يعد تكرار الاندفاعات الراديوية السريعة من بين الألغاز النادرة والحديثة في الكون، ويبدو أن انفجارات متكررة اكتشفت حديثا عمقت هذا اللغز بسبب مصدر نشأتها الغامض. ورصد علماء الفلك انفجارا راديويا سريعا (FRB) متكررا مؤخرا أطلق عليه اسم FRB 20200120E، والذي يعتقد الفريق أنه ربما نشأ من جسم كوني فريد أو غير عادي. واكتشف العلماء المئات من الانفجارات الراديوية السريعة في السماء على مدار الخمسة عشر عاما الماضية، مع اكتشاف الغالبية العظمى منها مرة واحدة فقط. ولكن لوحظ أن نسبة صغيرة من الانفجارات تتكرر، ما يسمح لعلماء الفلك بتتبع أكثر من 20 انفجارا راديويا سريعا متكررا إلى أصولهم. وكان من بين أحد أحدث هذه الاكتشافات هو FRB 20200120E، الذي تبعه العلماء إلى مجموعة كروية من النجوم القديمة في مجرة "بودي" (مسييه 81) وكوكبة الدب الأكبر الشهيرة، والمعروفة أيضا باسم بنات نعش الكبرى. وتتبع علماء الفلك موقع الانفجارات إلى مجرة تبعد 11.7 مليون سنة ضوئية، ما يجعلها أقرب انفجارات راديوية سريعة معروفة خارج المجرة، لكنها تظهر أيضا في كتلة كروية - مجموعة من النجوم القديمة جدا، وليس نوع المكان، على الإطلاق، الذي قد يتوقعه العلماء للعثور على نوع النجم الذي يطلق الاندفاعات الراديوية السريعة. ويشير اكتشافه إلى آلية تشكيل مختلفة لهذه النجوم، ما يشير إلى أن الاندفاعات الراديوية السريعة يمكن أن تنشأ من مجموعة واسعة من البيئات مما كنا نظن. وجاء هذا الكشف بمثابة مفاجأة لعلماء الفلك، لأنه حتى الآن ارتبطت الانفجارات الراديوية السريعة بالنجوم المغناطيسية، وهو نوع من النجوم النيوترونية الممغنطة للغاية والتي لا يُعتقد أنها موجودة بين مجموعات النجوم الأقدم. وقال أستاذ علم الفلك في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا فيكرام رافي، الذي لم يشارك في البحث، في تعليق نُشر في العدد الأخير من مجلة Nature: "إذا كان FRB 20200120E يمثل نجما مغناطيسيا نشطا، فيجب أن يكون تشكل من خلال وسائل لم نشهدها بعد". وكشف الفريق الدولي من علماء الفلك بقيادة فرانز كيرستن من جامعة تشالمرز السويدية للتكنولوجي، عن تفاصيل دراسة FRB 20200120E في مجلة Nature. وتقترح الورقة البحثية أنه إذا كان مصدر الانفجار الراديوي السريع المتكرر شيئا آخر غير النجم المغناطيسي التقليدي، فقد يكون شيئا فريدا أو غير عادي. وجاء في ملخص الورقة البحثية: "نقترح بدلا من ذلك أن تنشأ FRB 20200120E من نجم نيوتروني ممغنط للغاية يكون إما من خلال الانهيار الناجم عن التراكم لقزم أبيض، أو اندماج النجوم المضغوطة في نظام ثنائي". وبعبارات أبسط، ربما يكون نجم قزم أبيض قديم امتص كميات هائلة من الغاز من نجم مرافق أو حتى ابتلع رفيقا كاملا قبل أن ينهار في نجم مغناطيسي. وسيتطلب الوصول إلى فهم لهذا اللغز مزيدا من الملاحظات، لكن الخلاصة هي أن تتبع الانفجار الراديوي السريع إلى مثل هذا المصدر غير المتوقع يشير إلى أنه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن هذه الظاهرة، وقد يقلب فهمنا للجوانب الأخرى للكون بشكل عام. المصدر: سي نت تابعوا RT على
مشاركة :