إهانة أردوغان تهمة جاهزة لتكميم الأفواه قبل الانتخابات

  • 2/21/2022
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اسطنبول - تحولت تهمة إهانة الرئيس في تركيا إلى سيف مسلط على رقاب كل من ينتقد الرئيس التركي في شخصه أو منصبه أو سياساته وباتت الأكثر شيوعا حتى من تهمة الإرهاب وهي تهمة أخرى كثفت أجهزة أردوغان من توجهها لخصومه منذ الانقلاب الفاشل في صيف العام 2016. وقبل 16 شهرا فقط من الانتخابات الرئاسية التي يخوضها أردوغان وحزبه برصيد ضعيف وبنكسات سياسية واقتصادية، تنتشر تهمة إهانة الرئيس على نطاق واسع في تركيا، لتكميم أفواه منتقدي الرئيس وسياساته. وتمثل قضية الصحافية التركية سيديف كاباش مثالا يسلط الضوء على ضحايا المادة 299  من قانون العقوبات حيث يتعرض الآلاف لملاحقات قضائية، وفق لهذه المادة التي تعتمد أساسا على تهمة "إهانة الرئيس". وتبدأ كاباش الثلاثاء شهرها الثاني في السجن استنادا لتلك التهمة التي بدأت تنتشر أكثر فأكثر في تركيا وتسمح بتكميم أفواه المعارضة قبل الانتخابات الرئاسية، وفق ما يرى مراقبون. وتؤكد منظمة مراسلون بلا حدود أنّ كاباش (52 عاما) هي الصحافية التي أمضت أطول فترة في السجن بهذه التهمة حتى الآن. وكانت كاباش ذكرت خلال برنامج تلفزيوني أن مثلا قديما يقول إن الرأس المتوّج يصبح عموما أكثر حكمة، مؤكدة "يمكن أن نرى بوضوح أنه خاطئ". وكررت الصحافية مقارنتها التي اعتُبرت مهينة للرئيس رجب طيب أردوغان ونظامه، على حسابها على تويتر الذي يتابعه 900 ألف شخص. بعد ثلاثة أسابيع تم توجيه اتهام رسمي إلى سديف كاباش ورُفض طلبها بالإفراج عنها. ويطالبها الرئيس أردوغان بتعويض قدره 250 ألف ليرة تركية (أكثر من 18000 دولار). وستتم محاكمتها في 11 مارس/اذار المقبل وهي معرضة في حال إدانتها للسجن لمدة 12 عاما وعشرة أشهر، بتهمة "إهانة رئيس الجمهورية" واثنين من وزرائه. وأدان إيرول أونديروغلو ممثل مراسلون بلا حدود في تركيا "القانون المناقض للديمقراطية حول إهانة الرئيس والذي تحوّل إلى أداة قمع تجسّد السياسة الاستبدادية للحكومة". واعتبر أن جريمة إهانة الرئيس المنصوص عليها في المادة 299 من قانون العقوبات والتي تطالب مراسلون بلا حدود بإلغائها "تسمح بإسكات المنتقدين وإضعاف وسائل الإعلام". وعبّرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي عن قلقها إزاء الاستخدام التعسفي للمادة 299. وحذّر الرئيس التركي من أن قضية كاباش "لن تبقى من دون محاسبة"، داعيا إلى "احترام وحماية منصب" الرئاسة، مشددا "على أنّ لا علاقة لذلك بحرية التعبير". وبعد فترة وجيزة صدرت ثماني مذكرات توقيف منها واحدة ضد السباح الأولمبي ديريا بويوكونجو على خلفية رسائل على تويتر تسخر من إصابة الرئيس بكوفيد (بدون أعراض) وكذلك زوجته. وتم توجيه تهمة ازدراء الرئيس إلى أكثر من 31 ألف شخص في 2020 و36 ألفا في 2019، بينما اقتصرت على أربعة فقط في 2010، وفقا لإحصاءات قضائية رسمية. وتشير الباحثة في معهد البحوث الإستراتيجية التابع للمدرسة العسكرية في باريس سمبُل كايا إلى أنّ تهمة إهانة الرئيس أكثر تعميما من تهمة "الإرهاب" وهي الأكثر انتشارا منذ محاولة الانقلاب ضد أردوغان في عام 2016. وقالت إن "هذا الجرم يسمح بالتعرض للمواطنين العاديين"، كاشفة عن "تراجع دور السلطة القضائية"، بينما تمر تركيا بأزمة اقتصادية تؤثر على شعبية الرئيس لناحية إعادة انتخابه في 2023. وكان جرم "إهانة موظفي الخدمة العامة" موجود منذ مدة طويلة، لكن إهانة الرئيس الأكثر تواترا حاليا، وُضع في 2005 بمبادرة من حزب العدالة والتنمية، حزب أردوغان الموجود في السلطة منذ عام 2002، بحسب ما توضح كايا. وأضافت "في حالة السباح، اعتبر الرئيس أردوغان أنه تم استهداف موقعه ولكن كان الأمر يتعلق بشخصه: ننزلق من حماية الموقع باتجاه حماية شخص الرئيس". ويرى الخبير الاقتصادي والسياسي أحمد إنسل أن "الاستخدام المفرط للمادة 299 يهدف إلى إسكات أي تعبير ناقد ضد شخص الرئيس"، مضيفا "سُجن العديد من الصحافيين والمحامين بتهمة الدعاية لتنظيمات إرهابية. ولكن عندما لا يمكن توجيه هذه التهمة، كما في حالة سديف كاباش، يرفع محامو أردوغان دعوى قضائية بموجب المادة 299". ويرى أنّ هذا التطور يأتي في إطار "تصوّر أردوغان الاستبدادي للغاية للوظيفة الرئاسية، وقد أصبح في عام 2018 رئيسا للدولة ورئيسا للحكومة وزعيما للحزب الحاكم في آن". ويشير المراقبون إلى صغر سنّ مدعي عام اسطنبول الذي وجه الاتهام إلى كاباش، والمُتخرّج في 2018. ويقول إنسل "تم استبدال أكثر من 4000 قاض ومدع عام منذ 2016 بمحامين شباب مقربين من حزب العدالة والتنمية، في عمليات توظيف غير شفافة"، مؤكدا أنّ "الأوامر تأتي من فوق، مباشرة من القصر الرئاسي". وطالبت حوالي 30 منظمة دولية لحماية الصحافيين بالإفراج الفوري عن سديف كاباش، بينما تحتل تركيا المركز 253 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة، وفق منظمة مراسلون بلا حدود غير الحكومية.

مشاركة :