توجه نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان الفريق أول محمد حمدان دقلو إلى موسكو الأربعاء، لتعزيز العلاقات وبحث قضايا إقليمية ودولية، وذلك في خضم التوترات بين روسيا والغرب بسبب الأزمة الأوكرانية. وكان دقلو، المعروف على نطاق واسع باسم حميدتي والذي يقود قوات الدعم السريع الأمنية القوية في السودان، جزءا من انقلاب عسكري وقع في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، وأدخل البلاد في دوامة اضطرابات سياسية واقتصادية وأثار إدانة دولية واسعة. وتُعدّ الزيارة الخارجية هي الرابعة من نوعها لحميدتي منذ الانقلاب العسكري، حيث زار من قبل كلا من إثيوبيا والإمارات وجنوب السودان، ما يثير تساؤلات إزاء تصاعد نشاطه الدبلوماسي، مقابل نشاط قائد الانقلاب الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي لم يغادر الخرطوم عقب الانقلاب. وأفد بيان صادر عن مجلس السيادة السوداني الأربعاء بـ"توجه نائب رئيس مجلس السيادة إلى العاصمة الروسية موسكو، في زيارة رسمية (غير محددة المدة) بدعوة من الحكومة الروسية". وأوضح أن "الزيارة تأتي في إطار تبادل الرؤى والتباحث حول سبل تطوير وتعزيز أوجه التعاون بين السودان وروسيا في مختلف المجالات". وأضاف البيان أنها ستطرق أيضا إلى "التشاور حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ومن المقرر أن يُجري مباحثات مع عدد من المسؤولين في روسيا (لم يحددهم)". وتأتي الزيارة الرسمية في وقت بالغ الدقة بالنسبة للبلدين، فروسيا تواجه عقوبات غربية جديدة بعد أن أمرت قواتها بدخول شرق أوكرانيا عقب اعتراف الرئيس الروسي فلادمير بوتين باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك، بينما هددت الولايات المتحدة الجيش السوداني بفرض عقوبات بعد الانقلاب. وذكر حميدتي في تغريدة عبر حسابه على تويتر الأربعاء أنّ "روسيا بلد مهم، وتجمعنا بها علاقات صداقة تاريخية، ونأمل من خلال هذه الزيارة في المضي قدما بالعلاقات بين السودان وروسيا إلى آفاق أرحب، وتعزيز التعاون القائم بيننا في المجالات المختلفة". ويرافق حميدتي وفد يضم وزراء المالية جبريل إبراهيم، والزراعة أبوبكر البشرى، والطاقة محمد عبدالله محمود، والمعادن محمد بشير أبونمو، ووكيل وزارة الخارجية المكلف نادر الطيب، ورئيس اتحاد الغرف التجارية نادر الهلالي. وتعكس تشكيلة الوفد السوداني إلى موسكو أن الملف الاقتصادي سيسيطر على أجندة زيارة نائب رئيس مجلس السيادة إلى روسيا، حيث تربط البلدين علاقات تعاون اقتصادي بدأت منذ سنوات. ودعمت روسيا، وهي لاعب رئيسي في قطاع الذهب بالسودان، إجراءات البرهان في أكتوبر الماضي، والتي تضمّنت إعلان حالة الطوارئ، وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليّين، واعتقال قيادات حزبية ومسؤولين، ضمن إجراءات وصفتها قوى سياسية بأنها "انقلاب عسكري"، مقابل نفي للجيش. وفي السابع والعشرين من أكتوبر 2021، اعتبرت روسيا أن ما جرى في السودان "قد يكون انتقالا للسلطة وليس انقلابا عسكريا"، متهمة الرافضين لسيطرة الجيش على السلطة في الخرطوم بـ"ارتكاب أعمال عنف". ولم يعلن السودان عن موقف رسمي تجاه الأزمة بين الغرب وروسيا، لكن نصح رعاياه بمغادرة أوكرانيا، وعدم السفر إليها في الفترة الحالية، في ظل توقعات غربية بغزو روسي وشيك لأوكرانيا. وذكرت وكالة سبوتنيك نيوز في يناير أن من المقرر أن ترسل موسكو شحنة قمح إلى السودان كمساعدات إنسانية. والعام الماضي، أعلنت السلطات السودانية أنها ستدرس من جديد الاتفاق مع موسكو حول إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان، والذي تم التوصل إليه في عهد الرئيس السابق عمر البشير. وآنذاك أكد مسؤول عسكري سوداني رفيع المستوى أن بلاده بصدد مراجعة الاتفاق مع روسيا لتضمنه بنودا تعتبر "ضارة"، إلا أن البرهان أكد في نوفمبر أن الاتفاق لم يتم إلغاؤه. ويسمح الاتفاق للبحرية الروسية بالاحتفاظ بما يصل إلى أربع سفن في وقت واحد في القاعدة، بما في ذلك السفن التي تعمل بالطاقة النووية. ويمكن للقاعدة أن تستقبل 300 من العسكريين والمدنيين كحدّ أقصى. واعتمدت السودان عسكريا على روسيا لسنوات طويلة، وبخاصة خلال العقود التي شهدت العقوبات الأميركية. وسعت روسيا في السنوات الأخيرة لعودة جيوسياسية إلى أفريقيا، عبر السودان، خاصة في المجال العسكري، ومن خلال مشاريع في المجال النووي المدني. ومنذ مايو 2019، يربط بين البلدين اتفاق تعاون عسكري مدّته سبع سنوات. وفي أواخر يناير 2019، في خضم أزمة سياسية في السودان، اعترف الكرملين بأن مدربين روسا يوجدون "منذ بعض الوقت" إلى جانب القوات الحكومية السودانية.
مشاركة :