يؤكد مناصرو السباحة في المياه الثلجية على فوائدها الجسدية والنفسية، كما أثبتت الدراسات الخاصة بأمراض الروماتيزم أن العلاج بالماء البارد يخفف الآلام وفي بعض الحالات يستغني المريض عن المسكنات حسب نوع العلاج. كما اكتشف الباحثون أن لها أثرا نفسيا إيجابيا، إذ يقول من يسبحون في المياه شديدة البرودة بشكل منتظم إن أكبر فائدة بالنسبة إليهم هي التغلب على مخاوفهم. قال البروفيسور هانس كريستيان جونجا إن السباحة في المياه الثلجية لها العديد من الفوائد الصحية للجسد والنفس على حد سواء، ولكنها لا تخلو أيضا من المخاطر. وأوضح اختصاصي طب الفضاء والبيئات المتطرفة بمستشفى شاريتيه بالعاصمة الألمانية برلين أن السباحة في المياه الثلجية لبضع دقائق تعمل على تقوية جهاز المناعة والنسيج الضام وتنشيط الجهاز القلبي الوعائي والمساعدة على حرق الدهون وزيادة درجة قوة تحمل الجسم، كما أنها تحارب التوتر النفسي والضغط العصبي، ومن ثم تسهم في الشعور بالاسترخاء والراحة النفسية. وأضاف جونجا أن السباحة في المياه الثلجية تتطلب التمتع بصحة جيدة، لذلك تعد غير مناسبة للأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة كارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري. ولتحقيق الاستفادة المرجوة شدد جونجا على أهمية تهيئة الجسد جيدا قبل السباحة في المياه الثلجية لتجنب المخاطر المحتملة، والتي تمتد من الخدر والألم مرورا بمشاكل الدورة الدموية وأمراض القلب والأوعية الدموية وصولا إلى الإصابة بصدمة برد تهدد الحياة. السباحة في المياه الثلجية تتطلب التمتع بصحة جيدة، لذلك تعد غير مناسبة للأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة ولهذا الغرض ينبغي مثلا البدء بأخذ حمام بارد، مع مراعاة تغطية الرأس واليدين والقدمين أثناء السباحة، نظرا إلى أن الجسم يفقد الحرارة بسرعة في هذه الأجزاء. وينبغي أيضا الخروج من المياه فور ملاحظة بعض الأعراض مثل صعوبة التنفس واضطراب معدل ضربات القلب. ويصف البعض السباحة في المياه الثلجية بأنها رياضة، بينما يراها البعض الآخر متعة ويؤكد آخرون على فوائدها. ويقول أنصار السباحة وسط الجليد إنها تخفف آلام المفاصل والروماتيزم وتعالج الاكتئاب وتبعد عن الشخص الإصابة بالبرد والإنفلونزا. وإذا كان شخص يعاني من صداع أو التهاب في الجيوب الأنفية ويجد صعوبة في الخلود إلى للنوم، فإن أنصار السباحة في المياه الثلجية في فنلندا يؤكدون أن كل شيء سيتحسن إذا ذهب بانتظام إلى “أفانتو”، وتعني بالفنلندية الثقب في الجليد. وربما لا يبدو النزول إلى بحيرة متجمدة في فصل الشتاء في القطب الشمالي وسيلة مسلية لتمضية الوقت لكنها عادة أسبوعية لكثيرين في فنلندا مثلها مثل التزلج على الجليد. وقال ليو وانامو (85 عاما) وهو يخرج من ثقب في جليد سمكه حوالي نصف متر بعد أن مكث لفترة قصيرة في المياه أسفله “إنها تجربة خاصة جدا ورائعة”. ويشيد وانامو وهو ضابط سابق في الجيش بالتأثير المنشط للمياه الباردة، وهو يهم بارتداء معطف من الجلد يحميه من حرارة تقل عن 15 درجة تحت الصفر. وتابع لموقع النبأ المعلوماتي “في شبابي كنت أسبح في المياه الثلجية يوميا وخفضتها إلى ثلاث مرات في الأسبوع حاليا”. ولا يطلق وانامو أي مزاعم محددة بشأن الفوائد الصحية للسباحة في المياه الثلجية ولكنه سعيد بكونه أكثر لياقة وأصح من نظرائه الذين لم يعتادوا الأمر. حرق الدهون وتظهر الدراسات أن السباحة في المياه الثلجية يمكن أن تسهم في معالجة بعض الأمراض ومداواة الجروح، ولكن ليس هناك الكثير من الأدلة التي تثبت فعاليتها في منع تدهور الحالة الصحية لممارسيها. وقال جوهاني سمولاندر وهو باحث بارز في مجال الصحة يدرس الفوائد الطبية للسباحة “أثبتت الدراسات الخاصة بأمراض الروماتيزم أن العلاج بالماء البارد يخفف الآلام وفي بعض الحالات يستغني المريض عن المسكنات حسب نوع العلاج”. وتابع “السباحة لا تعالج المرض ولكن تخفف بعض الأعراض”. ويعترف سمولاندر بأنه يسبح في الماء البارد من حين إلى آخر، ولكنه يضيف أنه لا يتوافر الكثير من الأدلة القوية عن فوائد بدنية على المدى الطويل. لكن الباحثين اكتشفوا أثرا نفسيا إيجابيا، إذ يقول من يسبحون في المياه شديدة البرودة بشكل منتظم إنهم يشعرون بأنهم أفضل حالا ممن يجلسون داخل منازلهم يتابعون من تأتيهم الشجاعة والطيش للقفز وسط جليد بحيرة متجمدة. وتقول تاينا كينونين التي شاركت في كتاب عن السباحة وسط الجليد “أكبر فائدة بالنسبة إلى كثيرين هي التغلب على مخاوفهم”. البعض يصفون السباحة في المياه الثلجية بأنها رياضة، بينما يراها البعض الآخر متعة وتضيف “تزيد ثقتك بنفسك حين تفعل ما تخشاه وهناك أيضا جوانب تتعلق بالصحة والجمال. من يفعلون ذلك يرون أنهم يقومون بعمل يفيدهم”. ونظمت ماريا يوريو كوسكينين (43 سنة) مسابقة عالمية للسباحة الشتوية بشمال فنلندا في الفترة من الثالث إلى الخامس من مارس الماضي، وتقول “جلدي أنعم وأرق”. وتضيف وهي تحمل رضيعتها وعمرها ستة أشهر “إنها مفيدة لزوجي أيضا أو هكذا تبدو”. ويسبح حوالي 120 ألف فنلندي في المياه المثلجة بانتظام، ولكن حوالي خمسة أمثال هذا الرقم أو نحو عشرة في المئة من السكان يسبحون فيها ولو مرة واحدة. وتقول يوريو كوسكينين إنها تدريب جاد للبعض ومجرد متعة أيضا. وهذا ما اجتذب حوالي ألف سباح إلى البطولة ومن بينهم أستراليون وكنديون. ويقول ستيفن هودنت من دبلن الذي شارك في المسابقة التي أقيمت في أولو “إذا كنت متعبا أو غاضبا أو مشغول البال فإن السباحة في المياه الباردة ستصفي ذهنك (…) سيزول كل شيء ويذهب الغضب ولكن المشكلة أنك تشعر بالبرد”.
مشاركة :