يقول الدكتور خالد النمر في تغريدة بتويتر: (عمره 80 سنة، عندما سأله الطبيب هل يرافقك أحد؟ فقال: إيه معي كومار يسوى عيالي وبناتي كلهم، يجلس معي ويمالحني ويعطيني علاجاتي ويذكرني بمواعيدي، يالله لك الحمد أنك رزقتني بكومار)، انتهت التغريدة ومثلها آلاف التغريدات في عالم الواقع الحقيقي وليس الافتراضي. كم من طفلة تغرد بسجع أشبه بسجع النمر بقولها: (إيه معي ميري تسوى أمي)، وكم من طفل يقول كلاما مشابهًا عن السائق الذي احتضنه نيابة عن أبيه، وكم من مراهقة لا تجد من تفضفض له سوى الشغالة أو السواق الذي تراه وتتعامل معه، ويعرف لحظات حزنها وفرحها أكثر من والدها وكم من مراهق..... وكم وكم. هذه المشكلة نحن من صنعها، حينما يولد المولود يضعه الأطباء مباشرة على صدر أمه، فهذه الطريقة تجعله يميز جلد أمه، فتنشأ روابط من تلك اللمسة، أهمها أن حليب الأم يدر ويبدأ التحضير للخروج بشكل كافٍ، وهذا ما يعرف بالـ skin on skin أو التصاق الجلد بالجلد، وما ينتج عنه، فإن كان لالتصاق الجلد علاقة بما يفرز من الجسد، فكيف لا تكون للأحضان علاقة، ولا للكلمة الرقيقة علاقة، ولا لجلسة النقاش علاقة، إن كل ما نتعامل به مع أطفالنا هو إما عسل، وإما سم يؤثر في بقية حياتهم، بل حتى النبات يتأثر بفعل صاحبه تجاهه، فلو كانت هناك نبتتان من نوع واحد، يرعاهما شخص واحد، لكنه يحضر للأولى بمشاعر سعيدة، وتملؤه طاقة إيجابية، ويحادثها وكأنها تسمع كلماته، ويذهب للأخرى كلما كان مزاجه «نكديا» ويبث عليها من سموم طاقته السلبية، فستكون النتيجة أن الأولى تزداد خضارًا ونضارة، بل تتأثر بغياب صاحبها ولو كان الماء متروكًا لها، على عكس الأخرى، التي بالتأكيد لن تكون بنضارة الأولى، هذا وهو نبات «ياااا ناااس»، فما بالكم بالناس «ياااا نااااس». ما أريد قوله، إنه وفي أغلب عائلاتنا تصح مقولة «زاد الماء على الطحين»، فحينما يكون هناك أب يعول 5 جميعهم ما زالوا أطفالًا، فهذا يحتاج إلى خمسة آباء غيره، كل طفل يحتاج أبًا متفرغًا له، وليس مشغولًا بتغذيته ونسيان تربيته، وكأن ذلك الطفل بهيمة فقط، نسي أن يعرف عن ذلك الطفل كل صغيرة وكبيرة، يجالسه ويحادثه ويضمه ويحضنه، حتى إن وصل مرحلة المراهقة، فما بالك إن كانت أنثى، كم حضنًا تحتاجه من والدها وأمها في اليوم وليس في السنة أو في الأعياد وكأن ذلك الحضن هو خروف العيد مرة في العام. اختصارًا، نحن من صنع كومار أعلاه، ونحن من جعل قلوب أبنائنا علينا كالحجارة بل وأقسى (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار)، فإن كان الأب لا يقضي مع أسرته إلا ساعات في الأسبوع، وبقية الأسبوع لا يعرف عنهم شيئا، فمن الطبيعي أن من هو «بعيد عن العين بعيد عن القلب»، لذلك علينا أن نعي أن بناء إنسان أعظم من بناء العمل أو المباراة أو «استراحة الشباب»، وأن ما نزرعه اليوم نحصد ثماره غدًا، فعلينا أن نرزع الطيب حتى نجني الأطيب و(حتى لا يكون ابني كومار).
مشاركة :