنة". وتابع أن "الموازنة لم تُقرّ وفق الأصول"، مؤكداً أن "حزب الله أعطى الموازنة أهمية كبيرة وشكّل لجنة لدراستها برئاسة رئيس الكتلة (النيابية محمد رعد) وناقشنا كل البنود. وما جرى في مجلس الوزراء هو تهريبة، وبالنسبة إلينا الموازنة لم تُقرّ"، مشيراً إلى أن "هناك قطبة مخفيّة في مكان ما، وإذا حُوِّلت الموازنة إلى لجنة المال والموازنة، فسندقّق بكل نقطة وفاصلة وسنتصدّى لكل ما يؤدي إلى مدّ اليد على جيوب الناس". بدوره ردّ ميقاتي في بيان، أن "وضع جدول أعمال مجلس الوزراء يقع ضمن صلاحيته حصراً، ويطلع فخامة رئيس الجمهورية عليه، على أن يكون لفخامته حق طرح أي بند من خارج جدول الأعمال". لكن متابعين يرون أن هذه البلبلة التي رافقت صدور مشروع قانون موازنة 2022، لا تتعدى كونها زوبعة في فنجان، بحيث يحاول "الثنائي الشيعي" التنصل منها ومن مسؤولية الضرائب والرسوم التي أُقرّت، بعد موجة الاستنكار الشعبية التي ظهرت فور تسريبها، بخاصة أن البلاد مقبلة على استحقاق انتخابي. وكان الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، وبعد انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أعلن في خطاب سابق، أنه "عندما تحتاج مواجهة فرض ضرائب جديدة على الفقراء وذوي الدخل المحدود أن ننزل إلى الشارع سننزل إلى الشارع". كما اعتبر المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن "الموازنة بشكلها الحالي نكبة أخطر من نكبة فلسطين، وقنبلة أسوأ من قنبلة هيروشيما". أزمة ثقة وكان نائب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم أكد أن "طريقة إقرار الموازنة في مجلس الوزراء حصلت بشكل مخالف للدستور، لأن النقاش كان سطحياً والتعديلات لم تُعرض على الوزراء الذين لم يتلقّوا الإجابات عن بعض القضايا المطروحة". وأشارت مصادر "الثنائي الشيعي" لقناة "أن بي أن" (NBN) الناطقة بلسان رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى أنه "تم تمرير التعيينات والموازنة في ظل حالة من الفوضى، ولم يكُن هناك تفاهم مسبق حول التعيينات التي أُقرّت من خارج جدول الأعمال". كما ذكر وزير الثقافة محمد المرتضى في بيان أن "بعض التعديلات المقترحة وبعض الأرقام ولوائح السلع المفترض إخراجها من دائرة الرسوم ونماذج المحاكاة المتعلقة بالدولار الجمركي، كانت لم تُسلّم بعد إلى الوزراء على الرغم من مطالبتنا بذلك مراراً وتكراراً، وعلى الرغم من الوعود بتزويدنا بها في الجلسة المنصرمة، ما يعني، قانوناً، أن مجلس الوزراء لم يختم نقاشه في مشروع الموازنة، ولم يصوّت عليه ولم يصدر أي قرار بالموافقة أو الرفض، خلافاً لما جرى تظهيره أمام الإعلام". لكن لا يبدو أن الموازنة وحدها هي ما أثار هذا "المهرجان" من التصريحات والاستنكارات، بخاصة أنها نُصّت في مكتب وزير المالية يوسف خليل، المحسوب ضمن حصة "الثنائي الشيعي" الحكومية، وسمّته تحديداً "حركة أمل"، بل إن التعيينات التي أتت من خارج جدول الأعمال، هي ما أثار حفيظة بري، فسارع إلى حظر توقيع وزير المالية على المراسيم، إذ اعتبرها، بحسب صحف لبنانية، "فخّ نصبه عون، وتواطأ ميقاتي معه فيه". لكن المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة تمنى "بعد الأخبار والتحليلات الصحافية الخاطئة بشأن التعيينات التي جرت في مجلس الوزراء في القصر الجمهوري، على السادة الزملاء عدم التداول بمعلومات مغلوطة كهذه، لأن دولة الرئيس (ميقاتي) واضح في موقفه بأنه لا تسويات على حساب الصلاحيات الدستورية". "القطبة المخفية" وطالت التعيينات غير المتوافق عليها، عدداً من المناصب الإدارية والعسكرية. وكانت مصادر قصر بعبدا رأت أن "حملة الاحتجاج التي أثارها وزراء الثنائي مبالغ بها جداً، والأمر لا يستأهل كل هذا الضجيج لأن التعيينات العسكرية كانت أكثر من ضرورية، لمنع الشلل في المجلس العسكري ومجلس الإنماء والإعمار". لكن لقاءً جمع المعاون السياسي لرئيس البرلمان نبيه بري، الوزير السابق علي حسن خليل، ومسؤول العلاقات الخارجية في "حزب الله" حسين خليل، خلال عطلة نهاية الأسبوع مع رئيس الحكومة ميقاتي، فسجّلا "عتبهما" عليه، فوعد بالاستجابة لطلب تعيين نائب للمدير العام لجهاز "أمن الدولة" الشاغر، وقرر "الثنائي" على إثر ذلك وقف التصعيد. ونفت مصادر صحافية قريبة من "الحزب" أن يكون جرى التفاهم على كل نقاط الخلاف، إلا أن مشروع الموازنة سيُحال إلى المجلس النيابي كما أعلن رئيس الحكومة، ما يعني عدم تمسّك المعترضين بإعادة التصويت على مشروع الموازنة في الحكومة، علماً أن "حزب الله"، على وجه الخصوص، كان مهتماً بإبراز معارضته لطريقة تمرير الموازنة، واعتراضه على محاولة إدخال بنود على جدول الأعمال تتعلق بتعيينات في المجلس العسكري ومواقع إدارية أخرى. ونقلت وسائل إعلام لبنانية عن أوساط سياسية مطلعة أن مجلس الوزراء سيعيّن في أول جلسة له نائب رئيس لجهاز "أمن الدولة" (شيعي)، وأن الضجة التي حصلت عقب الجلسة الأخيرة للحكومة وتمّ فيها إقرار الموازنة لم يكُن لها لزوم، إذ يحق لرئيس الجمهورية وبحسب الدستور طرح أي موضوع من خارج جدول الأعمال من دون استشارة أو استئذان من أحد.

مشاركة :