باريس - تؤجج العقوبات الغربية على روسيا أحد أكبر منتجي النفط والقمح وغيرها من المواد الأساسية في العالم، المخاوف في الأسواق العالمية من اضطرابات في سلاسل الإمدادات وسط توقعات من ارتفاع التضخم وتباطؤ الاقتصاد العالمي. وإلى أيام خلت لم يكن قطاع النفط الروسي على قائمة العقوبات الغربية، إلى أن أعلن وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن أمس الأحد أن بلاده تدرس الأمر مع شركائها الأوروبيين محدثا انقساما حتى في صفوف الأوربيين المتخوفين من هزّات عنيفة في أسواق الطاقة واضطرابات كذلك في سلاسل الإمدادات الغذائية. ولا يمكن في خضم هذه التطورات تجاهل حالة الفزع في الأسواق وارتدادات عنيفة لمجمل العقوبات على روسيا وفي الوقت ذاته لا يمكن الجزم بأن ذلك سيدفع الروس للتراجع عن العملية العسكرية في أوكرانيا إلا بشروطهم. وتذهب معظم القراءات إلى أن الرئيس الروسي ما كان ليقدم على غزو أوكرانيا من دون أن يضع في اعتباره أن بلاده ستتعرض لعقوبات قاسية وبالتالي يعتقد على نطاق واسع أنه استعد لمثل تلك العقوبات ومدرك لتبعاتها على اقتصاد بلاده وعلى الاقتصاد العالمي عموما بالنظر للارتباطات التجارية والمالية الواسعة. وتسبب حظر غربي محتمل على النفط الروسي في ارتفاع كبير في أسعار الخام مجددا الاثنين في حين تتخوف الأسواق العالمية من تضخم وتباطؤ اقتصادي عالمي. واقترب سعر برميل خام برنت بحر الشمال من 140 دولارا مساء الأحد ودنا من مستواه القياسي البالغ 147.50 والمسجل في يوليو/تموز من العام 2008. وبعد انخفاضها بأكثر من 4 بالمئة صباحا، تراجعت خسائر البورصات الأوروبية على خلفية الجولة الجديدة من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا. وقرابة الساعة 12:30 بتوقيت غرينيتش، تراجعت بورصة فرانكفورت بنسبة 1.31 بالمئة وباريس 0.86 بالمئة وميلانو 0.24 بالمئة، في حين تراجعت بورصة لندن 0.43 بالمئة. وفي نيويورك، تراجعت العقود الآجلة للمؤشرات الثلاثة الرئيسية 0.6 بالمئة. كما تراجعت الأسواق الآسيوية ما بين 2 بالمئة و3 بالمئة. وعلى العكس، يتم التوجه إلى الملاذات الآمنة، فقد تجاوز سعر اونصة الذهب لفترة وجيزة 2000 دولار، في سابقة منذ أغسطس/اب 2020 ليصل إلى 1985 دولارا للاونصة (+0.73 بالمئة) قرابة الساعة 12:30 بتوقيت غرينيتش. وارتفع الدولار بنسبة 0:45 بالمئة أمام اليورو. وازاء تفاقم الوضع في أوكرانيا، تنوي الولايات المتحدة حظر الواردات من النفط الروسي وهو احتمال قيد الدرس مع الاتحاد الأوروبي. من جهتها، تعارض ألمانيا فرض حظر على الغاز والنفط والفحم من روسيا. وقال يوشن ستانزل من سي ام سي ماركت "لقد أدى التهديد بالعقوبات إلى اختفاء كل النفط الروسي تقريبا من السوق العالمية أو 7 بالمئة من العرض العالمي". وقالت المحللة سوزانا ستريتر إن العقوبات المفروضة على صادرات النفط الروسية سيكون لها "تأثير ارتدادي على الاقتصادات" الأوروبية ما يخفض العرض في السوق العالمية ويزيد أسعار الصناعات ويجعل ارتفاع كلفة المعيشة أكثر إيلاما". وحذر صندوق النقد الدولي من جهته من أن العقوبات على روسيا سيكون لها "تأثير كبير" على الاقتصاد العالمي و "آثار جانبية على دول أخرى". وقرابة الساعة 12:35 بتوقيت غرينيتش ارتفع سعر برميل غرب تكساس الوسيط بنسبة 6.34 بالمئة ليصل إلى 123 دولارا وبرميل برنت بحر الشمال 5.60 بالمئة مسجلا 124.73 دولارا. كما ارتفعت أسعار الغاز بشكل كبير وقفز سعره الأوروبي 50 بالمئة إلى أكثر من 345 يورو لكل ميغاوات/ساعة. واستمرت أسعار المعادن في الارتفاع، حيث تجاوز الألمنيوم عتبة 4000 دولار للطن للمرة الأولى ووصل النحاس إلى مستوى تاريخي جديد. كما ارتفع سعر القمح بأكثر من 13 بالمئة ليصل إلى 446 يورو للطن في السوق الأوروبية. وقال مايكل هيوسن المحلل لدى سي ام سي ماركت "في حين أصبحت آفاق النمو الاقتصادي قاتمة، فإن التضخم أسوأ لأن أسعار الطاقة والمواد الأولية الزراعية ارتفعت بشكل كبير منذ مطلع العام وهذا المزيج السلبي يطرح مشكلة كبيرة للبنوك المركزية". بدء من البنك المركزي الأوروبي الذي سيجتمع الخميس. وفقا لفينسنت بوي المحلل لدى اجي فرانس، يمكن للبنك المركزي الأوروبي أن يكون أكثر تشددا في سياسته النقدية "لمواجهة التضخم وأيضا لوقف هبوط اليورو مقابل الدولار". أما في سوق الصرف فتراجع اليورو بـ1 بالمئة أمام الدولار. وقرابة الساعة 12:30 بتوقيت غرينيتش سجل 1.0881 دولار (-0.48 بالمئة). كما تراجعت العملة الروسية بنسبة 11 بالمئة بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى تاريخي لها. منذ الأول من يناير/كانون الثاني وانخفض الروبل بـ45 بالمئة. وعلقت فيزا وماستركارد وأميركان اكسبرس عملياتها في روسيا. كما تأثر قطاع صناعة السيارات، ففي باريس تراجع سهم رينو -4.11 بالمئة وستيلانتس -15.89 بالمئة ولديهما مصانع في روسيا. وفي فرانكفورت تراجعت أسهم بي ام دبليو 3.91 بالمئة وفولكسفاغن 4.9 بالمئة. وفي قطاع السياحة تراجع سهم ا.اي.جي الشركة الأم لبريتيش ايرويز 5.47 بالمئة وايزي جات 7.57 بالمئة وتوي في لندن 8.74 بالمئة.
مشاركة :