القاهرة - الوكالات: في وقت يستعر النزاع في أوكرانيا بعد الهجوم الروسي، قد يجد المصريون واللبنانيون واليمنيون ومواطنون من دول عربية أخرى صعوبة في توفير الخبز على طاولة الطعام لكون روسيا وأوكرانيا أول موردي القمح بالنسبة إليهم. وحذّر معهد الشرق الأوسط للأبحاث من أنه «إذا عطّلت الحرب إمدادات القمح» للعالم العربي الذي يعتمد بشدة على الواردات لتوفير غذائه، فـ«قد تؤدي الأزمة إلى تظاهرات جديدة وعدم استقرار في دول عدة». ويبدو أن السودان الذي يعاني من تراجع في احتياطاته النقدية منذ توقف المساعدات الدولية رداً على الإجراءات العسكرية في أكتوبر سيكون أول المتضررين. ويأسف الموظف في العاصمة اليمنية صنعاء وليد صلاح الذي يتأخر راتبه بانتظام، لتحوّل الخبز إلى سلعة فاخرة بالنسبة إلى ملايين اليمنيين الذين يعانون الجوع في بلد نخرته الحرب. ويوضح لوكالة فرانس برس: «الناس حاليا بالكاد يستطيعون توفير الغذاء الأساسي، وأعتقد أن الحرب الروسية الأوكرانية ستلقي بظلالها على الشعب اليمني وستزيد الطين بلّة». ووفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، تتسبّب حرب أخرى في سوريا في تجويع 12.4 مليون سوري. بينما كان هذا البلد مكتفيا ذاتيًا من القمح حتى عام 2011، تاريخ اندلاع النزاع فيه، اضطر، بعد سنوات من الحرب «إلى شراء 1.5 مليون طن من القمح في عام 2021، معظمها من موسكو»، وفقًا للموقع المتخصص «ذي سيريا ريبورت». وتقول دمشق إنها تعمل الآن على توزيع المخزونات لاستخدامها على مدى شهرين. أما في لبنان المجاور حيث أدى انهيار النظام المصرفي إلى إفقار 80% من السكان وانفجار مرفأ بيروت إلى تدمير إهراءات القمح، فالمخزون أقل. وقال ممثل مستوردي القمح في لبنان أحمد حطيط لوكالة فرانس برس: «لدينا خمس بواخر في البحر حالياً محملة بالقمح، جميعها من أوكرانيا. المخزون الحالي بالإضافة إلى البواخر الخمس يكفي لشهر ونصف». أما «البديل عن أوكرانيا فهو الولايات المتحدة، إلا أن الفرق يكمن في أن الشحنة تحتاج إلى 25 يوماً من الولايات المتحدة. لبنان قد يدخل في أزمة». وفي المغرب العربي حيث يعتبر القمح أساسيا لصناعة الخبز أو الكسكس، قررت الحكومة المغربية زيادة مخصصات دعم الطحين إلى 350 مليون يورو، وعلّقت الرسوم الجمركية على استيراد القمح. لكن تونس غير قادرة على فعل ذلك. وتستورد تونس 60% من القمح من أوكرانيا وروسيا، ولديها مخزون يكفي حتى يونيو، كما أكد عبدالحليم قاسمي من وزارة الزراعة. في الجزائر، ثاني مستهلك للقمح في إفريقيا وخامس مستورد للحبوب في العالم، يكفي المخزون ستة أشهر على الأقل. وتعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم وثاني أكبر مستورد من روسيا، واشترت 3.5 ملايين طن من القمح حتى منتصف يناير، وفقًا لشركة «أس اند أس جلوبال». وحتى بعد أن بدأت القاهرة في السنوات الأخيرة بشراء القمح من موردين آخرين، ولا سيما من رومانيا، فقد استوردت في عام 2021 50% من القمح من روسيا و30% من أوكرانيا. وأكدت الحكومة أن لديها «مخزونا استراتيجيا يكفي الدولة فترة تقرب من تسعة أشهر» لتغذية 103 ملايين نسمة يتلقى 70% منهم خمسة أرغفة خبز مدعومة. لكنها أضافت: «لن نستطيع شراء القمح بالسعر الذي كنا نحصل عليه قبل الأزمة الروسية الأوكرانية»، وخصوصا أن أسعار القمح بلغت أعلى مستوى في شيكاجو منذ 14 عامًا، إذ وصلت إلى 344 يورو للطن.
مشاركة :