شبح الجفاف يخيم على قطاع الزراعة بالمغرب ويهدد الاقتصاد

  • 2/22/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يجزم المزارع المغربي محمد فنان، بأنه لم يشهد موسما أشد جفافا من هذا طيلة 50 عاما قضاها في الفلاحة بقريته رأس العين في إقليم سطات جنوبي العاصمة الرباط. يقول فنان (77 عاما): "لم يسبق أن رأيت مثل هذه السنة. أنا مولود في العام 1945 كما عايشت بكل تأكيد 1981 التي كانت سنة جافة أيضا وصعبة، ولكن لم يسبق أن حكى لي أحد من أجدادي أو والدي عن مثل صعوبة هذا العام الذي نعيشه". وأشار فنان المتخصص في الزراعات السقوية، وهي تلك التي تعتمد على الري مثل القمح والشعير والحبوب، إلى أنه زرع أرضه التي تقع في سهل الشاوية -أحد أخصب السهول المغربية- بالقمح والحبوب كالمعتاد، لكنها لم تنبت. وقال: "الجفاف حاد، وحاد جدا. النبتات خاصة الزراعات الخريفية تضررت كثيرا". يشهد المغرب أسوأ أزمة جفاف منذ 30 عاما وتراجع معدل هطول الأمطار 64% مقارنة بالموسم العادي. وقال خبير المناخ والتنمية المستدامة محمد بنعبو: "الجفاف يحدث كل عامين حاليا بدلا من مرة كل عشر سنوات على غرار ما كان يحدث حتى تسعينيات القرن الماضي". وشكا فنان من قلة مناطق الرعي والكلأ قائلا: "المراعي غير موجودة نهائيا. الناس تبيع أغنامها، هناك من باع 90% ليوفر الكلأ لما تبقى. هناك نقص كبير في المياه الجوفية". والزراعة في المغرب هي أكبر القطاعات استيعابا للأيدي العاملة، وشكلت 17% من الناتج المحلي في 2021. نقص الأمطار في قرية بني كلة شرق مدينة وزان التي تقع قرب جبال الريف، على بعد 173 كيلومترا شمالي الرباط، قالت مزارعة قدمت نفسها باسم زهرة إن حقلها المزروع بالفول والقمح قد جف و"المغروسات ذابلة تكاد تموت". وأضافت زهرة التي تبلغ من العمر 69 عاما: "هذه أسوأ أزمة جفاف. العام 1981-1982 كان جافا، لكن المياه الجوفية كانت لا بأس بها، كنا نسقي. أما الآن فنخاف أن نسقي بعض المزروعات ونبقى دون ماء للشرب، فالوادي بقريتنا جف ومنسوب مياه البئر التي نرتوي منها نقص أيضا". في قرية بلوطة بشمال وزان أيضا، قالت فاطمة (58 عاما): "غرسنا الفول والجلبانة (البازلاء) ولم تنبت بسبب النقص الشديد في الأمطار". وقالت جارتها عايشة: "اشتريت نعجة حبلى بخمسمئة درهم (52.7 دولار) وهذا ثمن بخس. في السابق لم أكن لأشتريها بأقل من 1700 أو 1400 درهم. المواشي رخصت بسبب التخوف من نقص الأعلاف نظرا لقلة الأمطار". في الأسبوع الماضي، قال الديوان الملكي إنه سينفق عشرة مليارات درهم (أكثر من مليار دولار) لدعم القطاع الفلاحي، وتخفيف آثار الجفاف على المزارعين والاقتصاد. وأقر العاهل المغربي برنامجا عاجلا يأتي على ثلاثة محاور أساسية، تتعلق بحماية الرصيد الحيواني والنباتي، وإدارة ندرة المياه، في حين ينصب المحور الثالث على تخفيف الأعباء المالية على الفلاحين والمهنيين وتمويل عمليات تزويد السوق الوطنية بالقمح وعلف الماشية وتمويل الاستثمارات المبتكرة في مجال الري. قال فنان لـ"رويترز": "حقيقة هذا الإعلان الملكي عن مساعدة الفلاحين أنعش آمالنا ونتمنى أن يخفف من وطأة هذه الأزمة على الفلاح والاقتصاد المغربي". هيمنة الفلاحة رغم جهود الدولة لتقليل اعتماد الاقتصاد المغربي على الفلاحة ومحاولة تطوير الصناعات، لم تتمكن الدولة من تخطي حاجز هيمنة الفلاحة على الاقتصاد. قال رشيد أوراز الباحث في المعهد المغربي لتحليل السياسات لـ"رويترز": "في الواقع منذ سنوات كانت هناك مخططات لتطوير قطاع الصناعة في الاقتصاد المغربي، لكن ذلك يتطلب سنوات من العمل واستثمارات هائلة. وبذلك بقي قطاع الفلاحة بالإضافة إلى قطاع السياحة من بين أهم القطاعات الاقتصادية في المغرب". ويرى أوراز أن هذه السنة أشد صعوبة لأنها "جاءت بعد عامين من جائحة كوفيد-19 وتبعات الإغلاق الاقتصادي العالمي وكذلك معدلات التضخم على المستوى العالمي، وبالتالي الغلاء لم يمس فقط المنتجات الفلاحية ولكن أيضا الكثير من المنتجات كقطاع المحروقات والمنتجات الصناعية". وأضاف: "الأمور صعبة، ليس لأن الاقتصاد المغربي غير متنوع ولكن لأن الكثير من القطاعات الأخرى أصابها الكسل مثلا قطاع السياحة الذي لم يشتغل منذ ثلاث سنوات، ونحن نعرف أنه قطاع مشغل وقطاع موفر لكثير من فرص العمل سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وكذلك الشأن بالنسبة للقطاع الصناعي". وتحدث عن صعوبة إيجاد بديل لقطاع الفلاحة قائلا: "الانتقال من مجتمع فلاحي زراعي إلى مجتمع صناعي يتطلب أن تلتقي الكثير من العوامل المؤسساتية والبشرية لتواكب هذا التحول.. المغرب ليس لديه هذه الإمكانيات وبالتالي من الصعب إحداث هذا الانتقال". وذكرت مندوبية التخطيط في المغرب اليوم الثلاثاء، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 3.1% على أساس سنوي في يناير. وقال فنان: "الزراعات الخريفية ذهبت مع الريح. نحن مثقلون بالديون، نشتري المحروقات والبذور وكل شيء بسعر مرتفع".

مشاركة :