لا ترف ولا تقليد بل ضرورة يفرضها الواقع

  • 11/26/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نتساءل ومعنا أكثرية العالم: لماذا لا يوحي المجتمع السعودي بفرحته وحبه للحياة، فهو -مثلا- (لا يبتسم) مع أنه يملك الكثير من مقومات الفرح؟ وفي اعتقادي أن السبب الأكبر لذلك هو عدم صدقنا بتصرفاتنا المرئية الظاهرة للعيان. نحن نحب المرأة أما وأختا وزوجة وبنتا بكل صدق وإخلاص، وحين تشرق الشمس نتقمص لباسنا التقليدي -غطاء الزيف- على وجوهنا وكأنه يوحي بانفصام الشخصية. نحن دائما صادقون أمام أنفسنا في الظلام حين لا يرانا أحد، متلحفين بلحاف الشعور الإنساني الصادق نحو المرأة السعودية. نتألم معها بمجرد رؤيتها حتى إذا ابتسمت ولم تشتك، لأننا نعلم أنه ينقصها كثير من الحقوق، حتى لو أدارت أكبر الشركات وأبدعت في مختلف الأبحاث العلمية. تحت هذه الظروف كيف يستطيع المجتمع السعودي أن يبدي الفرح لكل عين مجردة؟ ولنتذكر أن العين لا ترى في الظلام، ونحن نعطي الصورة الحقيقية لنا في الظلام فقط، حين يختلي كل منا بنفسه ويحاسبها أمام الله. لكننا تحت الضوء -مهما حاولنا الابتسام والإيحاء بالفرح- صورة مزيفة لحقيقة ما نشعر به. مهما نمقنا أقوالنا وتصرفاتنا فالمرأة السعودية مظلومة مجتمعيا، وديننا الإسلامي بريء من تصرفاتنا نحوها، باعترافنا أنه حررها من مظالم الجاهلية، فلماذا نحن الرجال نعاملها بهذه الطريقة. أعتقد أن السبب هو عادات ابتدعناها وتمسكنا بها وقد تكون ضرورية في زمن وظرف ما، غير أنه قد عفا عليها الزمن ولا حاجة منطقية إلى التمسك بها إلى هذا الحد، والعالم الإسلامي كله يعامل المرأة بطريقة مخالفة لما يقوم به مجتمعنا. نعترف بنجاحاتها في كثير من نشاطات الحياة وننكر عليها في نفس الوقت -كمثال- حرية قيادة الوسيلة التي توصلها إلى عملها فتضطر لاستجداء الرجل. تلك أسوأ الجزاءات المعنوية لشخصيتها، لا نطالب بشيء يحرمه الدين (حاشا لله) أو ترفضه العادات النبيلة، لكننا في نفس الوقت لا نرضى أن يترك المجتمع السعودي رهنا لعادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، تؤثر على اقتصادنا، فالتحول الاجتماعي ينبع من الفرد، ومهما حاولت الدولة ومهما كانت الهندسة الاجتماعية فلن تفلح أي تجارب ما لم يع الفرد والمجتمع واجباتهما ومسؤولياتهما فيما يتعلق بحقوق المرأة. الفرد أولا، وإن لم يقتنع فليست هناك قوة على الأرض تقنعه حتى لو خيل للناظر إمكانية إقناعه، لأن الاقتناع ينبع من الضمير. إذًا، في نظري، أن الدولة محايدة في هذه الحالة، وعليها فقط واجب إعطاء الخيار لمن يريد لأنثاه أن تقود السيارة، ومن يرفضها فهو حر، كما فعلت بنجاح باهر في تعليم المرأة. دعونا نواجه الحقيقة مهما كانت مرة، إننا مجتمع كان سببا في عرقلة الاقتصاد، وعدم كفاءته، نظرا لأن أهم عامل إنتاج فيه (القوة العاملة) لم يوظف جزء كبير منه في الإنتاج نظرا لعوائق اجتماعية عفا عليها الزمن وتخطاها العالم بأسره. فالمسألة ليست ترفا، لأن كثيرا من العوائل السعودية بحاجة لعمل المرأة للعيش بكرامة ورفاه. وليس تقليدا لدول فعلتها وليست تحديا للسلم الاجتماعي في المملكة، هي ضرورة ملحة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية في عالم لا يحترم إلا القوة. علينا توظيف كل عامل إنتاج وطني لرفع كفاءة الاقتصاد السعودي وتنويع قاعدته الإنتاجية ليصبح منتجا بحق، وليبتعد عن شبه الاعتماد الكلي على قطاع البترول. إذًا يجب أن ترفع هذه العوائق عن المرأة السعودية وبيئة عملها بالخيار وليس الإكراه. وعندها سنرى أنفسنا - والعالم معنا - مجتمعا منتجا بحق وفرحا بصدق أمام الله وأنفسنا. إذن، لابد لنا أن نتخلص من هذه الكوابيس الاجتماعية التي أنتجت عوائق اقتصادية كثيرة.

مشاركة :