ما أن فتح ملتقى الإمارات للإبداع الخليجي أبوابه، حتى تدافعت الجلسات البحثية واحدة تلو الأخرى، فآلية العمل لم تتوقف لثانية واحدة، والضيوف والمشاركون أبوا إلا أن يقدموا خلاصة فكرهم وخبراتهم في بحوث وشهادات غنية ليثروا بها جلسات النقاش. وعقدت مساء أول من أمس جلستان بحثيتان تناولتا السرد والفنون الأخرى من حيث أشكال التفاعل والضرورة والجماليات والآفاق، وأدارت الجلسة الأولى الأديبة نجيبة الرفاعي، وشارك فيها الدكتور عمر عبدالعزيز من اليمن ببحث ذكر فيه أن السرد ينتمي لعالم الأدب المرفوع على أجنحة اللغة وتضاريس تحولاتها اللامتناهية في المعنى والمبنى، لافتاً إلى أنه يتميّز بأنواعه القصيرة والطويلة في اعتماده الكبير على فن التعامل مع اللغة المقرونة بالحكي والخيال، وبالتصوير الواقعي والترحالات الماورائية، وبالتداعي الحر النابع من دفق المشاعر من جهة، كما بالصنعة الفنية الدقيقة. وتبع البحث شهادات لكل من القاصة لارا الظراسي من اليمن، والسعودية مريم الحسن، وأحمد مبارك من الكويت، وأحمد سراج من مصر. الزيني بركات وفي الجلسة الثانية التي أدارتها الروائية فتحية النمر، قدمت الدكتورة نانسي إبراهيم من مصر بحثاً بعنوان مرايا التجلي عند جمال الغيطاني وقفة في رواية الزيني بركات. وبدأت حديثها بالتأكيد على أن جمال الغيطاني استطاع أن يتجول ببراعة وثقة في خلايا الجسد المصري بمهارة جراح يتقن أدواته الإبداعية التي جعلت منه أديبا عالميا، لا مصرياً فحسب، وتناولت في ورقتها 3 محاور تعكس صورة هذا المبدع وثقافته وهي شخصية الغيطاني، وأدب الغيطاني، ورواية الزيني بركات. ذاكرة الفريج وتحدثت بعدها القاصة صالحة عبيد حول بدايات الكتابة التي انطلقت من ذاكرة الفريج، الذي نشأت فيه في فترة طفولتها الأولى، فروت حكايات خط يدها السيئ الذي جعل والدها يفرض سوراً من محاولات التحسين حولها بفرض يومي عبارة عن نسخ بعض المواد من الصحف اليومية، وحكاية خيالها المتحفز، وانتقالها للمكتبة، والقصاصات التي كانت تخبئها بخجل كمحاولات تدوينية تستكمل ما شدها من شخوص أو تحتج على بعض النهايات، حتى وصلت إلى زهايمر المجموعة الأولى من القصص شبه المتماسكة في أول محاولات الفتاة صاحبة المخيلة للتوازن والمشي باستقامة. وقدم عدد من الضيوف شهادات وأوراق عمل، وهم يعقوب الخنبشي من سلطنة عمان، ومحسن سليمان من الإمارات، ووحيد الطويلة من مصر، وجمال فايز من قطر. المسرح بطلاً تواصلت الجلسات البحثية صباح أمس، وفيها تألق المسرح بطلاً، لتحمل الجلسة البحثية التي أدارتها الكاتبة أسماء الزرعوني عنوان المسرح: أسئلة النص، وقدم فيها المخرج المسرحي محمود أبو العباس بحثاً بعنوان النص المسرحي العراقي بين سلطة الكلمة وآفاق الصورة، وتناولت ورقته عدة أسئلة منها: لماذا هذا الضغط الجغرافي على الإبداع في النص المسرحي العراقي؟ شهادات وتجارب على متن الملتقى قدم مرعي الحليان شهادة بعنوان رحلتي مع نصوصي المسرحية.. (مسودة مختصرة)، جاء فيها: سأسوقكم في الحديث الى أتون تجربتي مع النص المسرحي، وتقلبات وإرهاصات هذه العلاقة الشائكة، والذي يأتي مردوداً من قبل الجمهور مباشراً من على المنصة، فالمسرح هو الفن الوحيد الذي تمارسه وأنت على تماس مباشر بمتلقيك. بداية الرحلة من نص مسرحية باب البراحة الذي كتب بين العامين 2001 و2002... إن الاتكاء على مولد درامي، أو مفتاح يحرك الاحداث وينتج الفعل من الفعل، وهي سمة من سمات الكتابة الدرامية، كانت هي العقبة الشائكة في كتابة نص باب البراحة، الذي يعد اليوم من بين اهم النصوص المسرحية الخليجية، انهم اربعة مسنين، في دار العجزة، بينهم المثقف، والغني والمعدم، وقبطان سفينة غوص، يسترجعون ذكريات الماضي من اجل مقاومة واقع صار لا يناسبهم، ومن الوهلة الاولى، ان هذا في حد ذاته يعتبر محركا دراميا مولدا للحدث، لكنه سيكون تقليديا مطروقا.. فما هو الجديد؟ هذا السؤال الصعب يجعلك تجازف ضد تيار السرد التقليدي، وأنت هنا مطالب بأن تمارس السحر والتحايل من اجل ان يبقى المتلقي عالقا بكرسيه. تجربة نص التراب الاحمر: محاولة السباحة ضد تيار المباشرة في الكتابة، وملامسة السياسي الخطر برقة لا تثير الرقيب. تجربة نص (نهارات علول): الاتكاء على رمزية صغيرة تنتج مدلولات لا حصر لها.. حرافيش المدينة.. رصاصة علول... تجربة نص (مقامات بن تايه): الاشتباك بين قصتين متوازيتين لا تلتقيان.. كتابة نص الفرجة لا نص الحكاية الصوت والصورة قدم خليفة العريفي شهادة بعنوان النص المسرحي بين الصوت والصورة وجاء فيها: المسرح العربي اليوم معني بالصورة. بل إنه يجب أن يعنى بالصورة، حتى يواكب تراكم التطورات في المسرح العالمي. وما دام المخرجون الذين يمتلكون الرؤية الفنية والفلسفية والجمالية، قادرين على تحويل قصيدة للمتنبي مثلا إلى صورة مسرحية جاذبة، فجدير بالمؤلفين أن يكتبوا نصوصا للصورة. هل هذه دعوة إلى تحويل النص المسرحي التقليدي إلى سيناريو مسرحي؟؟ أسوة بسيناريو الدراما التليفزيونية أو السينمائية. نعم إنها دعوة. الأضواء المسرحية قدم صالح غريب شهادة تحدث فيها عن تجربة المسرح القطري وبدايته عام 1966 عبر فرقة الأضواء المسرحية التي كانت تقدم اسكتشات في المناسبات والأعياد، وما تبعه من تأسيس الفرق المسرحية الأربع الرئيسية وهي فرقة المسرح الشعبي، فرقة المسرح القطري، فرقة مسرح الأضواء، وفرقة مسرح السد. حتى عام 1995، الذي شهد فيه المسرح القطري انتكاسة كبيرة، وتم دمج الفرق الأربع في فرقتين هما فرقة قطر، وفرقة قطر المسرحي. وأشار غريب إلى عودة الاهتمام بالمسرح بعد احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة العربية في 2010، ليعود التراث إلى المسرح القطري.
مشاركة :