حظر محتمل على واردات النفط الروسية يهدد بهزّة عنيفة في الأسواق

  • 3/6/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن/فرانكفورت - بعدما كانت مستبعدة إلى حدّ بعيد خوفا من اضطرابات شديدة في إمدادات العالم من الطاقة، أصبحت فكرة فرض حظر على واردات النفط الروسية مطروحة أكثر مع إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكثر من تصريح أن العمليات العسكرية الروسية ستستمر في أوكرانيا حتى تحقيق أهدافها سواء بالحرب أو المفاوضات. لكن هذه الخطوة في حال إقرارها ستحدث هزة عنيفة في أسعار النفط التي قفزت على وقع التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث سجلت الأسعار ارتفاعا قياسيا هو الأول منذ ثماني سنوات مسجلة ما بين 115 و120 دولارا للبرميل وارتفعت أسعار الغاز في العالم بنحو 136 بالمئة، فيما تشير التوقعات إلى أن الأسعار قد تقفز في الأشهر الثلاثة القادمة إلى 150 دولارا للبرميل. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الأحد إن الولايات المتحدة وشركاءها الأوروبيين يدرسون حظر واردات النفط الروسية، لكنه شدد في المقابل على أهمية استقرار إمدادات الخام عالميا. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد طالب منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بزيادة الإنتاج لسد الفجوة المحتملة في إمدادات الطاقة من روسيا التي تتزعم 10 منتجين من خارج أوبك ضمن التحالف النفطي أوبك+. وكان آخر اجتماع وزاري للكارتل النفطي (أوبك+) قد حافظ على خطة الزيادة التدريجية بنحو 400 ألف برميل يوميا متجاهلا الطلب الأميركي ومؤكدا أن ارتفاع الأسعار ناجم أساسا عن التوتر الجيوسياسي ولا علاقة له بالعرض والطلب. وبمقدور السعودية والإمارات ضخ ما يقرب من 2.5 مليون برميل من النفط، لكن حتى في حالة موافقة البلدين الخليجيين على ذلك، فإن تلك الكمية لن تسد الفجوة التي قد يحدثها توقف الصادرات الروسية والتي تقدر بنحو 4.3 ملايين برميل يوميا. ويقول محللون إن قرار أوبك الأخير رسالة لواشنطن وحلفاءها مفادها أن "هذه الحرب ليست حربنا".    وقال بلينكن اليوم الأحد في مقابلة مع شبكة إن.بي.سي "نجري الآن مناقشات نشطة جدا مع شركائنا الأوروبيين بشأن حظر واردات النفط الروسي إلى بلادنا، بينما نحافظ بالطبع في الوقت ذاته على إمدادات عالمية ثابتة من النفط". وتابع الوزير الأميركي الذي يقوم حاليا بجولة في أنحاء أوروبا للتنسيق مع الحلفاء في مواجهة الغزو الروسي لأوكرانيا، إنه بحث مسألة واردات النفط مع الرئيس جو بايدن والإدارة الأميركية أمس السبت. وجاءت تعليقات بلينكن بينما ارتفعت أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي بعد أن فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات على روسيا في أعقاب غزوها لأوكرانيا. ولدى سؤاله عما إذا كانت بلاده استبعدت أُحاديا من جانبها حظر واردات النفط الروسية، قال بلينكن "لن أستبعد اتخاذ إجراء بطريقة أو بأخرى، بغض النظر عما يفعلونه، فإنه في كل خطوة نتخذها تبدأ بالتنسيق مع الحلفاء والشركاء". واستوردت الولايات المتحدة في المتوسط أكثر من 20.4 مليون برميل شهريا من الخام ومنتجاته المكررة خلال عام 2021 من روسيا، أي نحو ثمانية بالمئة من واردات الوقود السائل الأميركية، وفقا لإدارة معلومات الطاقة. ويبدو الشركاء الأوروبيون الأكثر عرضة لهزات عنيفة في أسعار النفط والغاز لذلك لم تطرح مسألة العقوبات على واردات الطاقة من روسيا إلا من قبل الولايات المتحدة التي سبق لها ان أعلنت عزمها الإفراج عن 30 مليون برميل من مخزوناتها و30 مليون برميل من النفط من أعضاء الدول في منظمة الطاقة الدولية. كما سبق لها الإعلان عن عزمها ضخ الغاز لأوروبا لتفادي حدوث اضطرابات في إمدادات الغاز لشركائها، لكن كل تلك الخطوات قد تخفف من حدة النقص الذي سيحدث في الإمدادات لكنها لا تغطي الفجوة. ويرجح محللون أن تلجأ واشنطن لتخفيف القيود على صادرات النفط الإيراني في حال قررت فرض عقوبات على قطاع النفط الروسي في إطار المفاوضات النووية الجارية في فيينا والتي تقترب من نهايتها وذلك كخيار لتعويض النقص من روسيا. وكان وزير النفط الإيراني جواد أوجي قد صرّح مؤخرا بأن بلاده قادرة على رفع انتاجها من النفط إلى مستويات قياسية بمجرد رفع العقوبات الأميركية عن إيران، في تصريح فُسّر على أنه رسالة إيرانية للولايات المتحدة في خضم معركة لي الأذرع بين روسيا والغرب. وتحاول الدول الغربية تطويق روسيا بالعقوبات لتطال كافة المجالات في إطار ضغوط لا تهدا لدفع موسكو لوقف عملياتها العسكرية في أوكرانيا، لكن موسكو التي تقول إنها استعدت مسبقا للعقوبات، أعلنت أنها ماضية في تلك العملية حتى تحقيق أهدافها. وأعلن وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر الأحد أن العقوبات الجديدة التي فرضتها مجموعة السبع ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا "ستؤثر قبل كل شيء على المتمولين" الذين "استفادوا من بوتين". وقال للتلفزيون العام 'اي ار دي' عندما سئل عن تحرك مجموعة السبع التي تتولى ألمانيا رئاستها حاليا "نحن نعمل على عقوبات أخرى"، مضيفا "أريد أن تؤثر بشكل خاص على المتمولين. لا يمكن لأولئك الذين استفادوا من بوتين وسرقوا ثروات الشعب الروسي خصوصا من خلال الفساد، الاستفادة من ثرواتهم في ديمقراطياتنا الغربية". لكن تصريحات الوزير الألماني قفزت على حقيقة أن الدول الأوروبية وفي مقدمتها ألمانيا ذاتها، ستتضرر بشكل كبير من العقوبات على روسيا التي ترتبط بعلاقات تجارية واقتصادية مع أوروبا وتزودها بمعظم احتياجاتها من الغاز. وبقدر ما سيتضرر الاقتصاد الروسي جراء العقوبات الغربية بقدر الضرر الذي سيلحق بالأوروبيين وهذا أمر لا يمكن تجاهله. وكان صندوق النقد الدولي قد حذّر في بيان السبت من أنه "على الرغم من أن العقوبات الغربية على روسيا ستؤثر على الاقتصاد العالمي. وقال "بالرغم من أن الوضع غير مستقر ومن الصعب الإدلاء بأي توقعات، فإن العواقب الاقتصادية قد أصبحت جدية الآن"، مشيرا إلى أن "أسعار الطاقة والخامات والقمح وغيره من الحبوب ارتفعت، مما زاد من ضغط التضخم". وأكد أن زيادة الأسعار ستؤثر على العالم كله وخاصة على ذوي المداخيل المنخفضة الذين يشكل شراء الأغذية والوقود الحصة الكبرى من نفقاتهم، مضيفا أن العقوبات ضد روسيا تؤثر بشكل ملموس على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية، محذرا من أن الأكثر تعرضا لهذا التأثير هي البلدان التي لها علاقات وثيقة مع روسيا أو أوكرانيا. وأعلنت مجموعة السبع في بيان الجمعة عزمها فرض "عقوبات جديدة صارمة" على موسكو "ردا على العدوان الروسي" على أوكرانيا. وعلى موسكو أن تتعامل أصلا مع إجراءات صارمة تهدف بشكل خاص إلى عزل البلاد عن النظام المالي الدولي. والخميس أدرجت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على قائمتهما السوداء متمولين جددا مقربين من الكرملين كان استهدفهم الاتحاد الأوروبي. ومن أكثر الإجراءات الملموسة ضد النخبة الروسية أنه تم الخميس في جنوب فرنسا مصادرة يخت ضخم مملوك لشركة مرتبطة برئيس شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت. وأكد فلاديمير بوتين السبت أن العقوبات المفروضة على بلاده أقرب إلى "إعلان حرب"، حتى لو "لم نصل إلى ذلك بعد". ولدى سؤاله عن إمكانية نشوب نزاع نووي بين روسيا وبعض الدول الغربية، أكد ليندنر أن "الحكومة الألمانية الفدرالية تبذل كل ما في وسعها لتجنب هذا السيناريو الفظيع والمخيف". وقد حذّرت مجموعة فيتول، أكبر مجموعة مستقلة لتجارة النفط الخام في العالم، من أن سوق النفط يمكن أن تكون أكثر توترا مع تعطل الإمدادات وتعرض منتجين مثل ليبيا لمشكلات في الإنتاج. وأوضحت أن هذا الوضع يمكن أن يرفع الأسعار بعدما قفزت إلى أكثر من 115 دولارا للبرميل في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا. ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن مايك مولر رئيس فيتول في آسيا، قوله لنشرة صوتية أنتجتها شركة 'غالف انتليجنس' للاستشارات والنشر ومقرها دبي "لدينا العديد من التحولات والتغيرات في المستقبل.. بينما أعتقد أن العالم أخذ في الاعتبار حقيقة أنه لن تكون هناك إمكانية لقبول كمية كبيرة من النفط الروسي في نصف الكرة الغربي، لا أعتقد أننا أخذنا كل شيء في الاعتبار بعد" . وتعد آراؤه تكرارا لآراء العديد من صناديق التحوط وبنوك وول ستريت مثل غولدمان ساكس التي تقول إن سعر برميل النفط يمكن أن يصل إلى 150 دولارا في الأشهر الثلاثة المقبلة.

مشاركة :