تحمل سلسلة الاجتماعات التي عقدها رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة مساء الأحد، سواء مع القيادات الأمنية أو مع السفير التركي لدى ليبيا أو مع وزرائه الذين دعاهم إلى الاستمرار في ممارسة مهامهم، عدة رسائل من بينها أن الرجل يسعى إلى تثبيت أركان سلطته والتصدي لأي محاولة لافتكاها. وعقد الدبيبة اجتماعا أمنيا مع رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد، ومدير إدارة الاستخبارات العسكرية آمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة الجويلي. ونشر المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية صورة للدبيبة في مكتبه بمقر رئاسة الوزراء في طرابلس مع الحداد والجويلي، ولم يكشف أي تفاصيل بشأن الاجتماع. ونقلت وسائل إعلام ليبية عن مصدر لم تكشف عن هويته قوله إن "الاجتماع، الذي أشرف عليه الدبيبة باعتباره وزيرا للدفاع، خُصص فقط لمناقشة التحديات والصعوبات القائمة، بعد منح البرلمان الثقة لحكومة جديدة"، في إشارة إلى حكومة فتحي باشاغا. وأضاف المصدر أن "الدبيبة أعطى أوامره للتصدي لأي محاولة لافتكاك مقار حكومية، في حال مضي الحكومة الجديدة في قرارها بالدخول إلى العاصمة الليبية طرابلس لتولي السلطة". وأكد أن العاصمة الليبية تشهد حالة استنفار، مشيرا إلى أن أوامر واضحة أعطيت للوحدات الأمنية والعسكرية لرفع درجات التأهب، خلال هذه الأيام، التي أعقبت منح البرلمان الثقة لحكومة باشاغا. وتشهد ليبيا ضبابية متزايدة في الأفق السياسي، في وقت يستعد فيه رئيس الحكومة الجديدة فتحي باشاغا لدخول العاصمة طرابلس لاستلام السلطة، عقب أداء معظم أعضاء حكومته اليمين الدستورية. وأدى أعضاء حكومة باشاغا اليمين الدستورية أمام مجلس النواب داخل مقره في طبرق شرق البلاد في غياب وزراء، منهم من تم احتجازهم وإطلاق سراحهم لاحقا. وقال باشاغا بعد أداء اليمين إن حكومته ستدرس كافة الخيارات والتدابير اللازمة لاستلام السلطة في طرابلس، "بقوة القانون وليس بقانون القوة". وضمن سلسلة اجتماعاته، بحث الدبيبة مساء الأحد مع السفير التركي لدى طرابلس كنعان يلماز التطورات السياسية ومستجدات العملية الانتخابية الليبية. ووفق المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة الليبية، في بيان، عقد الدبيبة ويلماز لقاء في مقر رئاسة الوزراء الليبية، بحثا خلاله "العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها". كما تناولا "التطورات السياسية ومستجدات العملية الانتخابية الليبية"، وفق البيان من دون تفاصيل. ويرى مراقبون أن الدبيبة يسعى من وراء هذا الاجتماع إلى دعم تركي واضح لحكومته، بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه تربطه بالدبيبة وباشاغا علاقات جيدة. ويأتي لقاء الدبيبة والسفير التركي عقب اجتماع لمجلس وزراء حكومته الذين طالبهم بالاستمرار في مهامهم، وعدم الالتفات إلى الشائعات وتجنب "القرارات الرعناء". وجدد الدبيبة في كلمته خلال اجتماع مجلس الوزراء التأكيد على أن حكومة الوحدة الوطنية لن تسلم السلطة إلا لحكومة مكلفة من قبل برلمان جديد منتخب من الشعب الليبي، في رده على تكليف حكومة جديدة من مجلس النواب برئاسة باشاغا. وتتصاعد مخاوف من انزلاق البلاد مرة أخرى إلى انقسام سياسي أو حرب أهلية، بعد أن نصّب مجلس النواب في طبرق (شرق) باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة، بدلا عن حكومة الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة، وذلك في ظل تحشيد لكتائب مسلحة تدعم كلا منهما. وفي كلمة له بافتتاح اجتماع لمجلس الوزراء في العاصمة طرابلس، طالب الدبيبة وزراءه بـ"عدم الالتفات إلى الشائعات التي يجري ترويجها، واتخاذ قراراتهم بجرأة وشجاعة"، وفق وكالة الأنباء الليبية الرسمية. ووجه باشاغا الخميس خطابا إلى مؤسسات الدولة والجهات الرقابية والقضائية، أمرهم من خلاله "بعدم الاعتداد بأي قرارات صادرة عن حكومة الوحدة"، التي وصفها بـ"منتهية الولاية". واتهم الدبيبة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) بـ"محاولة خلط الأوراق للتمديد لولايتهم مرة أخرى، من خلال فرض واقع سياسي جديد، بدءا بإغلاق المحكمة الدستورية، ثم محاولة فرض حكومة موازية رغم عدم توافق كافة الأطراف". وأكد أن خارطة الطريق لحكومته "ما زالت قائمة، وحكومة الوحدة لها خلال هذه الفترة كامل الشرعية المنبثقة عن اتفاقات جنيف والحوار السياسي ومؤتمر باريس والمجتمع الدولي ومجلس الأمن". وذكّر الدبيبة بأنه قدم "مقترحا لإيجاد مخرج سياسي للأزمة المتصاعدة، يقضي بإجراء انتخابات برلمانية أولا نهاية يونيو المقبل، وفق أي من قانوني انتخابات مجلس النواب لسنة 2014 أو قانون المؤتمر الوطني العام لسنة 2012، استجابة لمطالب الشعب". وتابع أن "الانتخابات الرئاسية والدستور يجري إقرارهما بعد انتخاب برلمان جديد"، مرحبا بـ"أي خطوة تعجّل بإجراء الانتخابات البرلمانية". كما رحب بمقترح الأمم المتحدة بشأن تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة لإيجاد قاعدة دستورية تمهد للانتخابات. وأشار إلى أن هناك تأييدا على المستوى الدولي لموقف حكومته الرافض للمراحل الانتقالية والمطالب بالانتخابات، وهو ما أبلغه به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والاتحاد الأوروبي وعدد من رؤساء الدول والحكومات الصديقة. ويأمل الليبيون في إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، في محاولة لإنهاء نزاع مسلح عانى منه لسنوات بلدهم الغني بالنفط.
مشاركة :