البزاعة - (أ ف ب): تعلو البسمة وجه مريم لدى وصولها مع أفراد عائلتها إلى منزلها الجديد في مجمّع سكني تم بناؤه مؤخراً بدعم تركي، في إطار مشاريع عمرانية تغزو مناطق الشمال السوري ويُنقل قاطنو المخيمات العشوائية إليها تباعاً. وتقول مريم (28 عاماً)، وهي أم لأربعة أطفال قتل زوجها خلال معارك ضد قوات النظام قبل سنوات، لوكالة فرانس برس: «عندما سمعنا أننا سننتقل إلى بيت لم نصدّق، فرحنا جداً وبات همّنا أن ننتقل إليه» بعدما أمضت قرابة عام ونصف العام في مخيم عشوائي قرب مدينة الباب في شمال البلاد. على غرار آلاف العائلات النازحة في شمال سوريا، تتحدث مريم عن ظروف معيشية صعبة قاستها في المخيم العشوائي الذي يفتقد الخدمات الأساسية عند أطراف بلدة بزاعة، وقد قطنت فيه منذ نزوحها من ريف حلب الغربي مع أطفالها إضافة إلى والدها وشقيقها اللذين يعانيان من شلل يعيق قدرتهما على العمل. واعتادت العائلة العيش على مساعدات توفّرها لهم جمعيات محلية أو أفراد. وتوضح الأرملة: «في الشتاء، البيت أفضل إذ لا تدخل الأمطار إلينا. وفي الصيف يبقى بارداً لأن الحجارة تحفظ البرودة أفضل من الخيام التي تتحول ناراً» مع ارتفاع درجات الحرارة. منذ وصولها إلى المخيم، سجلت مريم اسمها على قائمة الراغبين بالانتقال إلى المجمع السكني الذي يضم 300 وحدة سكنية ويقدمه مسؤولون محليون وداعموه الأتراك على أنه مشروع لخدمة النازحين. لكن يُنظر إليه أيضاً على أنه خطوة تجاه مساعي تركيا لإرساء منطقة «عازلة» في شمال سوريا تعيد إليها اللاجئين السوريين، الذين يتواجد 3.6 ملايين منهم على أراضيها. وأعلنت «هيئة الإغاثة الإنسانية التركية» -وهي منظمة إغاثية غير حكومية- أنها دعمت بناء أكثر من 18 ألف وحدة سكنية منذ عام 2019 في مناطق واقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لأنقرة في شمال وشمال غرب سوريا. ويوضح أمين عام الهيئة دورموس أيدين لفرانس برس أن «أكثر من 50 ألف شخص استقروا في المنازل التي بنيناها حتى الآن»، مشيراً إلى انه سيتم إيواء ضعف هذا العدد في إجمالي 24325 منزلاً من المفترض أن يكتمل تجهيزها بحلول أبريل. ودعمت منظمة إدارة الكوارث والطوارئ التركية «آفاد» بناء المجمع السكني في منطقة بزاعة، والذي يتألف من 300 وحدة سكنية بحسب مسؤولين محليين. وتتألف كل وحدة من طابق يضم غرفتين ومطبخا وحماما، وهي مجهّزة بأبواب معدنية كبيرة ونوافذ جانبية صغيرة، وخزّان مياه. وخصصت هذه الوحدات لاستقبال ساكني مخيمات النزوح القريبة، والذين تم نقلهم على دفعات إلى مساكنهم الجديدة. ويضم المجمع، بحسب المنظمة التي دعمت مشاريع عدة مماثلة في المنطقة مسجداً ومدرسة، فضلاً عن مركز طبي لا يزال قيد الإنشاء. ومنذ عام 2016، شنّت أنقرة مع فصائل سورية موالية لها ثلاث عمليات عسكرية واسعة النطاق في شمال سوريا، ضد المقاتلين الأكراد بشكل رئيسي كما لطرد تنظيم الدولة الإسلامية. وأتاحت لها العمليات السيطرة على منطقة حدودية واسعة تضم العديد من المدن الرئيسية.
مشاركة :