قدمت المملكة للعالم أنموذجاً وتجربة في تعاملها مع تداعيات جائحة الموقف صحياً، واجتماعياً، واقتصادياً، واتسمت إدارة الأزمة في المملكة بالنهج التكاملي لمنظومة العمل الحكومي والأهلي والتطوعي، غايتها في المقام الأول المحافظة على الصحة العامة وفق المعايير المعتمدة، إلى جانب دعم جهود الدول والمنظمات الدولية وبالأخص منظمة الصحة العالمية لوقف انتشار الفيروس ومحاصرته والقضاء عليه، وأسهمت تجربة المملكة في مكافحة الجائحة، في رفع جاهزية المستشفيات، وإنشاء وحدات عزل منفصلة لأمراض الجهاز التنفسي مزودة بأنظمة تهوية مختصة لحماية الأطباء من العدوى، وتوقع خبراء اقتصاد أن يشهد الاقتصاد السعودي قفزات نوعية كبيرة بعد إقرار تخفيف الإجراءات الاحترازية المفروضة للحد من تفشي كورونا، التي من شأنها رفع مساهمته الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الاتجاه نحو أن يتولى الاقتصاد الكلي زمام تحقيق النمو المستدام. ويعد الاقتصاد السعودي من أسرع الاقتصادات التي استطاعت أن تتعافي من تداعيات الجائحة وفقاً للمؤشرات الدولية، حيث احتلت المملكة المرتبة الثانية عالمياً متساوية مع الصين في مؤشر نيكاي الياباني للتعافي من جائحة كوفيد 19 من بين 121 دولة، والمرتبة 13 من بين 184 دولة في مؤشر كوفيد العالمي GCI الذي تتبناه منظمة الصحة العالمية، كما أشارت التقارير لاستقرار ظروف العمل مع بداية النصف الثاني من 2021، وتحسن مؤشرات الطلبات الجديدة في الإنتاج والتوظيف ومخزون المشتريات، واستمرار تحقيق الميزان التجاري السعودي فائضاً خلال يونيو 2021، وبلغ قدره 38.69 مليار ريال، الذي يعد الأعلى في 17 شهرا، وبذلك يرتفع منذ بداية العام إلى 170.7 مليار ريال، كما تشير نتائج تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لإجمالي العام 2020م إلى نموه بحوالي 20%، كما انخفض معدل البطالة مع نهاية الربع الأول لعام 2021م ليبلغ 11.7% بعد أن كان 12.6% في نهاية الربع الرابع لعام 2020. وفي هذا الشأن قال الاقتصادي د. عقيل بن كدسة، تم ازالة معظم الاجراءات الاحترازية لمكافحة انتشار كوفيد-19، خصوصًا تلك التي تؤثر سلبًا على المشاريع الاقتصادية. وأشار بن كدسة، بعد عودة الأوضاع لوضعها الطبيعي، فإن لذلك تأثير ايجابي كبير على الاقتصاد السعودي الكُلي، اذ سيكون ذلك محفز لكثير من المستهلكين في العودة لنظام الحياة الطبيعي الذي تعودوا عليه قبل 2020. وفيما يتعلق بأصحاب المشاريع نوه بن كدسة، الكثير من تلك المشاريع ستعود للطاقة الاستيعابية الكاملة لمشاريعهم مما يعني استقبال الكثير من العملاء، وكذلك في التوسّع في المشاريع طالما وأن السوق يستوعب هذا التوسّع، ومن منظور الراغبين في الاستثمار، فقد أصبح السوق يتسع للمزيد من المستثمرين الذين يرغبون في دخول السوق خصوصًا بعد تقلّص عدد من المشاريع وتضررها في فترة كورونا. ولفت بن كدسة، لدى المستهلكين الآن قدرة أكبر للسوق، وكذلك للمستثمرين الجدد للدخول للسوق، وذلك بعد أن تعلّم الكثير من الحرص على ايجاد القيمة المضافة للعميل لكي يُبقي على الطلب تحت أي ظروف، وكذلك أخذ الحيطة دائمًا والاستعداد لأي ظروف غير متوقعة، كل هذه الأنظمة والمتغيرات في العرض والطلب هي نقاط قوّة تُساعد على تنمية الاقتصاد السعودي الكلي الذي مازال في مراحل نمو مستمر بالرغم من الأزمة التي مرّ العالم بها. بدوره أوضح الاقتصادي د. فيصل بن سبعان، منذ وان تم الاعلان عن اول حالة كوفيد-19 في المملكة قبل سنتين وصدور الاوامر السامية بحضر التجول الجزئي ومن ثم الكلي والتي بدورها تضع صحة المواطن السعودي وكل مقيم على ارضها في المقام الاول، فجائحة كورونا خلّفت ورائها العديد من الاضرار الاقتصادية والاجتماعية، ولكن كما ذكرت سلفاً ان الاقتصاد السعودي مبنيٌ على اساسات صلبه مكّنته من تجاوز هذه الازمه بأقل الاضرار، وذلك لان الاقتصاد السعودي يؤثر ويتأثّر، ولكل جائحة بداية ونهاية، فقد أتى هذا اليوم الذي تنتهي فيه جائحة كورونا في المملكة وذلك بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بجهود وتوجيهات القيادة الرشيدة التي لم تتوان في بذل الغالي والنفيس من أجل صحة وسلامة المواطنين والمقيمين وذلك وفقا لما صدر من أوامر وتوجيها في اطار الاجراءات والاحترازات اللازمة للحد من انتشار هذه الجائحة والتي تفوقت بها المملكة وبكل اقتدار على كثير من دول العالم في التعامل والتصدي والتعايش مع هذا الفيروس المستجد. ونوه بن سبعان، لقد تعلمنا من جائحة كورونا الكثير من الدروس من أهمها التكيّف مع التغيرات التي تطرأ فجأه دون سابق انذار، وعلمتنا أيضاً ان اقتصاد المملكة مبنى على ركائز اقتصادية صلبه، وعلمتنا الجائحة اننا نعيش في وطن عظيم تحت ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الامين القائد الاستراتيجي الملهم الامير محمد بن سلمان حفظهم الله ورعاهم. وقادت المملكة العالم نحو التعافي الاقتصادي من تداعيات الجائحة من خلال رئاستها واستضافتها لأعمال قمة قادة دول مجموعة العشرين العام الماضي ودورها في إطلاق مبادرات عالمية للحد من الاثار السلبية الهائلة على اقتصادات الدول النامية والفقيرة حيث تم إقرار برنامج لدعم الجهود العالمية للتصدي لها بما قيمته 21 مليار دولار، والموافقة على اتخاذ تدابير استثنائية لدعم اقتصادات الدول النامية من خلال ضخ ما يزيد على 11 تريليون دولار لدعم الأفراد والشركات، إضافة إلى توسعة شبكات الحماية الاجتماعية. وتسليط الضوء على النجاحات التي حققتها المملكة اقصادياً على الصعيد العالمي والتطور الكبير في المنظومة التشريعية بإصدار أكثر من 770 إصلاحا كان لها الأثر البالغ في تحسين تنافسية بيئة الأعمال والبيئة الاستثمارية للمملكة، ومواصلة القطاع الخاص السعودي دوره وأداءه القوي كشريك فعال في عملية التنمية الشاملة وتحقيق رؤية المملكة 2030، ويعود ذلك للنمو القياسي الذي حققه القطاع الخاص غير النفطي بنسبة 11.1%، وهو النمو الأفضل له منذ عقد، حيث شهد القطاع الخاص الوطني تطوراً كبيراً في بيئة عمله وزيادة كبيرة في مشروعاته الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، إضافة إلى ارتفاع مساهمة صندوق الاستثمارات العامة في تعزيز مساهمة القطاع الخاص الوطني عبر إطلاق سلسلة من المشروعات العملاقة مثل إنشاء مدينة نيوم وإطلاق ذا لاين، وبدء تأسيس مشروعات عملاقة مثل آمالا، والبحر الأحمر، والقدية، وتروجينا نيوم، وتأسيس العديد من الشركات العملاقة لتنمية قطاعات اقتصادية تسهم في توسيع وتنويع القاعدة الاقتصادية وإطلاق قطاعات واعدة مثل السياحة والترفيه والرياضة والطاقة، فضلا عن برامج الدعم الكبيرة التي أطلقتها الدولة مع الرؤية لتحفيز نمو القطاع، التي من بينها برنامج تحفيز القطاع الخاص وتخصيص 200 مليار ريال لدعم القطاع الخاص بجانب دعم القطاع خلال فترة الجائحة، وتضاعف أعداد الشركات العاملة في قطاع الترفيه ليصل عددها إلى أكثر من 1000 شركة، والإعلان عن مشروعات عملاقة للمحافظة على البيئة وأحدثها مبادرتي "السعودية الخضراء" و "الشرق الأوسط الأخضر"، وتضَاعُف أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال، وارتفاع عدد المصانع بنسبة 38% ليصبح 9,984 مصنعًا، والتوسع في تغطية شبكة الألياف الضوئية حيث غُطي 3.5 ملايين منزل في المناطق الحضرية بشبكات الألياف الضوئية في عام 2020. د. فيصل بن سبعان د. عقيل بن كدسة
مشاركة :