أجرى السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند مساء السبت محادثات مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا ورئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة حول كيفية تهدئة التوترات، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء السياسيين. ويخيم التوتر على العاصمة طرابلس، حيث أرخت الأزمة الناجمة عن رفض الدبيبة تسليم السلطة لرئيس الحكومة الجديد باشاغا بظلالها الكثيفة. وتتصاعد المخاوف في ليبيا من نشوب حرب أهلية، خاصة مع تصعيد الدبيبة عسكريا في العاصمة طرابلس، بعد إصداره أوامر للميليشيات الموالية له بالتأهب، محذرا كل الوحدات والتشكيلات العسكرية من تحرك أي أرتال لسيارات مسلحة أو عسكرية أو شبه عسكرية دون إذن منه، كما أصدر تعليماته لرئيسي جهاز الأمن الداخلي والمخابرات العامـة بضبط وزراء الحكومة الجديدة. وأوضحت السفارة الأميركية أن اتصال نورلاند بكل من الدبيبة وباشاغا جاء "في سياق التوترات السياسية المستمرة في ليبيا"، وأن السفير أكد ثقته في رغبة كلا القياديين في تجنّب تصعيد العنف، وشجعهما على النظر في السبل التي يمكن من خلالها إدارة شؤون البلاد في وقت تُبذل فيه جهود، بتيسير من الأمم المتحدة، لاستعادة الزخم بسرعة نحو الانتخابات البرلمانية والرئاسية. ونقلت السفارة عن نورلاند في تغريدة على حسابها الرسمي السبت قوله "لقد شجعني سماع التزامهما المتبادل بإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن. وهذه قرارات لا يمكن أن يتخذها إلا الليبيون، لكنهم يحظون بدعمنا الكامل للتوصّل إلى حلول سلمية". كما بحث نورلاند مع عقيلة صالح سبل تهدئة التوترات وتجنب العنف واستعادة الزخم للانتخابات البرلمانية والرئاسية في أقرب وقت ممكن. ونقل حساب السفارة الأميركية عن نورلاند ترحيبه بالتزام عقيلة صالح بالانخراط مع جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق سريع على أساس دستوري، وتأكيده الدور الحاسم للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات. ودافع صالح خلال مكالمة هاتفية تلقاها من سفيرة المملكة المتحدة لدى ليبيا كارولاين هرندل، عن قانونية الإجراءات المتخذة بين مجلسي النواب والدولة في إجراء التعديل الدستوري الثاني عشر واختيار رئيس حكومة جديد. وصوت مجلس النواب الثلاثاء الماضي بمنح الثقة للتشكيلة الوزارية التي قدمها باشاغا، لكن حكومة الدبيبة أكدت استمرارها "في أعمالها بشكل اعتيادي"، وأنها "ستستمر في مبادرتها لإجراء الانتخابات خلال شهر يونيو المقبل"، لاختيار سلطة تشريعية وقواعد دستورية جديدة، وفق المدد القانونية التي تضمنها اتفاق جنيف. وأعربت المستشارة الأممية الخاصة في ليبيا ستيفاني ويليام السبت عن انزعاجها إزاء انتقاد مسؤولين ليبيين مبادرتها، التي أعلنتها بهدف احتواء الأزمة بالبلاد. جاء ذلك بعد تصريحات منفصلة لنواب ليبيين السبت، منهم سعيد امغيب وعيسى العريبي وعبدالمنعم العرفي، إضافة إلى مندوب البلاد السابق لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي، ورئيس لجنة خارطة الطريق بمجلس الدولة محمد تكالة، عارضوا فيها مبادرة ويليامز واعتبر بعضهم أنها تمثل "قفزا على التعديل الثاني عشر للإعلان الدستوري" و"تمهد لانقسام بالبلاد". وينص التعديل الثاني عشر من المادة الثلاثين من الإعلان الدستوري الذي نال ثقة البرلمان في فبراير الماضي، على أن تُشكل لجنة خبراء من 24 شخصا يتم اختيارهم مناصفة بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، لتتولى مراجعة المواد محل الخلاف في مسودة الدستور المنجز وإجراء التعديلات خلال 45 يوما. ثم يحال مشروع الدستور المعدل مباشرة إلى المفوضية العليا للانتخابات للاستفتاء عليه، وإذا تعذر إجراء التعديلات بعد انتهاء هذه المدة، تتولى لجنة مشكلة من مجلسي النواب والأعلى للدولة خلال شهر إعداد قاعدة دستورية وقوانين انتخابية ملزمة. وقالت ويليامز عبر حسابها على تويتر إنها تتابع "بأسف الحملات الإعلامية التي تستهدف الجهود الرامية إلى إنهاء حالة التشظي والانقسام في ليبيا". وأضافت "أريد التأكيد أنني أقف في صف الملايين من الليبيين الراغبين في تغيير هذا الواقع غير المقبول، وتجديد شرعية المؤسسات عبر صناديق الاقتراع". وأوضحت أن "المبادرة التي أطلقتها تهدف إلى تفعيل وتثبيت التوافق الذي حدث بين مجلسي النواب والأعلى للدولة من خلال لجنتي خارطة الطريق". وتابعت "المبادرة نابعة من حرصي الشديد على مساندة الليبيين في مسعاهم لإنهاء شبح الانقسام وبناء توافق حقيقي ومتين، من أجل إعداد قاعدة دستورية تمكن من إجراء الانتخابات في أقرب وقت". والجمعة، أطلقت المستشارة الأممية مبادرة دعت فيها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة الليبيين إلى "اختيار ستة ممثلين عن كل منهما، لتشكيل لجنة معنية بوضع قاعدة دستورية تقود البلاد إلى الانتخابات". ولاقت المبادرة ترحيب المجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة والحكومة الجديدة برئاسة باشاغا وجهات دولية واسعة. وجاءت المبادرة الأممية بعد تصاعد المخاوف من انزلاق البلاد مرة أخرى إلى الانقسام السياسي أو الحرب الأهلية، بعد تنصيب مجلس النواب باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة بدلا من حكومة الدبيبة المنتهية ولايتها.
مشاركة :