فنان تشكيلي عماني يخوض رحلة بين الماضي والحاضر

  • 3/8/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سار الفنان العماني القديم يتحاور مع فن المنمنمات والزخارف الإسلامي العريق في الكثير من الأعمال التي أنتجها والتي عبرت بقوة عن النهضة الفنية العمانية الإسلامية آنذاك. لقد شكلت تلك الابتكارات الفنية الزخرفية وجماليات الخط العربي اهتماما واسعا لدى الفنانين المعاصرين سواء كانوا من المسلمين أو غيرهم، فأقدموا على طرحها في تشكيلات وتوزيعات فنية وجمالية بأساليب معاصرة حديثة البناء والتكوين، ومن ضمن هؤلاء الفنان التشكيلي جمعة الحارثي الذي اعتمد على هذه المنمنمات الزخرفية في أسلوبه الفني واتخذ من الخط العربي داعما مساندا لإبداعاته الفنية وجذب أبصارنا بل ومشاعرنا إلى رحلته الجمالية بين الماضي والحاضر ومنح قطعه الفنية قدرات تعبيرية توازنت مع تيارات الحداثة والاتكاء على المتغيرات الجمالية التي أبدعها الفنان العربي المسلم منذ نشأة الفن الإسلامي. الفن الإسلامي مزج جمالي بين هدوء الماضي وصخب الحاضر مزج جمالي بين هدوء الماضي وصخب الحاضر تأتي تجربة الفنان جمعة الحارثي لتسبر أغوار جماليات مغايرة مع الزخارف والرموز التي اعتمدها والخط العربي كمفردات فنية أساسية في أعماله وقدمها بأساليب بصرية متنوعة. وفي ما يتعلق بالمحطات التجريبية والدوافع الفكرية التي قادته إلى اعتماد أسلوب التزاويق الزخرفية والخط العربي في أعماله الفنية يشير الحارثي إلى أن التأثير الفني الشرقي واضح في فن العمارة وفن الديكور والفنون التشكيلية الأخرى، ويضيف “هذا ما نجده الآن في أرض الواقع في الغرب خصوصا الفنون المعمارية وتأثر الفنان الغربي بها، لذلك نجد أن الفن الإسلامي لم يأت من فراغ وكأنه عابر لا تأثير فيه، بل جاء في أفكار الحضارات السابقة وهو جزء من الفكر الإنساني والتصميم الحضاري والتقدم الاجتماعي”. الفنان يعتمد على فن المنمنمات الزخرفية في أسلوبه الفني ويتخذ من الخط العربي داعما مساندا لإبداعاته الفنية ويبين أن “الوطن العربي تشربت العديد من الحضارات من ينابيعه الفكرية، ولم يكن ممكنا أن يصل العالم في يوم من الأيام إلى هذا المستوى الحضاري لولا ظهور الإسلام ومنه الثقافة الحضارية، نعم لقد فقدنا الكثير من ثقافتنا المعروفة في بلادنا والدول الإسلامية الأخرى بسبب الإهمال من ناحية وضعف العلم بالشيء من جهة أخرى ونسينا الكثير من مطالب الحضارة الإسلامية”. ويضيف “من يعرف الفن الإسلامي يعرف الإسلام كما يجب ويعرف أن الإسلام لم يتخلّ عن أي تقدم حضاري واجتماعي وإنساني، لم يأت الإسلام للتخلف كما يشاع عند البعض، بل جاء لنشر الدين مع الحضارة والثقافة والعلم والتقدم الاجتماعي في كل متطلبات الحياة، جاء لكل زمان ومكان”. ويتطرق الحارثي إلى نطاق الطرز الإسلامية ومفاهيمها، وما يقوم به من استناد في ما يتعلق بالزخرفية، مرورا بالمشاهدات الحية للوحدات والعناصر الزخرفية التي اعتمد عليها الفنان العماني قديماً في تزيين الحصون والقلاع والسفن والبيوت والأدوات المعيشية وغيرها، وهنا يقول الحارثي “الاستناد دائما بالنسبة إلي يعتمد على الإثنين، المشاهدات الحية للعناصر الزخرفية والتي تزين القلاع والحصون والبيوت والمساجد الأثرية، لأن سلطنة عُمان تمتلك إرثا عظيما جدا أوجده لنا الأجداد في العمارة العمانية، وهذا نابع من أساسه من الفن الإسلامي والذي لا زلنا في بدايات البحث والتقصي حوله، وكذلك الكتب الفنية الإسلامية التي نقلت لنا فن الزخرفة والخطوط والمعمار في الدول الإسلامية الأخرى كالثقافة الأندلسية والمصرية والفارسية والعثمانية”. إقبال أجنبي لكل لوحة فكرة ودلالة رمزية لكل لوحة فكرة ودلالة رمزية في ما يتعلق بالأثر الذي أسبغه الفن المعماري العماني على النتاج التشكيلي الحديث بسلطنة عمان، وما إذا نجح الفنان العماني المعاصر في تقديمه بالشكل الواقعي، يقول الحارثي إن “الأثر الذي أوجده الفن المعماري العماني على الفنان من وجهة نظري ضعيف نوعا ما، وطبعا هناك عوامل كثيرة وراء ذلك، منها قلّة الاهتمام الرسمي وكذلك التسويق الثقافي، وبالتالي ضعف الإقبال من قبل العامة على هكذا فنون، وهي حلقه متصلة مع قلة الاهتمام الإعلامي في هذا الجانب ناهيك عن أن الجامعات والكليات التي تدرس الفنون أهملت الجانب الثقافي الإسلامي إلا في ما ندر، لذا لا بد من توصية الطلبة بالبحث فن الفنون الإسلامية وإفراد مادة خاصة تعنى بالفن الإسلامي في عُمان”. وينتقل الحارثي إلى التقنية واستخدامها في الاشتغال على الفن وإيصاله إلى المتلقي وقت جائحة كورونا وما إذا أثر الإغلاق على سير التجربة الفنية التشكيلية في سلطنة عمان بشكل كبير، وهنا يشير “بالنسبة إلى الفنان أعتقد أن الإغلاق أثر عليه فقط من ناحية التسويق لأعماله الفنية، ولكن في العموم لقد استغل هذا الإغلاق للعمل الفردي وإنتاج أعمال، وكذلك محاولة عرض تجاربه من خلال منصات التواصل الاجتماعي بينما الجهات الرسمية هي من توقفت، وأعني هنا الجمعية والمرسم خصوصا في بلادنا، إذ توقف النشاط الثقافي لأسباب معروفه في عام 2020 ولكن ما بعد هذا العام لا نعرف الأسباب مع أن كثيرا من الدول المجاورة استمرت أنشطتها الفنية دون توقف”. الفن الإسلامي لم يأت من فراغ بل جاء في سياق أفكار الحضارات السابقة وهو جزء أساسي من الفكر والحضارة الإنسانية ونسأل الحارثي حول بعض الممارسات الفنية على المجسمات والكثير على السطوح المسندية وأيهما أقرب إليه في ما يخص الإنتاج التشكيلي، ليجيبنا بأن “جميع الممارسات ممتعه بالنسبة إلي لأنه بدون المتعة لا يمكن الإنجاز بالشكل المطلوب، والمتعة في الفن على أي شكل من الأشكال مجسمات وأسطح القماش، المتعة هنا كيفية إخراج العمل بجمالياته وقوته ومتعته بحيث يخرج إلى العامة بالشكل المطلوب، عندها تبدأ متعة الفنان عندما ينبهر الناس بالعمل”. وفي نهاية التطواف الفني يتحدث الحارثي عن مستوى إقبال الجمهور المحلي والدولي على هذا اللون من الفن، وحضور ثقافة الفن التشكيلي العماني كثقافة مجتمعية عامة، ويقول إن “الإقبال على هذا الفن جيد جدا بالنسبة إلى الجمهور الأجنبي بحكم المخزون الثقافي الفني لديهم خصوصا إقبالهم الجيد على الثقافة الإسلامية، بينما لدينا شيء من ضعف الثقافة الفنية، الحضور الثقافي المجتمعي لدينا في الحقيقة ضعيف جدا، وأنا هنا لا ألومهم لأن العرض ضعيف نوعا ما، بل ونادرا جدا، وكذلك الجهات الرسمية لدينا عندها شيء من العزوف وكذلك الثقافة الإعلامية تسليطها للضوء على الفن ضعيف جدا لأسباب عديدة”.

مشاركة :